شعار قسم مدونات

حباً لا خجلاً!

blogs - muslim
دعك من انماط العُباد في حياتك ولا تحاول تكرار نمط بحد ذاته، أخبرك بأن الأمر بسيط وليس معقداً، لديك مرجعية ثابته " قرآن وسنة " كفيلة بجعلك تهتدي وتستقيم، "قل لا إله إلاّ الله ثم استقم "، لا أقصد بهذا الكلام نسف القدوات والتقليل من شأنهم، الأمر ليس كذلك، ولكني أدرك جيداً كيف يفكر شباب اليوم وأدرك أن ما يرددونه دائماً ليس مجرد شعارات وإنما شكل من أشكال الثورة التي تشهدها أمتنا، الشباب يبحث عن جهة يحاكمها ويُلقي عليها اللوم حتى وإن كانت الدين!

إذا لم يعجبك ما ذكرته في السطور الفائتة، لا تضع وقتك في قراءة ما تبقى من المقال، حتماً لن يعجبك وقد تعده هراء، العارف يُدرك جيداً معنى القرب من الله، لذة سجدة تقف عندها عاجزاً عن إدراك معنى أنك عبد لله، تعبده ثم تتلذذ بعبادته فتشكره ثم يشكرك على شكر نعمته بدوام تلك النعمة.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول "لولا ثلاث ما أحببت البقاء، ظمأ الهواجر وسجود الليل ومجالسة أناس ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر"، جميعنا يدرك معنى مجالسة أناس ينطقون بالطيب من القول، وعلو صوت الروح حين نصوم، لكن قلة القلة يعرف ويدرك معنى سجود الليل.

سجود الليل، قيام الليل، التهجد، "وأعلم أن شرف المؤمن قيام الليل"، هكذا أخبرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الليل شرف، والشرف خيار ومسؤولية والتزام، ليس من السهل أن تكون شريف بين عامة الناس فضلا عن أن تكون شريف بين عباد الله والمؤمنين به، المعنى المسيطر عن تلك الصلاة أنها صلاة حاجة، وأن المضطر والمكروب يدعو الله في تلك الساعات من الليل فيفرج الله كربته.

 

عبادة الحب تختلف اختلاف كلياً عن عبادة الخجل والاضطرار،  التشبث بتلك العلاقة، لا تشبهها أي عبادة

صحيح أن الله هو الأمل وأنه الملاذ، وأن لا ملجأ ولا منجا منه إلاّ إليه لكن عبادة الحب تختلف اختلاف كلياً عن عبادة الخجل والاضطرار، صلاة الحب، قيام الحب، رجاء الحب، التشبث بتلك العلاقة، لا تشبهها أي عبادة، تخبره بأنك غني كل الغنى به وفقير كل الفقر بدونه، وأن أقصى أمنياتك في هذه الحياة رضاه، رضا الله حقاً وليس مجازاً، ليس شعارات تردد فقط، ونمط وعظ سئمنا من سماعه، علاقة حب، علاقة عزيزة جداً على قلبك وأنت ببساطة تحافظ على دوامها وتخشى أن تنتهي.

علاقة ليس كباقي العلاقات مع البشر، الأمر مختلف تماماً، بالرغم من أنك الطرف دائم التقصير إلاّ أن الطرف الآخر دائم العذر، "ولا شخصَ أحبُّ إليه العذر من الله؛ من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين"، رواه مسلم.

علاقة غير متكافئة وهنا لذتها، عدم التكافؤ يجعل منا كعباد لله دائمي الجهد والجهاد والبذل رهبة ورغبة، المسافة بين الرهبة والرغبة ليست ضيقة كما نعتقد، ليست الفرق بين الأحرف هاء وغين، إنها مسافة الأمان، مسافة الثقة بالنفس والثقة بصدق الوعد " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"، مسافة السعي بعد الوعي.

ليو تولستوي يقول أن "الإنسان الذي يقدر على الحب يقدر على كل شيء"، ليو يتحدث عن الحب كقيمة إنسانية، تبث فيك القوة على مواجهة الحياة…تخيّل أن علاقة الحب هذه مع الله ، هنا يتجسد المعنى الحقيقي للتمكين والإستخلاف في الأرض، أنت تسعى في الأرض ليس لتحصيل الرزق ولا لكسب المزيد منه، بل لتُرضي محبوبك، ماذا إن ابتلعتنا الحياة وتقطعت بنا السبل وتركنا الدين، ما الذي سيتغير في الكون؟

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.