شعار قسم مدونات

حياتنا نحن نكتب تفاصيلها..

مدونات - امرأة كتاب
الحياة مجموعة من الكتب، في كل مرة نقرأ فيها كتاباً نقرأ سطوره ونقلب صفحاته فبتأكيد أننا سنوشك على إنهائه، ثم نغادر إلى كتاب آخر بعنوان آخر، لكن هلا سألنا أنفسنا، هل فهمنا أو استمتعنا بقراءتنا؟! هل تعلمنا شيئاً جديد يُغيرنا للأفضل؟! كم نحتاج لأن نعيد النظر في بعض تفاصيل حياتنا، وكم نحتاج إلى مراجعة الذات والوقوف على بعض الأحكام والنظر إليها من جانب آخر، جانب الانتقال لمرحلة أخرى، جانب يجعلنا نستطيع أن نربط ما قرأنا وما سوف نقرأ في كُتُبِ الحياة المتنوعة القادمة.
 
نحتاج دائماً إلى إعادة قراءة بعض الفصول ففي كل مرة نقرأ ذات السطور نجد فيها شيئاً جديداً يُنبتُ فينا زهرةً جديدة أو يَشُق بنا درباً جديداً في إدراكنا لبعض الأمور المقفلة. نحتاج في حياتنا إلى أفكار تُمطرنا لتغسل غباراً تكتلَ على عقولنا أو ريحٍ تزيل سحاب أحمر حجب عنا نور الشمس. كم منعنا التعصب المذهبي والتكتل الحزبي والتمسك بالقبيلة أو التقيد بالأفكار من رؤية الصواب وفهم الحقائق والوقوف عليها وتنقيتها من الشوائب؟! وكم انحرفنا وانجررنا خلف فتات الحياة بعيداً عن جوهرها وجمالها الداخلي.
  
نحتاج أحياناً أن نقرأ بتمعنٍ بعضَ السطور لأننا إن تغاضينا أو تغافلنا عن بعض الحقائق أو بعض المعطيات فإننا بلا شك سندفع ثمن ذلك من وقتنا الذي أهدرناه بلا فائدة، هذا كله ندفعه من عمرنا وجُهدِنا البدني والعقلي. كثيراً من الأحيان نحتاج للتفكير بطريقة عقلانية بعيداً عن عاطفتنا الجياشة التي لا تدرس الأمور من عدة زوايا أو اتجاهات. كم مرةً نستمع إلى عواطفنا وننصاع لها. نسير خلف الخطأ مُغضين الطرف عن الصواب في سبيل إشباع عاطفتنا التي لا تقيس الأمور إلا من وجهةِ نظرٍ واحدة وهي "المشاعر ".
 

كثيراً ما نحتاج إلى أن نهذب أنفسنا أو معاقبتها كلما تفلتت منا، عندما نتأثر بالسلبية تصبح النفس شيء آخر لا تمثلنا، تحاول أن تقودنا في سلوكياتٍ لا نرغبها

ما أن نَشرَعَ في القراءة حتى تبدأ عاطفتنا بتَّملمُل وتأفُف من الوقت الطويل المتبقي للانتهاء من قراءة الكتاب، فيصبح همنا أن نسرع في القراءة ضاربين عرض الحائط الغوص في السطور والأفكار المكنوزة بين طيات الكتاب. كذلك نحن عندما نستعجل الأمور ونتعجلها قبل أوانها نفقد الإحساس بالحاضر وما يحيطنا من خير كثير وتفاصيل الحياة التي نملكها. كُلُ ذلك في سبيل مستقبل ما أن نصله نكون قد تركنا خلفنا ماضٍ لن يعود، بل ربما قد فقدنا أكثر مما حصَّلنا.
 
فلسفة الحياة جميلة إن تأنينا قليلاً، ووضعنا بعض القوانين والمبادئ التي تحكم حياتنا اليومية. ابدأ يومك سعيداً واجعل الابتسامة تُرسَمُ في مُحياك، أجمل شيء يمكن أن يراه الآخرون. أعط من الخير ما تملكه في متناول يديك، صافح الناس واجعل كلمة الخير على رأس لسانك. ابدأ يومك بسعادة واخلق من العمل عبادة، اجعل صباحك كمقدمة الكتاب مشوقة وممتعة تشوقك على الاستمرار بقوة لتكمل صفحات هذا اليوم.
 
هناك الكثير من الكتب منها ما نقرأ ويرغبه الناس وكثير لا يرغب الناس قراءته. يكفي أن نقرأ مقدمة الكتاب حتى نقرر هل نستمر في قراءته أم لا. وكذلك البعض منا ما أن تراه أو تخالطه ولو للحظات نتعلق به ويبني في داخلنا انطباعاً جيداً حتى أننا نود لو أننا حظينا بوقتٍ أكثر متعة معه. وآخرون نود لو أننا لم نقابلهم ولم نرهم، بل وننتظر اللحظة التي تبعدنا وتخلصنا منهم. بعض البشر كالدواء يوضع على الجرح فيشفى ويلتئم والبعض الآخر كالجيفه يضر ولا ينفع فهو ميتٌ لا حياة فيه.
 
كثيراً ما نحتاج إلى أن نهذب أنفسنا أو معاقبتها كلما تفلتت منا، عندما نتأثر بالسلبية تصبح النفس شيء آخر لا تمثلنا، تحاول أن تقودنا في سلوكياتٍ لا نرغبها. أفضل شيء أن تسرع في ردعها، توقف في تلك اللحظات وأعد قراءة المشهد من جديد، فهم بعض التفاصيل كفيلة أن تغير سير الأمور وتعيد الأمور إلى نِصابها. كن أنتَ الكتاب وأنتَ المُؤلفُ وأنتَ البطل وأنتَ القصةُ والحكاية التي تُروى للآخرين، احبكها بشكلٍ متقن فكل هبوطٍ وصعود هو ذروة التحدي وطريقٌ للنجاح. حياتنا نحن نكتبُ تفاصيلها من أعمارنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.