شعار قسم مدونات

دعاة التزوير!

مدونات - الميراث في المغرب

القرآن وحده مصدر للتشريع في الإسلام وكتب السنة مثل البخاري ومسلم وغيرهما كتب بشرية محضة يجب حرقها هكذا قال لي أحد الأصدقاء فقد كان من ضحايا من يسمون أنفسهم دعاة التنوير والتجديد وهم في حقيقة الأمر دعاة تزوير وإعادة تصنيع لدين جديد يوافق الثقافة المهيمنة، ودعاة التزوير هؤلاء منهم درجات في أعلى الهرم نجد الذين ينكرون السنة جملة وتفصيلا ثم يليهم من ينكر جزء من السنة ويأخذ فقط ما يوافق هواه ويرد مالا يتماشى مع مشروعه الهدام والثالث من يكون ملحدا بزي إسلامي ويتلون كالحرباء ليمرر أفكاره المميتة دون أي معارضة متوقعة وهذا النوع هو أخطرهم لأننا لا نعرف مرجعيه التي ينطلق منها.

 
أنا لا أحاول في هذا المقام عرض شبهات منكري السنة أو القرآنين وهم أبعد ما يكون عن منهج القرآن لكنني أحاول تسليط الضوء على دعاة التزوير باختلاف مشاربهم وتوضيح الحقيقة لبعض المتوهمين الذين يعتقدون أنهم في طريق التنوير والحداثة، يعتبر دعاة التزوير امتدادا مباشرا للاستعمار وأحفاد غير شرعيين للاستشراق والذي لا يخفى على أحد منهج المستشرقين في دراسة التراث الإسلامي والعلاقة الوطيدة التي تجمعه مع التنصير والاستعمار، والمضحك في الأمر أن بعض هؤلاء يتغطى بغطاء حقوق الإنسان للطعن في بعض أحكام الإسلام كما حدث ويحدث مؤخرا في بعض دول الغرب الإسلامي كتونس والمغرب حيث نشاهد التزويري إن صح التعبير يتغاضى عن القضايا الأساسية التي تمس بحقوق الإنسان كغياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفساد بشتى ألوانه ونهب الثروات إلى غير ذلك من الأمور التي تكشف عورة هؤلاء وعوض ذلك يتجه لطلب المساوة في الإرث أو حرية الشواذ والعلاقات الغير شرعية أو الفطر العلني في رمضان أو غير ذلك من الآفات التي أفرزتها زبالة الحضارة الغربية.
   

الإسلام دين من خصائصه أنه محافظ ومتجدد وهو الذي ينبغي أن يسير العصر لا أن يسايره فآلية الاجتهاد لها ضوابط وأحكام وليس كل من هب ودب يقوم بهدم بناء الإسلام تحت ذريعة التنوير والحداثة

ومن الحيل الماكرة التي يوظفها دعاة التزوير في إعادة قراءة الإسلام وفق الثقافة المهيمنة آلية التجزيء والتي مفادها الطعن في حكم شرعي خارج سياقه العام كما في لعبة PUZZLE وهذا نرصده بشكل واضح في مسألة نظام الإرث في الإسلام حيث يعمدون إلى قول الله عز وجل لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ويصفون هذا الحكم الرباني بأنه تمييز واحتقار للمرأة لكنهم عمدا يتغاضون عن الصورة الكاملة حيث نجد أن هناك حالات عديدة داخل نظام المواريث الإسلامي ترث فيه المرأة أكثر من الرجل، وأنا هنا لست في موضع تفصيل ذلك فهؤلاء محترفين في لعب مثل هاته الألعاب الصبيانية ليلبسوا على الناس وهذا التكتيك نلاحظه في كل هجوم على أحكام الإسلام.
 
ومن القنوات الضيقة التي يعبر منها دعاة التزوير في تحريف النصوص تحت مظلة التجديد والحداثة التركيز على تاريخية النص الشرعي ويعني ذلك أن ما تدل عليه النصوص مرتبط بظروف تاريخية معينة، فإن تغيرت الظروف يقتضي تغير الدلالة ومن مسالكهم العقيمة أيضا دعوتهم للتحرر من العلماء الذين وصفهم الله سبحانه بأهل الذكر والحرص على التمييز بين أقوالهم والإسلام نفسه وهذا في إطار تأويل النص الديني في طلب رضى الثقافة المهيمنة فالصلاة كمثال حسب منطق هؤلاء يجب التعديل عليها ز جعلها صلاتين في اليوم بدل خمسا لأن الزمن تغير والناس أصبحت لديهم مشاغل كثيرة لا يجدون وقتا لأداء الصلوات الخمس وبعضهم يتميز بخيال واسع وقال أن الحجاب هو عادة وليس فرض من الله من فوق سبع سموات وهكذا من الأقوال الشاذة التي تخالف إجماع الأمة.
 
يتصور هؤلاء أن الإسلام مثل نظام الأندرويد قابل للتعديل بدون شروط ومعايير فهم يريدون نسخة معدلة تتلاءم مع أهوائهم وترضي أسيادهم وفي هذا السياق أتذكر قول الباري جل وعلا أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً.

 

أنا هنا لا أدعوا للجمود كما قد يؤولها البعض في ذهنه فالإسلام دين من خصائصه أنه محافظ ومتجدد وهو الذي ينبغي أن يسير العصر لا أن يسايره فآلية الاجتهاد لها ضوابط وأحكام وليس كل من هب ودب يقوم بهدم بناء الإسلام تحت ذريعة التنوير والحداثة فمن الخطورة التعامل مع الكتاب والسنة بخلفية مذهبية فهذا يؤدي إلى قراءة الإسلام وفق رؤية المذهب لا وفق مراد الله عز وجل وهنا أستحضر القاعدة التي تقول من اعتقد ثم استدل فقد ضل الطريق فلا يليق أن نتخذ كتاب الله عضين أي نؤمن ببعضه ونكفر ببعض.

 
ولكي لا يرميني أحد بالسفسطة والقول بغير دليل فرأس الهرم في إنكار السنة أحمد صبحي منصور في مصر فصل عن جامعة الأزهر بسبب عدائه الغير عادي للسنة النبوية وقد احتضنته أمريكا وجعلته مفكرا إسلاميا وهنا نتوصل إلى كيف تتم صناعة العملاء الأوفياء الذين هم من بني جلدتنا ويتكلمون بلساننا فأن أضربك بسلاحك أقل تكلفة من أن ضربك بسلاحي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.