شعار قسم مدونات

طائرات الأحلام!

blog - 1طائرات غزة

بالأحلام والأمنيات تحلق الطائرات الشراعية الصغيرة التي يطلقاها أطفال وشباب غزة مفعمة بالأمل والغضب معاً، تحمل آمال وآلام هذا الشعب العظيم الذي مورست بحقه أعتى أساليب القمع والقتل والحرمان، يدرك أهل غزة أن حمامة السلام ما صنعت يوما الأحلام ولا حتى حملتها وإنما كانت ببياضها عبئا عليهم، ابتكر اليوم أطفال وشباب غزة وسيلة جديدة لنقل آمالهم وأحلامهم وسيلة كسرت قيد الحصار وهزمت عدة وعتاد المحتل المتطور وأظهرت ضعفه وانهزامه.

 

من كان يظن بأن أعواداً خشبية وأوراقاً ملونة حملت أحلام أهل غزة سوف تنزل هزيمة كبيرة بحق هذا الاحتلال ليس فقط هزيمة وخسارة مادية وإنما هزيمة أمام الإنسانية جمعاء فقد كشفت عن مأساة يعيشها قطاع غزة منذ اثنا عشر عاماً من الحصار والعدوان من القريب والبعيد، أظهرت أن الشعب الفلسطيني يتقن كافة الأساليب لمواجهة الاحتلال وأنه يتمتع برباطة جأش عالية رغم كل التضحيات التي بذلها أهل القطاع.

وهنا تكمن أهمية النضال الشعبي، فقد أعادت مسيرات العودة القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح وأظهرت للعالم أجمع بأن هذا الصراع هو صراع بين شعب أعزل ومحتل غاشم لا يعرف للإنسانية طريق وإنما عُهد عليه بأنه متطرف حاقد ونازي، وأن كل ما يمارس بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والداخل المحتل هو عملية تطهير عرقي، وإنها بكل تأكيد قضية حق ضد هذا الاحتلال الغاشم، وليست صراع داخلي على سلطة وهمية لا يمتلك أي طرف مفاتيح السيادة والسلطة فيها.

undefined

 
اليوم ظهر وبشكل واضح للعيان بأن من يشارك المحتل في هذا الحصار ضد أهل غزة هو طرف فلسطيني ويحاول بكافة الطرق و الوسائل أن يخدم الاحتلال وبكل ما أوتي من قوة حتى ولو كانت على حساب الشعب الفلسطيني في غزة والضفة المحتلة وعلى الرغم من كل هذا التفاني لخدمة المحتل فإنه لن يمنحهم مقاليد الأمر حتى الأرض التي سميت اليوم بفلسطين، إن المسيطر الوحيد هو الاحتلال الصهيوني حتى تُغير المقاومة بكافة أشكالها الشعبية والمسلحة مسرى الانهزام.

  

حق لأهل غزة أن يفتخروا بأنفسهم فهم الثابت الوحيد في زمن المتغيرات حيث بدأت تتحول العلاقات الفلسطينية والعربية والاسلامية لتتماهى بشكل غير معقول ومستفز مع الاحتلال الاسرائيلي

عبر التاريخ أثبت المقاومة الشعبية قدرتها على تحقيق مطالب الشعوب بالعيش بحرية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية، هي بالتأكيد استراتيجية جديدة قديمة انتهجها اليوم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بحرفية عالية وبإبداع منقطع النظير، فمن رحم الصعاب والتحديات يولد الأمل والإبداع، فلتسقط حمامة السلام ولتحلق طائرات غزة الحارة ولتكن لعنة وغضب تصب على كل مغتصب حاقد سرق الأرض وقتل الطفولة، فلن يزرع هذه الأرض إلا أصحابها ولن يأكل من ثمرها إلا أهلها.

 

لكن هذه المقاومة الشعبية لا تعني أن يترك صاحب الحق سيفه، فطالما وجد هذا السيف لن يقدر مغتصب أن ينام قرير العين مرتاح البال وهو يعرف بأن ساعة جز الرقاب قد اقتربت. لا يمكن القول بأن حاجة لدعم عربي وإسلامي أمر غير ضروري بل هو أمر أساسي لحماية ونصرة القضية الفلسطينية، إلا أن هذا الدعم مفقود والبوصلة منحرفة والقلوب غُلفٌ، فاليوم تشارك مصر العربية الاحتلال في حصار أهل غزة بل وتحاربه على كافة الأصعدة الإنسانية والسياسة والاجتماعية والإعلامية، ولسان حال العدو الغاصب يقول رب أخ لم تلده أمك، لكن على الرغم من فقدان هذا الدعم الا أن الحراك الفلسطيني على حدود غزة بدأ ولم يتوقف وسوف يبقى مستمرا وبنفس الارادة وعلى قدر كبير من الوعي والتضحية حتى تتحقق مطالبهم.

 

حق لأهل غزة أن يفتخروا بأنفسهم فهم الثابت الوحيد في زمن المتغيرات حيث بدأت تتحول العلاقات الفلسطينية والعربية والاسلامية لتتماهى بشكل غير معقول ومستفز مع الاحتلال الاسرائيلي وتتبنى روايته ورؤيته أيضا. سوف يسجل التاريخ بأن مسيرات العودة في غزة قد غيرت مجراه وأن طائرات أطفال غزة قد جعلت للثورة عنوان أخر هو السماء، لشعب أعزل وحيد يحارب اليوم من أجل أرضه وحياته وقوت يومه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.