شعار قسم مدونات

حُسن الظن لسريرةٍ نقية وراحة بال

مدونات - الظن تفكير تأخير

ترفق بكل من تقابلهم فكل شخص لدية معركته الخاصة!، وإن أردت معرفة معادن الناس فما عليك إلا بالنظر، ربما صحيحة بعض الشيء تلك المقولة "تظهر معادن الناس عند الشدائد" ولكنها ليست صحيحة دائماً، فحتى الذهب يخفت بريقه في بعض الأحيان بسبب الظروف المؤثرة عليه.

 

فمجرد حكمك على شخص ما لمجرد موقف ما أدى إلى انزعاجك منه لا يعني أنك كنت على صواب فأنت لا تعلم ما يواجهه هذا الشخص من ضغوطات أدت إلى قيامه برد فعل كهذا ؛ فكرة التماس العذر للآخر واماطة سوء الظن عن ذهنك وتوقع الأفضل من هذا الشخص في وقت لاحق وظرف آخر ستبدو مريحةً رغم أنها غير قابلة للتطبيق دائماً، فنحن أيضاً لا نعلم ما هو موقفنا الذي سنكون عليه في تلك اللحظة بالذات، ولكن بعد التريث من فترةٍ لأخرى ومراجعة النفس ستجد أنك ربما تُبلي حسناً بالتدرب على فعل كهذا ومؤكد سوف تشعر بالراحة.

 

وقد ينتج سوء الظن من عدم التماسنا العذر لغيرنا عندما يخطئون، ولكننا بالمقابل نود أن يَلْتَمِس لنا غيرنا الأعذار عندما نخطئ لذا علينا نحن المبادرة أولا بالتماس العذر.

اقبل معاذير من يأتيك معتزراً
إن برّ عندك فيما قال أو فجرا
لقد أطاعك من يرضيك ظاهره
و قد أجلّك من يعصيك مستترا

 

كما لا يقتصر حسن الظن على أفعال الناس فقط بل يشمل في دائرته حسن ظنك بمن خلقك بأنه معك وإن ضاقت فما ضاقت بك إلا لتفرج

وحسن الظن لا يتسنى لنا إلا بجعل سرائرنا نقية من كل تلك الوساوس تجاه ما يقوله أو يفعله البعض، وأن لا نسمح لعقولنا بأن تُشكل لنا قصصاً عن كل من هم حولنا وتقوم بصياغةِ سيناريوهات لا أساس لها من الصحة ثم نجعل تعاملنا مع غيرنا على أساسها، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " ولا تظنن بكلمةٍ خرجت من امرئ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير مخرجاً".

 

و قد ينتج سوء الظن أحياناً من كوننا نتوقع من البعض أشياءً ربما كانت فوق طاقتهم فما إن يخذلوا تلك التوقعات حتى تبدأ شكوكنا حول الأسباب التي جعلتهم يخذلوننا وقد قال العقاد: "أحسن الظن بالناس كأنهم كلهم خيرا، واعتمد على نفسك كأنه لا خير في الناس " حتى تتجنب ذلك الانكسار ولا تحمل في قلبك شيئاً على أحد، فسوء الظن ككومة القش ما إن تقم فيها نار حتى تتآكلها قشه قشه فيطال سوء ظنك حتى الأقربون منك، لذا ضع لك دائماً موانعاً وعواذلاً لكل ما يمكنه أن يفسد عليك نقائك وينغص راحتك.

 

ضع قائمةً بكل من لم تتوسم بأفعالهم وأقوالهم خيراً واصنع لهم أعذاراً، كأن نصنع هذه المرة سيناريوهات مختلفة، ستشعر تجاههم بشعور غير ذلك الذي كنت تشعر به في السابق فسوء الظن لا يؤذي من ظننت به بقدر ما يؤذيك، فهو يجعلك مشتتاً وغير واثقٍ من صحة ما تقوم به تجاه الآخر بخلاف إن أحسنت الظن فأنت حينها ستتعامل مع هذا الشخص بلباقة لن تندم عليها فيما بعد سواء أكنت محقا أو لا، ولا ننسى بأننا بشر نخطئ ونُصيب لذا علينا ألاّ نُحمل هذه النفوس فوق طاقتها، فحين نجتهد في التماس الأعذار سنريح أنفسنا من عناء الظن السيئ.

 
كما لا يقتصر حسن الظن على أفعال الناس فقط بل يشمل في دائرته حسن ظنك بمن خلقك بأنه معك وإن ضاقت فما ضاقت بك إلا لتفرج، وحسن ظنك بأن الأقدار رغم قساوتها في بعض الأحيان إلا أنّ بها جانباً مشرقاً لا نراه الآن ولكن كل شئ سيتضح فيما بعد عندما تكتمل الصورة.

قل للذي ملأ التشاؤم قلبه
ومضى يضيق حولنا الآفاقا
سر السعادة حسن ظنك بالذي
خلق الحياة وقسم الأرزاقا

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.