شعار قسم مدونات

لا تصلحين لا زوجة ولا أما!

blogs- مسلمة

هنا يظهر للقارئ من العنوان أنه موضوع فظٌ غليظٌ وقاسٍ، ولكن لا بد من توضيح أمرٍ مهم جداً هو في الحقيقة الموضوع كالتالي: "أتصلحين أن تكوني زوجةً؟، أتصلحين أن تكوني أمّاً؟ إشكالات وتساؤلات"، ومن هنا نودُّ أن نسلط قليلاً من الضوء على بعض الإشكالات التي ربما ارتمى إلى مخيالنا المتواضع أنه ذو أهمية بالغة وذلك حسب تقديرنا الشخصي بناء على عشرات الحوارات والنقاشات الهادئ منها والحادُّ مع الكثير من الأخوات والسيدات واقعنا المعاش أو على مواقع التواصل الاجتماعي الحوارية. "تصلحين أن تكوني زوجة ومسؤولة؟، أتصلحين أن تكوني أما ووالدة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ في طياتها، مدخلاتها ومخرجاتها؟ وغير ذلك من التساؤلات أحاول طرحها على نفسي كرجل واعٍ ومنطقي ما أمكن ذلك".

  

أولا نقول لكِ: فقبل التجني على الله جل في علاه وقبل أن تقولي قولا عظيماً وهو العادل المقسط الباسط في عباده وتلفُظين قولاً غليظاً هو أن الله (حاشاه) ظلمك ظلما كبيراً إذ ما مكنك أو أكرمك بزوج يحصنك ويرعاك يؤنس وحدتك ويستفز أنوثتك حسب فكرك المحدود نسبياً!!. وهنا أخص بالذكر السيدات اللواتي تأخر عليهن وعنهن مسؤولية وتكليف الزواج ودقوا أبواب الثلاثينيات ومنصفاتها والأربعينيات ووساوسها!!

  

ربما سيتأخر عنكَ "مثلا" أن تشتغل وظيفة وأنت ترى نفسك أهلا لها ولك من الكفاءاة ما يمكنك من القيام بها على أفضل شكل وأتم تسيير، والله سبحانه وتعالى يراك أنك أهلا لما هو أفضل منها

وقبل أن تحرق غيرتك من صديقاتك وأترابك وقريناتك ومن هن أصغر منك أو أقل شأن أو أقل سمحة جمالٍ ورشاقة، أن تحرق ما تبقى من إيمانٍ ويقين وصبرٍ وتصبُّر وقر في قلبك! وقبل أن تطير بك ألسنة الناس اللاسعة اللاذعة المؤذية أيضا إلى حيث يسكن الاضطراب النفسي ويستقر الخوف من المستقبل. وقبل أن تمزقك أعين الشامتين بك تارة في كل مضرب وموضع وساخرين تارة وتارة أخرى مشفقين متباكين!. دعينا سيدتي أن نجلس جلسة صفاءٍ مع نفسك المتألمة من كل ما يدور حولك ونسألها أسئلة بسيطة ونحادثها حديث الأحبة الكرام والأصدقاء المخلصين:

 

١)- أأصلح أن أكون زوجة صالحة مسؤولة عن عائلة ستكون يوما من الأيام ركنا من أركان الأمة الإسلامية العظيمة، وأن أجعلها حاملة لرايات الحق المبين؟ وأن أكون قادرة على خدمة رجل لا هو أخاً ولا أباً بل هو بعلٌ مرضاته فرضٌ عليَّ في حدود ما أمر به الله سبحانه وتعالى. أم أن الأمر لا يعدو سوى نزعة فطرية ملتهبة في الروح والوجدان البشري، وغريزة الأمومة والتربية الدافع الأساس، وأن أكون فقط في الدفتر العائلي لأحدهم كان من كان؟ وأن الزواج ليس مجرد إشباع حاجات لك وللطرف الآخر. أو ربما سيكون من أخلفهم بنات وبنين معاول هادمة لأركان أمة قال في شأنها جل في علاه: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ الآية (١١٠) آل عمران.

 

٢)- واسألي نفسك تارة أخرى أأنا أصلح أن أكون أمّاً صالحة لا والدة مرضعة فحسب، أجود من الحنان والصبر والعطاء ما لا يجود به المحيط من سحاب ماطر على كل بقاع المعمورة، أم أنني أنثى ملولة يرهقني الصبر ويؤرقني التذمر من لدنَّ الآخرين بكاء ومرض وسهر وألم!!. وهناك تماماً وبين طيات تلك التساؤلات العميقة تكمن بعض الحكم التي نعلمها والتي لا نعلمها، حين يؤجل المولى سبحانه وتعالى أمورا نرغبها كرغبتنا للماء البارد في يوم شيديد الحر والقر، أو يؤجل لنا أموراً أخرى ويحرمنا من غيرها تماماً حتى يوم أن نلقاه!

 

هكذا هو الزواج أخيتي، فلا داعي للقلق والتوتر النفسي ولا داعي للتذمر والكآبة والسخط ولا داعيَ لأن تحدثي نفسك بأنك متكاملة الحسن، جميلة الملامح ربما وموظفة بدرجات مرموقة أو أنك ربما ذات جاه وحسب ونسب شريف، وهذا كله ما ترينه أنت في نفسك وما يراه الآخرين من حولك، وكل ذلك عند الله سبحانه وتعالى يزن عنه ميزان جناح بعوضة ما لم يقل للأمر كُنْ فَيَكُونُ. ولكننا حتما ستغيب عن بصائرنا أمورا لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، "فالصبر الصبر والصلاة الصلاة".

  undefined

 

فلربما سيتأخر عنكَ "مثلا" أن تشتغل وظيفة وأنت ترى نفسك أهلا لها ولك من الكفاءاة ما يمكنك من القيام بها على أفضل شكل وأتم تسيير، والله سبحانه وتعالى يراك أنك أهلا لما هو أفضل منها وأبرع وأكثر عطاء واخلاصاً. كذاك هو الزواج أخيتي، فلو أنت ترين نفسك في تمام استعدادك لهذه المسؤولية النبيلة والحساسة والخطرة في نفس الوقت، الله سبحانه وتعالى عنده في لوحه المحفوظ أنك لست كذلك حتى يأذن الله بذلك، أو تلقينه دون ذلك ولن يضر الله سخطك في شيء جل في علاه. وليكن شفيعك ما جاء على لسان العرب قديما حين قالوا: "كُتِبَ عَلى كُلّ فَرْجٍ نَاكِحُهُ" وهذا في أمر الزواج والتعفف لا في أمر البغاء والسفر.

   

فيا أخية الإسلام والجوار والدم، الزواج لا أحسبه والله أعلى وأعلم إلا كما الرزق يقسمه الله على عباده بحكمة بالغة بالغة بالغة، فلو نحن ركضنا ركض الوحوش في البرية لن يكون لنا إلا ما قد قسمه الله لنا من رزق تام غير مفصول ولا منقوص، فرزق نأتيه وآخر يأتينا. كذلك الزواج فمهما فعلت يا رعاك الله على ط أن تجتهدي في سبيله ولا بأس في الكفاح لذلك بما أحل الله سبحانه وتعالى (طبعاً). وإن لم يوفق الله فيه فاركني لأمر الله سبحانه وتعالى ولحكمته البالغة، وجل في علاه لا يقدر لنا إلا خير وحاشاه أن يسلط علينا كدرا وكمداً إلا ما سلطناه على أنفسنا.

  

هذا والحديث يطول ويطول وما قلته سوى تساؤلات بسيطة حاولت التعريج عليها والوقوف عندها هنيهة عليَّ أزرع بذرة رضىً وأملاً في نفوس أرهقها وجز السنون الأعوام من الأسى. فيا رب كن لنا معيناً.

 
تولانا الله برحمته، والله على ما أقول وكيل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.