شعار قسم مدونات

المجلس الوطني ومستوى الإجماع عليه

blogs منظمة التحرير الفلسطينية

منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الجامع الذي يجمع الكل الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهي من يمثل الفلسطينيين في المحافل الدولية وأمام الجهات المختصة. مرت المنظمة في كثير من المراحل التي أثرت على كونها جامعة وشاملة للفلسطينيين، وهذا التأثير أدى لأن تتراجع المنظمة عن الكثير من اختصاصاتها وأهدافها ومستوى تمثيلها للشعب الفلسطيني ومن أبرز المراحل التي أثرت بذلك هي:

* مرحلة الانتفاضة الأولى والتي برزت من خلالها فصائل عمل وطني إسلامية الأيدلوجية كحركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة الجهاد الإسلامي اللتان أصبح لهما رصيد شعبي كبير وبنسبة عالية جداً.

* مرحلة ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو وما نتج عنها من اعتراف المنظمة بما يسمى إسرائيل وإنشاء السلطة الفلسطينية وعودتها إلى أرض الوطن.

* مرحلة الانتفاضة الثانية (الأقصى) وفيها بدأ يظهر ضعف السلطة الفلسطينية وعدم سيطرتها على الداخل، وبرزت فصائل فلسطينية عدة واندثرت فصائل أخرى.

حركة فتح باتت تسيطر على جميع فصائل منظمة التحرير التي أصبحت فعلياً دون أي تواجد في العمل الوطني سواء في الداخل أو الخارج فبعض تلك الفصائل أصبح لا يعرف منها إلا اسمها وجميعها تخدم أجندة وبرامج حركة فتح، وفي ظل سيطرت السلطة الفلسطينية على فتح ومؤسساتها تكون هي المتحكمة والمتنفذة في مؤسسات المنظمة وقراراتها وموازناتها، وبالتالي أصبحت المنظمة فاقدة لقدرتها على التأثير وتمثيلها ضعيف أو بعبارة أدق لا تمثل الكل الفلسطيني في ظل المعطيات التالية:

السلطة الفلسطينية وحركة فتح تصر على انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله رغم معارضة الكثير من أعضائه ورفض لفصائل كبيرة غير ممثلة فيه فهل يعني ذلك التفرد بالقرار الفلسطيني

أولاً: فتح التنظيم الأكبر في المنظمة أصبح اليوم غير موحد وليس فيه إجماع على القيادة في ظل وجود تيار يقوده النائب محمد دحلان وسيطرة بعض قيادات السلطة على القرار الفتحاوي.

ثانياً: بعض الفصائل الفلسطينية التي كانت لها تأثير عند إنشاء المنظمة ولها دور كبير في النضال الفلسطيني قبل عقود اليوم غير فاعلة وحجم وجودها في الساحة الفلسطينية يكاد يكون معدوم مثل حزب الشعب والجبهات الديمقراطية والنضال والتحرير العربية والتحرير الفلسطيني والشعبية القيادة العامة وحزب فدا والصاعقة وهي ممثلة في المجلس الوطني الفلسطيني.

ثالثاً: بروز فصائل كبيرة ولها تواجدها في الساحة الفلسطينية الداخلية والخارجية وتؤثر في المشهد الفلسطيني مثل حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وبعض الحركات الصغيرة وهي غير منضوية تحت مظلة المنظمة وليس لها تمثيل في مجلسها الوطني.

رابعا: المستقلين الممثلين في المجلس الوطني الذين يمثلون نسبة كبيرة من الأعضاء في أغلبهم ينتمون بفكرهم ومرجعيتهم لحركة فتح أو تسيطر على قراراتهم.

السلطة الفلسطينية وحركة فتح تصر على انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله رغم معارضة الكثير من أعضائه ورفض لفصائل كبيرة غير ممثلة فيه فهل يعني ذلك التفرد بالقرار الفلسطيني في ظل المعطيات السابقة وهل المنظمة اليوم ومجلسها يمثل الإجماع الفلسطيني؟ أعتقد أن الجواب مطلقاً لا يمثل في ظل المعطيات السابقة الذكر، فالمجلس يحتاج إلى إعادة النظر في تمثيله فلكي يكون جامع لجميع فصائل العمل الوطني يجب أن يعقد بترتيبات تُسهم في لم الشمل الفلسطيني وتجمع الجميع تحت مظلته بحيث يكون انعقاده بشكل يمَكِن الجميع من المشاركة في انعقاده ويكون لانتخاب أعضائه شكل يمكن من أخذ كل طرف ومؤسسة حقها في التمثيل الحقيقي له على الساحة الفلسطينية.

 المجلس الوطني لم يعد ممثل الوطن لعدم تمثيل جميع الفصائل والهيئات والاتحادات بشكل صحيح، وذلك يفقده شرعيته
 المجلس الوطني لم يعد ممثل الوطن لعدم تمثيل جميع الفصائل والهيئات والاتحادات بشكل صحيح، وذلك يفقده شرعيته
 

لكن الواضح من تصرفات وإصرار حركة فتح على انعقاده في ظل هذه الأوضاع والمعطيات السابقة والمكان الذي سينعقد فيه برام الله أنها لا ترغب بأن يعاد تشكيل المنظمة بشكل جديد لأنها مدركة أنها لن تكون صاحبة الكلمة الفصل في المجلس وسيسحب البساط من تحت أقدامها وسيعاد النظر في شرعية مشروعها الوطني الذي لا يوجد اجماع عليه والذي تأخذ شرعيته من شرعية المنظمة، لذلك لن تقبل أن تُجرى انتخابات لمنظمة التحرير الفلسطينية لاختيار مجلس وطني جديد.

إذاً اليوم المجلس الوطني لم يعد ممثل الوطن لعدم تمثيل جميع الفصائل والهيئات والاتحادات بشكل صحيح، وذلك يفقده شرعيته مما ينعكس على المشروع الوطني ومفهوم الشرعية الوطنية التي تمثله حركة فتح وتأخذ المنظمة مظلة لتمريره. فالمنظمة تحتاج إلى إعادة تشكيل مجلسها حتى تعود كما أسست حاضنة للشعب والكل الفلسطيني وتحقق أهدافها التي أنشأت من أجلها، وتمثل الفلسطينيين في الداخل والخارج.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.