شعار قسم مدونات

ماذا يريد "الكونغرس" الخليجي من تركيا؟

BLOGS تركيا

تركيا الهدف الأول للسياح والمستثمرين العرب في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها بعض الدول العربية من زعزعة في الأمن وفرض عقوبات على رجال الأعمال والمستثمرين. أظهرت النتائج أن السياحة في تركيا ركن من أركان الاقتصادي التركي، بالترافق مع الاستثمار الأجنبي على الأراضي التركية الذي ولد تطور اقتصادي هام بالنسبة للدولة التركية، وكان للتسهيلات التي تعطيها الحكومة التركية للأجانب دور هام في تعزيز ثقة المستثمر العربي والخليجي في إنشاء مشاريعه على الأراضي التركية.

الاتجاه الجديد الذي اتبعته الحكومات في الإمارات والسعودية أسفر عن تهجير الكثير من الأعمال إلى خارج الخليج العربي، ومعظم المستثمرين الخليجيين والأجانب فقدوا ثقتهم في مستقبل الخليج والأعمال الخاصة بهم ضمن السياسة المتبعة. وترافقت نتائج زيارة ترمب للسعودية مع موجة غضب في الشارع العربي، وكان ذلك سبباً إضافياً جعل أصحاب الأعمال عرضة للهجرة مصطحبين أموالهم ومشاريعهم.

يمكننا القول أن المهاجرين من الخليج العربي هم ضمن ثلاث شرائح، شريحة رفيعة المستوى وهي أصلاً تمتلك مشاريع خارج حدود الخليج العربي وشريحة متوسطة تمتلك مشاريع صغيرة مسؤولة عن عدد من العمال والمشاريع الصغيرة، ثم يليها الشريحة الأخيرة والتي تشمل الكثير من الأجانب (السوريين والمصريين وكافة البلاد العربية) وتتألف من الموظفين والعمال والتجار، وهذه الشريحة تُعد الفئة الكبرى من المهاجرين حديثاً هرباً من السياسة السعودية الجديدة التي قد تحاصر الدخل العائد إليهم وتجبر المقيمين على دفع الكثير من الأموال بحجة الضرائب.

لوحظ بالفترة الأخيرة التحريض على الاقتصاد التركي من قبل رجال دين تم تسيسهم لصالح بعض الحكومات الخليجية ونشر حملات دعائية لانهيار الاقتصاد التركي

وعندما أدركت حكومات الخليج انهيار الكثير من الأعمال وتقلص نسبة الاستثمار اللذان ترافقا مع هجرة الشرائح السابقة بدأت السياسة الخليجية بمحاربة المهاجرين ضمن حرب نفسية قاسية عن طريق إخافتهم من انهيار الاقتصاد التركي باعتبار أن معظمهم قام باختيار تركيا كبلد موثوق للعيش الكريم والعمل ضمن سياسته المتساهلة مع الأجانب.

ولوحظ بالفترة الأخيرة التحريض على الاقتصاد التركي من قبل رجال دين تم تسيسهم لصالح بعض الحكومات الخليجية ونشر حملات دعائية لانهيار الاقتصاد التركي وتشجيع المهاجرين على العودة أو اختيار بلد غير تركيا للاستثمار، وبدأت الحملة الشرسة على مواقع الإنترنت والإعلام بالترافق مع الحملة الانتخابية التي تعيشها الحكومة التركية حالياً وذلك لتضييق الحال على حزب العدالة والتنمية باعتبار انه يتبع سياسة لا ترضي الحكومات الخليجية أو الغربية فهو النظام الوحيد الذي يقف بجانب الشعوب في الشرق الأوسط والعالم وكان له تأثير كبير على القضية الفلسطينية والسورية في الآونة الأخيرة.

وظهر بقوة (هاشتاغ) "محاربة السياحة في تركيا" الذي صنعته بعض الشخصيات في الخليج العربي وشغل الكثير من التعليقات المعارضة والمؤيدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الحجة ان المواطن العربي يتعرض للإساء على الأراضي التركية من قبل الأتراك والعصابات التي تم إنشاؤها لمضايقة الأجانب. وبدأت حملة جديدة تحمل الكثير من التحريض والبغض من قبل بعض الشخصيات المشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي في بعض دول الخليج العربي، وكان عنوان تلك الحملة أن الشعب التركي يكره الشعب العربي لأسباب تتعلق بتاريخ الخلافة العثمانية.

 

إلا أن الشرفاء من الخليجيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب قاموا بحملة مضادة ووضعوا تعليقات رداً على الاتهامات والمزاودات على الشعب التركي وأظهروا مدى المحبة والتفاهم الذي يجمع الشعبين التركي والعربي، ومن التعليقات الرائعة ما تم ذكره أن ما يجمع العرب والأتراك هو الدين الاسلامي الذي دافع عنه الأتراك وأجدادهم على مر العصور، وهذا ما جعل من أصحاب حملات الكراهية أضحوكة وخصوصاً بعد مواقف الحكومة التركية المشرفة من القضية الفلسطينية.

وظيفة رئيس حكومة الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي هي القيام بالأعمال الغير نظيفة لصالح الكونغرس الخليجي 
وظيفة رئيس حكومة الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي هي القيام بالأعمال الغير نظيفة لصالح الكونغرس الخليجي 
 
هل انتهت الحملة المعادية لتركيا؟

يمكننا القول أن الحملة المعادية التي شنها المعارضون لسياسة تركيا التي لا تتوافق مع طموحات بعض حكومات الخليج العربي قد تنخفض نسبتها عندما يفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجارية ولكن التأجيج الدائم ضمن حملة (الكونغرس الخليجي ) قد تستمر بسبب ضغوطات بعض الجهات الغربية على حكومات الخليج لتأجيج الخلاف والسعي للسيطرة على الشرق الأوسط سياسياً.

وبعد الشعبية الكبيرة التي امتلكتها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان داخل البلاد العربية تحديداً ثم العالم الإسلامي، أصبحت الحكومة التركية غير مرغوب بها من قبل الحكومات الديكتاتورية في الخليج العربي ومن يعلوهم في الغرب، وهذا ما يجعل تلك الحكومات في توتر دائم وخوف من نجاحات الحكومة التركية المستمرة بشكل يومي على الصعيدين السياسي والانساني.

ما دور السيسي الحساس داخل (الكونغرس الخليجي)؟

إن وظيفة رئيس حكومة الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي هي القيام بالأعمال الغير نظيفة لصالح الكونغرس الخليجي ومن أهم ما يمكن الاستفادة منه أيضاً وجود جيش كبير تحت إمرته لاسيما أن الحكومات الخليجية تحتاج إلى جيش يشابه الجيش المصري للدفاع عن مصالحهم في ظل حالة الرخاء التي يعيشها الجيش السعودي الذي يعد الجيش الأول في الخليج العربي.

هل تتأثر تركيا ضمن الحملات المعادية لسياستها؟

تُعد تركيا من الدول التي تنافس الدول العظمة سياسياً، وتمتلك جيشاً قوياً يحظى بمؤسسة عسكرية قديمة خاضت الكثير من الحروب وحققت انتصارات على غرار الجيوش الأخرى في الشرق الأوسط. ويذكر أن التطور الصناعي الذي طرأ في ظل حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان جعل من تركيا بلداً لا يتأثر بالعوامل الخارجية ويستطيع الاعتماد على نفسه من الناحية الصناعية، وما يجب التنويه عليه أيضاً أن السياسة المتبعة والطريقة الديمقراطية التي يعمل بها النظام التركي الحالي تتوافق مع جميع التشريعات الإنسانية وتجعل من تركيا بلداً موثوقاً من قبل الشعوب والحكومات الصديقة لتركيا.

يتوقع أن تركيا في عام 2023 سوف تكون أقوى دولة اقتصاديا في الشرق الأوسط وهذا ما يؤكده خطاب حزب العدالة والتنمية أولاً ثم ما يؤكده الواقع الحالي لتركيا
يتوقع أن تركيا في عام 2023 سوف تكون أقوى دولة اقتصاديا في الشرق الأوسط وهذا ما يؤكده خطاب حزب العدالة والتنمية أولاً ثم ما يؤكده الواقع الحالي لتركيا
 
هل انخفاض العملة التركية حجة يتم التأجيج لها في ظل الانتخابات؟

إن انخفاض العملة التركية بالنسبة للشعب التركي أمر اعتيادي ولا يزعزع ثقة جمهور حزب العدالة والتنمية بقيادته بل يجعلهم اكثر إيماناً بالوقوف إلى جانب حكومتهم، وما يميز الشعب التركي انه لا يتعامل بالعملات الأجنبية ويحافظ على عملة بلده بغض النظر عن انتمائه السياسي وهذا ما يجعل الاقتصاد التركي أقوى من ما يروج له البعض.

هل تزعزعت ثقة السياح والمستثمرين الأجانب القادمين إلى تركيا؟

حسب إحصائيات برنامج البحث جوجل (محرك البحث المشهور ) تبين ان اكثر الباحثين عن الكلمات المفتاحية الخاصة بالسياحة والسفر إلى تركيا هم من الخليج العربي بشكل عام ثم المملكة السعودية بشكل خاص وهذا ما يبين أن السياح والمستثمرين الذين ينوون السفر خارج الخليج العربي يضعون تركيا في المرتبة الأولى ضمن خطتهم القادمة لهذا العام.

ماذا سيحدث في حال انتهت الانتخابات الحالية لصالح العدالة والتنمية؟

بعد الهجرة السابقة إلى تركيا من قبل رجال الأعمال والمستثمرين العرب خاصة والأجانب بشكل عام يحتمل استئناف هجرة المستثمرين من جديد إلى تركيا بشكل أكبر وأضخم بعد فوز العدالة والتنمية وعودة العملة التركية إلى حالتها السابقة وهذا ما يؤكده تعاطف وتأييد الكثير من أصحاب الأعمال مع الشأن التركي سياسياً واقتصادياً، حيث يقدم الكثير من رجال الأعمال الأجانب إلى دراسة السوق التركي والاستفسار عن الإجراءات المتبعة من قبل الحكومة التركية بشأن انشاء الشركات والمشاريع.

تركيا في العام المنتظر

يتوقع أن تركيا في عام 2023 سوف تكون أقوى دولة اقتصاديا في الشرق الأوسط وهذا ما يؤكده خطاب حزب العدالة والتنمية أولاً ثم ما يؤكده الواقع الحالي لتركيا، حيث أن معظم أشكال الحصار التي تعرضت لها تركيا منذ الحرب العالمية الثانية سوف تنتهي في مطلع العام 2023 وسوف تنتقل تركيا إلى حالة أكبر من الحرية في مجال استثمار الثروات الباطنية وانشاء السكك الحديدية، ومن المتوقع تقلص عدد البطالة وازدهار الاقتصاد بشكل كبير، وهذا ما سوف يجعل المستثمرين الأجانب على الأراضي التركية في حالة من النهوض أفضل بكثير من ما سبق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.