شعار قسم مدونات

حملة فكوا العاني.. متى يتحرر المعتقلون السياسيون بالجزائر؟

blogs حملة فكوا العاني

أجمل العمر ذلك الذي تقضيه بين كفي والدك، تستقي منه حب، حنان، عطف وتتعلم من تجاربه، فتكون من خلالها شخصيتك، وترتب أفكارك، وأولوياتك في الحياة. لكن! ماذا لو بين لليلة وضحاها فقدت كل الذي ذكرت، فعشت حياتك وحيدا دون أب، لم يرحل لأن الأجل حط رحاله بل رحل لأن الزنزانة غلقت أبوابها على أحلامكما وحذفت كل الصور من الذاكرة التي تجاهد النسيان.

نعم يا سادة، في الوقت الذي تنعمون فيه بالحب، والعطف، وتسجلون كل ذكرى على هواتفكم الذكية، كل صورة، مكالمة، رسالة.. هناك 160 سجين سياسي يقبعون في السجون الجزائرية لم تكحل أعينهم برؤية فلذات أكبادهم لسنين طوال منهم من ترك ابنه في المهد فصار رجلا تزوج وأنجب والأب الغالي غائب لا يذكر عنهم سوى صور الطفولة هذا إن تذكر فالبعض مصاب بالزهايمر والبعض بالجنون وأخر لا يدري في أي عالم هو والبعض توفيت والدته أو والده ولم يره وهناك قصص وقصص تشيب لها العواطف وتنزف لها المدامع، هؤلاء هم مساجين في فترة الانقلاب 1992.

لم تسوى وضعيتهم ولم يشملهم قانون المصالحة الوطنية رغم حالتهم الصحية المزرية بسبب التعذيب والإهمال الطبي من طرف إدارة السجون. هؤلاء المساجين ينقسمون إلى فئتان، فئة سجناء المحاكم العسكرية الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية، مدنيون وعسكريون، بسبب الانتماء السياسي وبتهم سياسية، تنطوي تحت بند تهديد أمن الدولة. وفي الفئة الثانية سجناء حوكموا أمام المحاكم الخاصة التي أنشئت عقب توقيف المسار الانتخابي عام 1992، والذين لا تشملهم الاستثناءات المنصوص عليها في قانون المصالحة، ومع ذلك فهم ما زالوا في السجن منذ عام 1992 إلى يومنا هذا.

تحاول تنسيقية عائلات المساجين السياسيين في الجزائر على طرح قضية المساجين مجددا فنظمت حملة فكوا العاني والتي يتم من خلالها التعريف قضية المساجين السياسيين المحكومون بالمؤبد والإعدام

تنص بنود المصالحة الوطنية على ما يلي: العفو على "الإرهابيين" الذين سلموا أسلحتهم باستثناء المذنبين في جرائم القتل الجماعي والهجمات التفجيرية على المنشآت العامة والاغتصاب ويشمل المحكوم عليهم غيابيًا. التبرئة الضمنية للأجهزة الأمنية من تهمة "اختفاء" أكثر من 7000 جزائري قسرا. والبنود المذكورة أعلاه لا تشمل 160 سجين والذي لا نعلم لحد الساعة سبب إقصائهم من المصالحة رغم أنهم من المدنيين العزل تم اعتقالهم من بيوتهم وليس لهم أي نشاط سياسي أو مسلح أي لا ينتمون للحزب المحظور والذي على أساسه تم الانقلاب واعتقال الآلاف لتعاطفهم ودعمهم له.

في الجانب الأخر هناك مساجين ينتمون للحزب السياسي المحظور تم محاكمتهم في محاكم خاصة لا تحوي على ذرة عدل وليست حتى كالمحاكم العسكرية والتي على الأقل معروف من القاضي وان كان مرفوضا تواجد دفاع لكن تبقى أهون من المحاكم الخاصة التي كانت أحكامها ظلما جائرا في حق أشخاص كانت تهمتهم الوطن.

بغض النظر عن التهم والأفعال المنسوبة للمساجين السياسيين فكان من المفروض أن المصالحة تجب ما قبلها وهذا ما لم يحدث في حالة 160 مسجون سياسي لا ندري بعد حالات غالبيتهم بسبب إخفائهم وعدم التصريح على أسماء السجون المتواجدون فيها فيما لاحظنا إطلاق سراح لقيادات كانوا مسئولين عن الجماعات المسلحة والذين صرحوا علنا وعلى الفضائيات بارتكابهم جرائم ضد الجيش والشعب فيما يسمونه بالجهاد ويمنع المدني المغلوب على أمره المحكوم إعدام ومؤبد لذنب هو أساسا لا يعلمه سوى أنه صل الفجر في المسجد أو أطلق لحيته، أو قصر ثوبه أو حضر درسا والبعض الأخر دافع عن قضية في رأيه أنها الحق وكل حر في رأيه، مادام لا يتعدى على أمن الوطن، والمواطن.

بعد كل هذا تحاول تنسيقية عائلات المساجين السياسيين في الجزائر على طرح قضية المساجين مجددا فنظمت حملة فكوا العاني والتي يتم من خلالها التعريف قضية المساجين السياسيين المحكومون بالمؤبد والإعدام الذين يعانون من أمراض خطيرة بسبب الإهمال الطبي والذين لم تشملهم المصالحة الوطنية ولم يشملهم العفو الرئاسي في المناسبات الوطنية مطالبين رئيس الجمهورية، واليد التي كانت سببا في طرح مشروع الوئام المدني، بالتدخل والتحقيق في قضية المساجين ولا نطلب إلا أن تشملهم المصالحة الوطنية وبكل عدل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.