شعار قسم مدونات

كيف تجعل رمضان هذا العام مختلفا؟

مدونات - مسلم رجل يقرأ القرآن

مع بداية شهر رمضان المبارك بدأت تتردد على مسامعنا عبارات لطالما يتكرر قولها من قبل أغلب الأشخاص من حولنا في هذا الشهر الكريم هذهِ العبارات أو النصائح، والتنبيهات إن صح القول تتلخص في لا تفعل كذا نحن في رمضان، لا تقول كذا نحن في رمضان، لا تغتاب الناس، لا تشتُم، لا ترفع صوتك، لا تكذب، لا تؤذي الآخرين بالقول والفعل…لا ولا ولا! الكثير من أدوات النفي تليها أفعال ربما نكون نمارسها بشكل عادي دون التفكير إن كانت هي بالفعل لا تصح وقد تكون من العيب والخطأ أو ربما تكون مما نهى عنهُ ديننا الحنيف.

 

إن صيام رمضان هو الركن الرابع من الأركان الخمسة للإسلام ومن الأعمال التي أمرنا بها الله تعالى ورسوله الكريم محمد صَلَّى الله عليهِ وسلَم. وهو فرض على كل مسلم ومسلّمة، والصوم هو امتناع الإنسان عن الطعام والشراب خلال النهار حتى الغروب، أن صوم شهر رمضان يُعلم ويُهذب ويُقوِّم النَّفْس على الصَّبر. معنى أن تصبر ليس على الجوع فقط، وإنما على الحياة بأكملها لأن حلو الحياة ومُرها يحتاج الصبر منا لتنال ما تستحقهُ تحتاج أن تصبر وتسعى إليه وتجتهد في سعيك في سبيل ان تحصل على الأفضل. لتتجاوز المِحن التي تصيبك تحتاج إلى الكثير من الصَبر والحِكمة والهدوء والتأني، والظن خيراً بالله تعالى، نذكر قوله تعالى: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" الزمر 10.
   

وتذكر أن لسانكَ الصائم عن الطعام، اجعلهُ يصوم عن اللغو والقبيح من الكلام فهو خيرٌ لك وابقى..!وبهذا فإن ما تُعلمنا إياه السلوكيات والأخلاقيات التي نلتزم بها في شهر رمضان تجعلنا نخرج بالكثير من الدروس والمواعظ التي تصيب نفس الإنسان بعمق، وتؤثر فيهِ بشكل يستمر معهُ لما بعد رمضان إنه نوع من انواع التهذيب للنفس، إن كان الشخص يُحسن التعامل الإيجابي مع ذلك.

 

تذكر أن ما تقلع عنهُ وتتجنبهُ خلال شهر رمضان وأثناء الصيام هو اعتراف صريحٌ منك بأنه خطأ أو لا يجوز هذا ما يجب أن تكون علَى معرفة بهِ جيداً

أعود هنا لما بدأت بهِ إن كانت كل تلك الأفعال والأقوال التي نحرص أن نبتعد عنها تماماً في هذا الشهر الفضيل ونحن على عِلم مُسبق إنها لا تَصح في رمضان هل يا ترى تَصح أو تجوز بعد انقضاء الشهر المبارك؟! الجواب بكل تأكيد هو لا! ومع هذا نحن خطائين والله تعالى غفور ذو رحمة. لكن لماذا لا نستمر في مراقبة أنفسنا والآخرين طوال الوقت كما نفعل في رمضان، لما لا نكون ذلك المُنبه الرمضاني على مدى الأيام؟ لكن بأسلوب حَسن يجعل المقابل يأخذ بنصيحتك لأنها نابعة عن حرص ومحبة وليس انتقاص من قيمة الآخرين، أعطي النصيحة للمقابل من دون توبيخ وتحذير وتدمير لكيانه وشخصه، في الحقيقة نحن جميعنا مُعرضين للوقوع في الخطأ مثلهُ تماماً هذا ما يجب أن نُدركه.

 

فقط شاركوني وتأملوا ذلك لبُرهة.. كم سيكون لتلك الخطوة أثرٌ رائع! كم عادة سيئة وفعل غير مستحب وتصرف غير لائق سنساهم في القضاء عليها نهائياً إن كنا نعرف أين الخطأ حتى نقومهُ ونصححهُ ونستعين بشهر رمضان كنقطة بداية وانطلاقة نحو التغيّر واكتساب العادات البديلة الجيدة التي ننهض من خلالها بالمجتمع لإحياء روح الإسلام وقيمهُ كأسلوب حياة مستمر غير منقطع. كيف يتم ذلك؟ كل ما عليك فعلهُ هو الاستمرار في الحذر ومراقبة النفس ومحاسبتها وإتباع الإحسان لنفسك أولاً، ثم لمن حولك حتى تستبدل وتقلع عن كل العادات والصفات التي تجدها غير ملائمة ولا تليق برمضان وكذلك ما بعده بهذا الشكل أنت تقلع عنها وتنساها نهائياً، فالجديد أفضل وأبقى.

 
في المقابل لا تفكر بنفسك فكر بمجتمع وبأجيال قادمة كُن صاحب مسؤولية لا تتعامل مع الخير والصَلاح بأنانية بَل أنشرهُ ساهم في وصولهُ لأبعد نقطة ممكنة كلما سَمحت لك الفرصة. لا تحجُر على عين الرقيب تلك نحن عندما نحذر هذا الصديق بأن الغيبة ليست مَحمودة، والكذب لا يَصُح في رمضان علينا لفت نظرهُ بأنها كذلك غير لائقة حتى فيما بعد رمضان. كلمات بسيطة هي، نصائح بلِين وطيب من مُحب تجمع بين الإدراك العقلي والمنطقي للإنسان بأن الخطأ يبقى خطأ لا جدال أو نقاش عليه. ما زال غرضهُ يعود بالأذى والسوء للشخص نفسه ولغيرهُ من الناس، لا تعتقد أن هنالك ما يجعل منهُ مقبول أو منطقي، فهو لا يصح اليوم ولن يصح غداً .فالأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر التي أمرنا بها الدين الإسلامي نستطيع أن نتبعها من خلال هذهِ التصرفات والأساليب البسيطة في الحياة.

 
وأخيراً تذكر أن ما تقلع عنهُ وتتجنبهُ خلال شهر رمضان وأثناء الصيام هو اعتراف صريحٌ منك بأنه خطأ أو لا يجوز هذا ما يجب أن تكون علَى معرفة بهِ جيداً، إن كان كذلك لنتفق منذ الأن بالابتعاد عنهُ والسَير على إحياء عادات رمضان في حُسن القول والفعل. رمضان شهرٌ مبارك يزورنا كل عام، والإسلام أسلوب حياة نعيش عليهِ وننشر أجمل ما فيه وهو مستمر. اجعلهُ يستمر معك لباقي أيامك وطوال حياتك وعلى مدى أعوام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.