شعار قسم مدونات

مياه الصرف الصحي حل فعال لشح المياه

blogs ري الأراضي الززراعية

يشهد العالم اليوم طلبا متزايدا على الماء كمورد ضروري للحياة والاستمرارية، ويعتبر موردا اقتصاديا عند الدول التي يعتمد اقتصادها على الفلاحة بالدرجة الأولى بما في ذلك الدول النامية، بحيث تعتبر الفلاحة فيها كأول قطاع اقتصادي مستهلك للماء، الأمر الذي يضع هذه الدول في تحدي وبحث مستمر لإيجاد مورد مائي دائم وبديل يوقف الاستنزاف والضغط على الموارد المائية الطبيعية خصوصا في المناطق ذات المناخ الجاف وشبه الجاف والتي تعاني من نقص في التساقطات المطرية وارتفاع في درجات الحرارة.

في تقرير لجنة الأمم المتحدة للموارد المائية هذه السنة فإن الاستخدام العالمي للمياه زاد ست مرات على مدى السنوات المائة الماضية. وهو ينمو باطراد بمعدل 1 بالمئة سنوياً بسبب النمو السكاني والتنمية الاقتصادية وتغير أنماط الاستهلاك. ورغم ان مقدار الموارد المائية محدود إلا أن هناك تزايدا في الطلب عليه إما لأغراض فلاحية أو بهدف توليد الطاقة بالإضافة طبعا للاستخدامات المنزلية وغيرها.

في المقابل يوجد هناك الكثير من المياه الملوثة والعادمة الناتجة عن استعمالاتنا اليومية والمنزلية والزراعية والصناعية.. والتي في الغالب ما يتخلص منها عبر صبها في الطبيعة وحتى دون معالجة، الأمر الذي له آثار جسيمة وسلبية على الإنسان والبيئة، تصور أن تصب هذه المياه في البحر أو النهر أو حتى في التربة.. تخيل حجم الضرر الممكن حدوثه حينها.

تخرج المياه بعد معالجتها عبر أنابيب بها ثقوب على امتداد الأراضي المراد سقيها وتعتبر طريقة السقي هذه الأكثر حفاظا على الماء من الضياع والتبذير

إن المياه الملوثة تمتص من قبل التربة فتأثر على خصوبتها كما قد تصل للمياه الجوفية فتلوثها وبالتالي تتلوث مياه الآبار في هذه المنطقة ان وجدت، الأمر الذي يسبب أمراضا وأوبئة تأثر على صحة الإنسان ومن أبرزها التيفوئيد والكوليرا والإسهال الحاد والمعدي والتي قد تؤدي به في الأغلب إلى الوفاة. كما أن رمي المياه العادمة في مياه البحر يعكر صفو الحياة البحرية ويتسبب في موت وانقراض بعض الكائنات به.

هذا دون أن ننسى الذكر إن بعض المناطق الفقيرة لا تتوفر أصلا على مرافق للصرف الصحي وأن هنالك من يشربون مياه عادمة وآخرون يستعملونها في سقي أراضيهم الفلاحية. تحتوي هذه المياه على مواد سامة ونفايات وبراز وكمية هائلة من البكتيريات والفيروسات. ويستعملها هؤلاء في ظل عدم وجود بديل بغض النظر عن مخاطرها على الإنسان والبيئة على حد السواء. إذن نحن أمام عدة صعوبات، من جهة هناك ضغط مرتفع على الموارد المائية مما يؤدي إلى تناقصها فندرتها مع تزايد الطلب على المنتجات الفلاحية والزراعية، ومن جهة أخرى هناك ارتفاع في نسبة المياه العادمة أو مياه الصرف الصحي الناتجة عن ازدياد النمو الديموغرافي للساكنة.

فكلما زاد النمو الديموغرافي زادت نسبة المياه العادمة أو مياه الصرف الصحي المطروحة وفي ظل ما تسببه من اضرار بيئية فنحن بصدد مشكلة بيئية حقيقية توجب البحث عن حل. حيث تعتبر هذه المياه من بين أكبر مسببات التلوث البيئي. وكل ما يفتك بالبيئة بالضرورة ينال من الإنسان. وبما أن المياه العادمة مورد غير مستغل وضار فوجب استغلاله فيما يعود على الإنسان والبيئة بالنفع. كما أن ارتفاع الطلب على المنتوجات الزراعية وبعض العوامل المناخية من قلة التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة يعرض الموارد المائية الطبيعية للضغط والاستنزاف.

ومن هنا جاءت فكرة إعادة استعمال مياه الصرف الصحي بعد معالجتها وتنقيتها في سقي الأراضي الفلاحية كحل بديل ومورد مائي دائم وداعم للبيئة. مع تكلفة مادية تعتبر ضئيلة أمام الأذى البيئي والصحي الذي ستلحقه إن تم التخلص منها أو طرحها في الطبيعة دون معالجة، بالإضافة إلى أن خضوع هذه المياه للمعالجة والتنقية يمكن من استغلالها وإعادة استخدامها في سقي بعض الأراضي الزراعية كتلك المزروعة بالزيتون مثلا. هكذا نكون قد أصبنا عصفورين بحجر واحد. فبدل التخلص من هذه المياه عبر صبها في الطبيعة قمنا باستثمارها لتصبح مصدرا دائماً من مصادر المياه.

يمكننا استثمار واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها وتنقيتها في سقي الأراضي الزراعية خصوصا بالبلدان النامية والتي تعتبر حلا دائما وبديلا عن طرحها في الطبيعة
يمكننا استثمار واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها وتنقيتها في سقي الأراضي الزراعية خصوصا بالبلدان النامية والتي تعتبر حلا دائما وبديلا عن طرحها في الطبيعة
 

فقد بين تقرير لجنة الأمم المتحدة للموارد المائية أنّه يمكن لمياه الصرف الصحي، بعد معالجتها، أن تثبت فعاليتها في تلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة. أن معالجة المياه العادمة تمر عبر عدة مراحل وذلك في محطات خاصة بذلك، والتي غالبا ما تبنى خارج المدن، وتحديدا قرب الأراضي الزراعية المعنية بالأمر، تستخدم هذه المياه في السقي بعد خضوعها لتحليلات تؤكد أنها تحترم الشروط المتعارف عليها طبقا لمنظمة الصحة العالمية.

تخرج المياه بعد معالجتها عبر أنابيب بها ثقوب على امتداد الأراضي المراد سقيها وتعتبر طريقة السقي هذه الأكثر حفاظا على الماء من الضياع والتبذير، على خلاف الساقية النصف دائرية والتي تطرح عدة مشاكل من بينها تعرض المياه للتبخر خصوصا في المناطق ذات المناخ الجاف وشبه الجاف.

ختاما، سأحكي لكم باختصار ما جاء بهذه المدونة التي أمل أن تكون أضافت لقارئي أفكار جديدة وعرفته ولو قليلا عن مجال آخر وعن قضية من القضايا الكبرى المطروحة اليوم في العالم. وهي قضية استثمار واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها وتنقيتها في سقي الأراضي الزراعية خصوصا بالبلدان النامية والتي تعتبر حلا دائما وبديلا عن طرحها في الطبيعة لما لذلك من مخاطر بيئية وصحية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.