شعار قسم مدونات

محاكمة ابن تيمية.. موقفه من التكفير والجهاد

blogs - ابن تيمية

ابن تيمية ذلك الشيخ العالم الذي لا تكاد تقرا فتوى أو مرجع إلا وفيه استدلال بأقوال ابن تيمية ظلمه بعض محبيه باستدلالاتهم الخاطئة وإسقاط فتاواه في غير محلها زمانا ومكانا وظلمه شانئيه قديما وحديثا بفهمهم الخاطئ ابن تيمية لم يترك مجالا في علوم الشريعة إلا وخاض في بحره فإذا تكلم في فن من فنون الشريعة أحسست أنه حامل لواء ذلك الفن فبرع في شتى علوم الشريعه إضافة للمنطق والفلسفة.

 

ولا يزال في عصرنا هذا يسجن الكثير في بعض الدول لمجرد اقتناء كتب ابن تيمية، ولا تزال بعض الدول تمنع كل أو أغلب كتبه، بل إن دولا رعت طباعة كتبه منعت من تداول بعض كتبه لاعتقادها بأنه يخالف فيها اختياراتها الدينية.

 

لقد ترك شيخ الإسلام ابن تيمية رصيدا من العلوم ما يزيد على أربعة آلاف كراسة، في مختلف العلوم الشرعية بجانب ثروة من الفتاوى التي جمعت في سبعة وثلاثين مجلدًا ضخمًا، والتي عكست مدى فهمه العميق وفقهه لقضايا المسلمين، ومدى سعة أفقه، ووعيه بمكمن الداء للأمة ومدى المخاطر المحدقة بها، وهي الفتاوى التي جلبت عليه الكثير من المحن والابتلاءات من سدنة الجمود وأساطين التعصب.

 

في مصر تأثرت معظم الجماعات الإسلامية بفكره كجماعة الجهاد التي قتلت السادات والجماعة الاسلامية وداعش في سوريا والعراق وغيرها وقد تأثر الشيخ رشيد رضا بابن تيمية ونشر فكره في مجلة "المنار"

ولتقريب الأمور وإظهار الحقيقة الكاملة عن ابن تيمية وأراؤه هذه صورة تخيلية لمحاكمة ابن تيمية ومعرفة من هو وما هي أراؤه لمعرفة أراؤه عن قرب والمسائل التي شنع عليه فيها خاصة مسائل التكفير والجهاد والقتل والتي تنسب بسوء فهم لابن تيمية.

 

وكيل النيابة حضرات القضاة أن أفكارابن تيمية ما زالت مصدر إلهام لكثير من الحركات الإسلامية خاصة داعش ومن يسير في فلكها في مسائل القتل والتكفير فقد توسعت هذه بعض هذه الجماعات في القتل وتكفير المخالفين دون حجة أو مستند من دين الله بل استنادا إلى أقوال ابن تيمية وله 37 مجلدا من الفتاوى تحوي هذه الأفكار التي يستند إليها هؤلاء إضافة إلى 5 مجلدات من الفتاوى المصرية وكتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول وكتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم هذه الكتب المذكورة شكلت منهجا فكريا ومرجعا للفتوى من قبل هؤلاء.

 

ففي بلاد الهند البعيدة تأثر الشيخ ولي الله الدهلوي بفكر ابن تيمية فراح ينشره في أرجاء الهند ولاقى معارضة شديدة وعنتًا من فقهاء الهند المتعصبين بشدة للمذهب الحنفي، ثم جاء الشيخ أبو الأعلى المودودي مؤسس الجماعة الإسلامية وتأثر بمنهج وفكر ابن تيمية، واستمد من مشروعه التجديدي النظرية التي أقام عليها منهج الجماعة الحركي.

 

وفي مصر تأثرت معظم الجماعات الإسلامية بفكره كجماعة الجهاد التي قتلت السادات والجماعة الإسلامية وداعش في سوريا والعراق وغيرها وقد تأثر الشيخ رشيد رضا بابن تيمية ونشر فكره في مجلة "المنار" فلهذا أطلب من سيادتكم توقيع أقصى العقوبة عليه نظرا لما أودت أفكاره وفتاويه بكثير من حياة المسلمين اليوم ومناقشتة في أفكاره خاصة التي يستند إليها هؤلاء في مسائل التكفير والقتل والجهاد.

 

الوقائع التاريخية

ما حدث سنة 693هـ عندما سب أحد النصارى من أهل السويداء وهي قرية من قرى الشام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قام ابن تيمية بقيادة جمع غفير من الناس للقصاص من هذا المجرم وجرت خطوب كثيرة بسبب حماية أحد الأمراء الأتراك له، وآل الأمر إلى ضرب ابن تيمية وحبسه، وقد صنف ابن تيمية في هذه الواقعة كتابه الشهير الصارم المسلول على ساب الرسول.

 

وفي شوال سنة 699هـ خرج ابن تيمية ومعه خلق كثير من المتطوعة وأهل حوران لقتال أهل جبل الجرد وكسروان وهم من النصيرية الكفرة بسبب تعاونهم مع التتار وكفرهم وضلالهم وخروجهم على الطاعة. وفي سنة 699هـ دار ابن تيمية وأصحابه على الحانات والخمارات التي فتحت في دمشق بعد دخول التتار إليها فأراقوا الخمور وعزروا أصحاب الحانات ومنعوهم من العودة لمثل هذه الفواحش. وفي سنة 701هـ ثار جماعة من الحسدة على الشيخ ابن تيمية، وشكوا منه أن يقيم الحدود ويعزر ويحلق رءوس الصبيان، ولكن الشيخ أصر على مواصلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

وفي سنة 704هـ أمر ابن تيمية بعض جهلة المتصوفة بترك ما هم عليه، مثل الشيخ إبراهيم القطان وكان يتشبه بالحيوانات في هيئته، ومحمد الخباز البلاسي وكان يتعاطى المحرمات، وفي نفس السنة راح ابن تيمية إلى مسجد التاريخ بدمشق وأمر أصحابه ومعهم حجارون بقطع صخرة كان الناس ينذرون إليها ويزورونها، فقطعها وأراح المسلمين منها ومن الشرك الذي يقع عندها.

 

وقائع المحاكمة

القاضي: ما اسمك

ابن تيمية: أحمد بن شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم بن مجد الدين عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن تيمية.

 

القاضي: أين ولدت وما مكان ميلادك؟

ابن تيمية: ولدت في يوم الاثنين 10. ربيع الأول سنة 661 هـ في حران بسوريا.

 

القاضي: أين كنت تحضر دروس العلم ومن هم الشيوخ الذين حضرت لهم؟

ابن تيمية: أنا حضرت لأكثر من مائتي شيخ كما سمعت من أربع شيخات.

 

القاضي: أين ومتى كنت تلقي الدروس؟

ابن تيمية: جلست للتدريس بدار الحديث في دمشق سنة 683هـ في الثانية والعشرين من عمري، وكان يحضر لدي قاضي القضاة وشيوخ المذاهب على رأسهم الشيخ تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية، وجلست في الجامع الأموي أكبر مساجد دمشق والشام وأشهرها لشرح التفسير وذلك في نفس السنة.

 

القاضي: ومن كان يحضر لك الدروس التي كنت تلقيها؟

ابن تيمية: من هؤلاء على ما أذكر: الإمام ابن قيم الجوزية والإمام الذهبي والإمام ابن كثير والحافظ البزار وغيرهم.

 

القاضي: ما تعريفك للاسلام ؟

ابن تيمية: الإسلام الذي هو دين الله الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله وهو أن يسلم العبد لله رب العالمين فيستسلم لله وحده لا شريك له ويكون سالماً له بحيث يكون متألهاً له غير متأله لما سواه كما بينته أفضل الكلام ورأس الإسلام وهو شهادة أن لا إله إلا الله وله ضدان الكبر والشرك ولهذا روي أن نوحا عليه السلام أمر بنيه بلا إله إلا الله وسبحان الله ونهاهم عن الكبر والشرك في حديث قد ذكرته في غير هذا الموضع فإن المستكبر عن عبادة الله لا يعبده فلا يكون مستسلماً له والذي يعبده ويعبد غيره يكون مشركا به فلا يكون سالما له بل يكون له فيه شرك، ولفظ الإسلام يتضمن الاستسلام والسلامة التي هي الإخلاص.

 

القاضي: ما هو معتقدك ومذهب؟

ابن تيمية: أما الاعتقاد فإنه لا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني بل يؤخذ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه سلف الأمة فما كان في القرآن وجب اعتقاده وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم.. وكان يرد عليَّ من مصر وغيرها من يسألني عن مسائل في الاعتقاد أو غيره فأجيبه بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.

 

القاضي: ما هو التكفير من وجهة نظرك

ابن تيمية: أولا التكفير هو من الوعيد أي الشهود بدخول النار فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص، أو سمعها ولم تثبت عنده، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب.

 

القاضي: وماذا تقول فيما نسب إليك من تكفيرك لمن خالفك الرأي؟

ابن تيمية: أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم، و إن كان ذلك المخالف يكفرهم، لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى.

  

القاضي: إذن ماذا تقول لمن يتوسع في تكفير الناس اليوم؟

ابن تيمية: من جالسني يعلم أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقاً أخرى، وعاصياً أخرى، وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا، فهو أيضاً حق، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.