شعار قسم مدونات

هم يريدون أردوغان آخر!

blogs_ أردوغان

بينما كانت تركيا ترضخ تحت سندان الفقر، وعجز الميزانية، الذي أطاح بقيمتها اقتصاديًا لتصبح في أواخر قائمة الدول المتقدمة اقتصاديًا؛ آتى لها الإذن بأن تكشف الغطاء عما كان مخفيٌّ، والتخلّص من سندان الفقر الذي عانت منه الدولة العثمانية حجج طويلة، وذلك حينما أُعلِن في أرجاء البلاد منتصف عام 2014 بأن رجب طيّب أردوغان هو القائد، والمسؤول عن زمام الحكم.

  

هو الفائز بغالبية أصوات المرشّحين، الذين ظنّوا خيراً برجل كان جل تخطيطه هو كيف ينهض بتركيا ويحملها من الركود إلى مراحل التنمية والتطور الاقتصادي، والاجتماعي؛ بذريعة أنها حجر الأساس لإفساح المجال للمواطن وكذلك المقيم، لممارسة حق الحياة بأزهى صوره، وبثّ الشعور بالطمأنينة والأمان لديهم؛ وذلك بتوفير كل سبل الوصول إلى مراحل الإنسانية الحقيقية.

 

حينما نتحدّث عن أردوغان، فأننا نسرد أعجوبة صنعها بنفسه؛ كي يجعل عامة الشعب يشعرون بالانتماء الحقيقي لوطن تم قيادته إلى موكب الدول العشرين التي تملك أعلى اقتصادًا على المستوى العالمي، بعد أن كانت بعيدة عن هذا النطاق بما يقارب 10 أضعاف، ولكن لا غرابة في ذلك، إننا نتحدّث عن رجل كان ولا يزال يعمل بإنسانيته، وعندما كان يُسأل عن انتمائه؛ كان لا يتردد في قول بأنه ينتمي لكل شبر على سطح الأرض يتم فيه رفع الأذان، فقد كان الطيّب يدرك يقيناً بأن الشعور بالإنسانية والدين أهم العوامل التي تجعل الوطن والمواطن يشعران بآمان لا آمان بعده. 

 

ما يسعني قوله هو أنه عالمنا الواسع ضيُق بما فيه الكفاية، إذ أنه أوجد قلة مثل الطيِب، الذين يعيشون ويسعون من أجل خدمة العامة

هذا الكمُّ من الإنسانية الذي يتعامل به الطيّب مع شعبه؛ جعل بقيّة الشعوب تبحث عن أردوغان آخر لبلادها، متأملة بقيادة زاهرة لا يشوبها ظلم، واحتكار، أو أي صورة من صور ضياع الحقوق، فهم لا يطمعون بغير قائد إنساني بحقّ كما حظي به الشعب التركي. كنت أفكّر مليّاً وأقول: لماذا أردوغان؟ وماذا اقترفنا من ذنوب كي نُعاقَب بحكّام لا يعرفون كيف تكون الإنسانيّة؟! أو كيف يمكن أن يُعامَل الشعب بأسلوب يحافظ على كرامته، وحقّة من المعيشة في هذه الحياة.

   

فما أبسط أحلام الفرد العربي، إذ أنهم لا يستوعبون حلم أكبر من العيش تحت مسؤولية حاكم يتعامل بكامل إنسانيته. نعم، فنحن شعوب بسيطة، متواضعة، قنوعة، أقصى أحلامنا هي أردوغاناً آخر، يسير بنا نحو السبيل الآمن، ويجعلنا نشعر بأن الحاكم هو الذي يفكّر بمصلحة الشعب أكثر من مصلحته، يجعلنا نتخلّص من الأفكار الفارغة التي توارثوها حكّامنا أعوامًا عديدة، ونفتح قصة جديدة مفعمّة بالصبر الذي يصنع منا آداة حقيقية لمواجهة أعباء الحياة بكل قوة.

 

وبدعم كبير يقوده رجل يخاف الله في العباد، ولا يفعل إلا ما تفتضيه الإنسانية؛ فيشعر بأنه حقاً إنسان، ونشعر نحن بأن لنا حقوقنا في هذه الحياة. لا أستطيع القول بأنه الأول والأخير في هذا العالم، ولكن ما يسعني قوله هو أنه عالمنا الواسع ضيُق بما فيه الكفاية، إذ أنه أوجد قلة مثل الطيِب، الذين يعيشون ويسعون من أجل خدمة العامة، والارتقاء بالوطن، وإخراجه من كومة الخيوط السوداء المتشابكة، والعمل كل العمل لئن يكون آمناً مطمئنًا. 

  
السلام عليكم يا أردوغان، أما بعد، نحن لا نملك تجاهكم إلا الانحناء احتراما لشخصكم، هكذا علّمتنا أمهاتنا. أمهاتنا وليست أنظمة الحكم عندنا، أما حكّامنا فما همّتهم كرامتنا فوق هذه الأرض؛ ظناً منهم بأننا خُلِقنا من حجر مُكوَى بماء، متى ما أرادوا السير فوقه ساروا وبكل كبرياء، ليتهم يفكّرون بنا كما يفكّرون بكيفية إبادتنا، وتهجيرنا من حاراتنا، فالسلام علينا، على صبرنا، وشدّة تحمّلنا، على حقوقنا المسلوبة، على الحاكم الذي زعم يوماً بأننا عبيد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.