شعار قسم مدونات

هل أنت راض؟

blogs الدعاء

هل أنت راض؟ سؤال عندما يطرح علينا نجيب كالتالي: نعم راض على كل ما وصلت إليه وما حققت من إنجازات وسعيد بوظيفتي وزواجي على ما يرام وأولادي على خير وراض أيضا على كل التحديات والعقبات التي تخطيتها بنجاح فلما لا أكون راضي، لكن في الحقيقة ليس هذا هو المعنى الفعلي للرضا والإجابة على السؤال ليس كما ورد، فكل ما ذكر في نظرنا إيجابيات وأشياء جميلة الكل يتمنى أن يحصل عليها والرضا عنها شيء مفروغ منه، أما الرضا الحقيقي هو حينما تقع في مصيبة كأن يتوفى أحد والديك أو أحد أبنائك أو أن تفقد وظيفتك وتصبح مفلسا أو تبتلى بمرض علاجه صعب وتكون بذلك راضيا على الفقد والإفلاس والمرض ومؤمنا لقضاء الله وقدره وحامدا على كل ما حصل لك صابرا دون تذمر، هذا ما يطلق عليه الرضا.

نعلم جميعا أنه من الصعب أن تتقبل وخصوصا الفقد كأن تفقد شخصا عزيزا دون أن تراه مرة أخرى، لكن الإيمان القوي بمشيئة الله قادر على أن يجعلك تتحمل كل مصيبة وتتقبلها على أنها كل خير.

 

الرضا هو قرين الحمد، فروتينك الممل بين العمل والبيت وأكلك الذي ترمي نصفه وملابسك التي تظنها أصبحت غير ملائمة لك ولون عينيك الذي لا يعجبك، صدقني كلها أمنيات أشخاص آخرين، فروتينك الممل بالنسبة له استقرار وأكلك الذي شبعت منه ورميته بالنسبة له وجبة متكاملة وملابسك التي تعتبرها رثة يتمناها في ليلة باردة لتدفئه ولون عينيك الذي لا يعجبك أمنية شخص أصيب بالعمى ولم تعد له القدرة على الرؤية .تعدد النعم التي نعيش فيها ونملكها لا يحصى والحمد والشكر عليها كلمتان لا يجب أن تفارق لساننا ما دمنا على قيد الحياة، التأمل في فقدان الأشخاص لأشياء نحن نملكها يكفي ليجعلنا تتشبث بها ونحافظ عليها ونحمده سبحانه عليها ليل نهار.

 

لا تنسوا أن تستأنسوا بكتابه عز وجل  ففيه شفاء للعالمين وهدوء للروح وسلامة نفسية لا متناهية
لا تنسوا أن تستأنسوا بكتابه عز وجل  ففيه شفاء للعالمين وهدوء للروح وسلامة نفسية لا متناهية
 

لا يكون الحمد والرضا كافيين لنشكره سبحانه على كرمه وفضله علينا، فالعبادة والشعور الدائم بأن الله معنا في كل لحظة من لحظات فرحنا وحزننا يحسسنا بالأمان والطمأنينة.

 

وأنا أكتب هذه الكلمات أخبرني صديق لي على موقع الفيسبوك أنه تعرض لحادث سيارة مميت في الفترة الماضية تسببت في موت صديقه وخلفت له كسور نتجت عنها عجز في المشي لمدة طويلة وكذلك تلف في الأحبال الصوتية أعاقه ذلك عن الكلام، وما أعجبني فعلا هو أنه شخص راض وحامد وشاكر لله على كل ما هو عليه، رغم أنني لا أعرفه جيدا لكن تحس هكذا من كلامه أنه راض ولا يشكو من حالته إلا لله ولا يخلو حديثه من الحمد لله، هذا هو الرضا الذي حدثتكم عنه، أتمنى من الله له الشفاء والعافية العاجلين والرضا الدائم.

 
الرضا والإيمان الخالص بالقضاء والقدر يولدان الطمأنينة والراحة النفسية والهدوء الروحي وبذلك تعبنا ومشاكلنا تزول حينها، لا تلجؤوا لأحد وأنتم في أسوأ حالاتكم ولا تشكوا بتذمر والجؤوا له وحده سبحانه فهو الذي يعلم ما في الصدور ولا تيأسوا فالله رحيم بالعباد ورحمته تسعك وأنت عاص بعدما تتوب فلما لا تسعك وأنت في رحمته طامع وفي سؤاله دائم، ولا تنسوا أن تستأنسوا بكتابه ففيه شفاء للعالمين وهدوء للروح وسلامة نفسية لا متناهية، دمتم في حفظ الله ورعايته ودمتم مطمئنين راضين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.