لما فتحت الفيفا إعلان تلقي الترشيحات، وأعلنت أن عدد المنتخبات سيتضاعف ليصل 48 دولة، سكت العالم فلم تستطع أي دولة أن تغامر في الترشح، حاول المغرب أن يقنع أسبانيا والبرتغال بملف مشترك فتراجعا خلال النقاش نظرا لصعوبة الأمر على ميزانيتهما، هناك أيضا إشاعة ملف إفريقي بين المغرب والجزائر والأفواري لكن لم تراوح الإشاعة مكانها، فتحدى وطن "التسنطيح" كل العالم وتعاقد مع أكبر مكتب للتسويق بلندن والمتخصص في البطولات الرياضية الكبرى، أعد الملف وقدم في آخر لحظة، في الملف هناك مشاريع واقعية وهناك مشاريع أحلام. ملفا قبلته الفيفا ولجنتها المختصة التي زارت المغرب واعتبرت ملفنا "متوسطا" بمعنى ناجح بالأقدمية!
عملت اللجنة المغربية على تسويق الملف بسرية تامة، وتم التعاقد مع رموز كروية عالمية وتم التركيز على ثلاث قرات إفريقيا التي تمنى المغرب أن تتحد وآسيا التي لها تاريخ مشترك خصوصا مع الدول الإسلامية، وأوروبا حيث الاقتصاد هو المحدد وللتاريخ بعض الدور. وصلنا الى هذا اليوم بقارة إفريقية غير متحدة، وبآسيا ابتاعتها السعودية بثمن رمزي، بأوروبا خائفة من التصادم مع "ترامب" ومع عالم خائف من فشل المملكة، ملفنا كان على الورق قويا لكن لم يقدم من الضمانات المالية ما يكفي لتنزيل مشاريعه. الوفد المغربي في روسيا على علم أن أمريكا من ستنظم، لكن وككل المغاربة ينتظر الغد لعل هناك أمرا غيبيا يقرر مكان الاتحادات العالمية، ننتظر النتيجة رغم علمنا بالخسارة، نحلم لأننا نحب الوطن وشخصيا أحب كأس العالم الذي سيبني نفق تيشكا ويفك العزلة عن بلاد "درى".
سنربح أصوات إفريقيا، سنربح حب القارة وحب الجزائر الشقيقة، سنعتذر لهم على فشلنا للمرة الخامسة وسنهنئ مجددا أمريكا ونتقبل الخسارة بالتجربة والأقدمية وبالروح التاريخية |
العالم سيتعرف على 12 مدينة مغربية، سينقل حفل التقديم والتصويت على جميع القنوات العالمية الكبرى، سيذكر الملف مدينة ورزازات ومدينة الناظور، سيتعرف العالم على مدينة منعزلة يربطها بالمغرب طريقا عبر جبال الأطلس يموت فيها كل سنة أكثر من عشرين مواطنا دون قلق من الدولة ودون حرج، سيعرف العالم أن كأس العالم سيبني "نفق تيشكا" وربما سيغير العالم قراره ويمنحنا شرف التنظيم.
ربحنا تموقعا عالميا في القرار الرياضي، العالم سيعرف "القجع" و "م.حفيظ" الجميع سيعرف أن "نوال" نائبة رئيس اللجنة الأولمبية العالمية مغربية وتدافع عن حق بلدها في التنظيم ووضعت تجربتها الأولمبية في خدمة الملف! الخلاصة "ربحنا فرقة". ربحنا أكثر أن العالم سيعرف أننا لسنا عرب، والدليل أن العربية السعودية ستصوت للمكسيك حبا في فتيات المكسيك وبحيراته في كوادلاب وكودلاخرا، ستصوت أيضا الأردن والعراق وبعض الدول التابعة اقتصاديا للبلاط السعودي، وسنفرح نحن المغاربة لأننا سنكتشف أننا لسنا عرب وما يربطنا بهم هو الدين وبعض الهبات المادية.
سنربح أصوات إفريقيا، سنربح حب القارة وحب الجزائر الشقيقة، سنعتذر لهم على فشلنا للمرة الخامسة وسنهنئ مجددا أمريكا ونتقبل الخسارة بالتجربة والأقدمية وبالروح التاريخية. إذا فزنا وهذا مجرد حلم! فعلى الشعب أن يشمر على سواعده لنبني نفق تيشكا وطريق الناظور وقطار الصويرة وأكادير، دعونا نكون مغاربة وبافتخار ولو في الأحلام، دعونا نخبر عرب الخليج أن الأمير بن تاشفين قاد مملكة عظيمة من جنوب فرنسا إلى ضفاف واد النيجر بفكر مغربي خالص، قوامه البعد الأمازيغي في الهوية والإسلام في العقيدة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.