شعار قسم مدونات

كان يا مكان.. واقع عجيب وأهداف تائهة!

blogs - مشروع

كان يا مكان.. شخص طيب في قرية طيبة ومجتمع من الطيبون يحبون الطيبة ويحبون نشرها قرر هو أصدقائه يوماً أن يغمروا قرية الأشرار التي تقع بالقرب منهم أن يغمروها بالطيبة ليصبحوا طيبين مثلهم فأنشؤوا المراكز والإذاعات والصحف والمجلات في قريتهم ليتحدثوا عن الطيبة وهم مقتنعين بأنهم سيقنعون الأشرار في القرية الأخرى أن يصبحوا طيبين علماً أن كل ما فعلوه قد فعلوه ووجهوه إلى القرية الطيبة فقط والنتيجة كانت أن الأشرار بقوا في قريتهم ولم يصلهم أية خبر عن الموضوع ولم يتحقق أي شيء ومع ذلك استمروا لسنوات ظنَا منهم أن ما يفعلونه صحيح وأنهم ماضون في الطريق الصحيح.

 

كان يا مكان.. إذاعة دينية فريقها متديّن وجمهورهم متديّن يحبّون الدّين ويحبّون نشر الدّين وبرامجهم دينية وموجهة للمتدينين، قاموا بإنشاء الإذاعة الدينية لهداية غير المتدينين الذين لا يستمعون إلى الاذاعة أصلاً ولا هم مهتمين ببرامجها ولا يعرفون بوجودها أصلاً ويفعلون هذا كل يوم ولا يدرون بأنهم عن هدفهم بعيدون وان الجمهور الوحيد لإذاعتهم هم المتدينين أنفسهم الذين يعرفون كل شيء يقال أو قد يقال على الإذاعة وأن الفئة التي يبحثون عنها لا تدري عنهم ولا سمعت بهم يوماً، ومع ذلك استمروا لسنوات ظنا منهم ان ما يفعلونه صحيح وأنهم ماضون في الطريق الصحيح.. 

  

الهدف العملي يجب أن يكون واقعياً وقابلاً للتحقيق، محدد وواضح وقابل للقياس لتعرف إن كنت قد أنجزته أو أن تعرف كمية انجازك فيه اضافة إلى كون هدفك

كان يا مكان.. مجموعة من العاملين بالتصميم والفن قرروا يوماً تحسين وضع السوق وتصحيح الأسعار حيث أن مجموعة من المبتدئين قاموا بتشويه سوق التصميم والفن وقاموا بتدنية مستوى الأسعار مما أثر عليهم بشكل كبير وكان لا بد من خطوة ما أو مشروع ما يساهم في إنقاذ هذا السوق، فقام مجموعة من العاملين جزاهم الله خيراً بعمل اجتماعات طارئة مع أبرز الشخصيات في هذا المجال وخططوا وعملوا لمدة 90 يوماً متواصلة حتى خرجوا أخيراً بقائمة أسعار تحتوي على أفضل الأسعار التي يجب اعتمادها في هذا المجال ووزعوها إلى نفس الناس الذين اجتمعوا معهم الذين يعرفون الأسعار أصلا ثم فرح الجميع وذهبوا إلى النوم ظنًا منهم أنهم قد حلوا المشكلة.

 

ولكن في الواقع هم أوهموا أنفسهم بهذا حيث ما زال المخربين مخربين إلى يومنا هذا وما زالت الأسعار متدنية وما زال الطلب في هذا السوق فقط من المخربين بسبب أسعارهم المنافسة وما زال العاملين الحقيقيين جالسين بلا أعمال، ومع ذلك استمروا لسنوات ظنًا منهم أن ما يفعلونه صحيح وأنهم ماضون في الطريق الصحيح.

 

كان يا مكان.. وكان وكان وسيكون الكثير أيضاً.. هناك الكثير من أمثال هذه القصة، قصص نسمعها أو نقرأها كل يوم، او حتى قصص نعيشها في واقعنا، كم هائل من المشاريع يتم تنفيذها دون التفكير أبداً بنجاحها او تحقيق اهدافها وجل ما يهم اصحاب هذه المشاريع هو إما المال أو الشهرة، أو نجدهم نائمين لا يدرون ما الذي يحدث إلا أن تأتيهم لحظة صحوة فيدركون حينها أنهم ضيعوا ساعات بل شهوراً وسنين معدودات في إنجاز لا شيء وعمل لا شيء من أجل لا شيء.

 

تحديد الهدف العملي وكيفية تحقيقه ليس بالشيء السهل ولكن في نفس الوقت ليس صعباً فهو سهل ممتنع، العمل بلا هدف هو كالإنتحار تماماً فهو تضحية بالوقت والجهد والمال والصحة وغيرها الكثير من أجل شيء غير معروف ونهايته غير معروفة، أيضاً وجود عدة أهداف رئيسية في نفس الوقت هو مشكلة أخرى خاصة إذا كان هناك تضارب في الأهداف أو عدم وجود أي امكانية لتحقيقها.

 

فالهدف العملي يجب أن يكون واقعياً وقابلاً للتحقيق، محدد وواضح وقابل للقياس لتعرف إن كنت قد أنجزته أو أن تعرف كمية انجازك فيه اضافة إلى كون هدفك مربوطاً بإطار زمني معين وليس مفتوح المدة، هناك فرق بين "سأربح المال" و"أريد أن أزيد من جودة الخدمة المقدمة لزيادة كمية العملاء وبالتالي زيادة الأرباح بمقدار 25 بالمئة قبل نهاية عام 2018″

   

الدرس المستفاد من القصص القصيرة بالأعلى هو فن الاستهداف، معرفة ما هو هدفي وتوجيهه بالطريقة الصحيحة الى الفئة التي يجب أن يوجه اليها، لا يكفي فقط تنفيذ المشروع بل توجيهه بالطريقة الصحيحة، فالقصص أعلاه هي 3 قصص تتحدث عن الفشل الذريع في تحقيق الأهداف، لذا أنصحك عزيزي قارئ هذا المنشور عندما تقرر تنفيذ مشروع أعرف لم هذا المشروع ومن المستفيد منه وكيف ستحقق هدفك ثم أبداً بتنفيذه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.