شعار قسم مدونات

مسعود أوزيل.. المهاجر التركي السئ!

LONDON, UNITED KINGDOM - MAY 13: Turkish-German football player Mesut Ozil who plays for Arsenal (L) presents a jersey to Turkish President Recep Tayyip Erdogan before their meeting in London, United Kingdom on May 13, 2018.

خرجت ألمانيا من كأس العالم الماضية بروسيا تجر أذيال الخيبة بإقصاء هو الأمر لها على الإطلاق، حيث كان مصيرها كمصير المنتخبات الصغرى العديدة التي خرجت بخفي حنين من الدورة أو بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها. بل على العكس من ذلك قدمت بعض المنتخبات التي تسمى صغيرة أداءا راقيا أحسن من المنتخب الذي كان بطلا للعالم قبل حين. تعددت أسباب خروج المانشافت من هاته الدورة فمن اختيارات المدرب يواكيم لوف لقائمته النهائية قبل الدورة إلى اختياراته الفنية داخل مبارياتها، إلى غرور البعض من جهة وعدم إعطاء البعض الأخر لمستوى يليق ببطل العالم من جهة أخرى، وإلى غيرها أسباب أخرى متعددة جعلت الجميع يلوم وينتقد لخروج كارثي وعار على منتخب بحجم ألمانيا يحمل مواطنوه العنجهية الهتلرية التي لا ترضى إلا بالصدارة ولا غيرها فما بالك بخروج من الدور الأول للمسابقة المفضلة لديهم، وعلى عكس الحالة التي كانت قبل 4 سنوات فقط بعد تتويج وفرح وتهليل عظيمين.

في ألمانيا أطلق الجميع العنان لانتقاداتهم والتي غالبا ما تكون بناءة، وهذا ما هو معروف عنهم منذ الأزل، فمن النكبة والمصيبة الكبرى يُصنع الإعجاز عندهم لا محالة، فلم يسلم منها الجميع والكل أعطي حقه وواجباته وما له وما عليه خلال المونديال. ولكن أحدهم كان استثنائيا فكان عليه أكثر مما له، بتداخل أخر غير رياضي على عكس البقية الذين تمت محاسبتهم رياضيا فقط على الأداء العام للمنتخب والذي قدم فيه مسعود أوزيل أداءا سيئا للغاية على غرار زملائه أيضا ممن يتحملون جميعا مسؤولية المشاركة الكارثية في حين نال أوزيل القسط الوافر من الانتقاد وحمله الكثير المسؤولية وحده في السقوط المدوي للمنتخب.

قرر أوزيل أنه لن يلعب مع ألمانيا على المستوى الدولي مرة أخرى بسبب شعوره بإهانة عنصرية وعدم احترام، فقد اعتاد حسبه على ارتداء قميص ألمانيا بفخر وحماس لكن الأن لا يشعر بذلك

اللاعب الألماني مسعود أوزيل ذو الأصول التركية خارج المنتخب نهائيا، العبارة الأكثر ترديدا على مسامع الألمان منذ أسبوع تقريبا حيث خرج بتصريح يعلن فيه اعتزاله نهائيا من تمثيل المنتخب الألماني دوليا بعد الأن وأنه لن يحمل قميص المنتخب مجددا حيث خرج بتصريحات نارية تعطي للاعتزال بعدا سياسيا أكثر منه رياضي فحسب وكالة أنباء رويترز قال مسعود أوزيل إنه اعتزل اللعب مع المنتخب.

 

وبالنسبة له فالتقاط صورة مع الرئيس أردوغان لا يمت للسياسة أو الانتخابات بصلة بل لها علاقة باحترام أعلى منصب في بلد عائلته، ووظيفته هي لاعب كرة قدم وليس رجلا سياسيا، و جتماعه مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان قبل المونديال لم يكن دعما لأي سياسات وأضاف قائلا أن المعاملة التي تلقاها من الاتحاد الألماني وآخرين جعلته لا يرغب في ارتداء قميص ألمانيا مجددا وهو يشعر أنه غير مرغوب فيه ويعتقد أن كل ما حققه منذ مشاركته الأولى مع المنتخب في 2009 تم نسيانه، وأضاف أن الأشخاص أصحاب الخلفية العنصرية لا يجب السماح لهم بالعمل في أكبر اتحاد كرة قدم في العالم يوجد به لاعبون من أصول مزدوجة، نهجهم لا يمثل وببساطة انعاكسا للاعبين المفترض أنهم يمثلونهم.

أوزيل تابع قائلا أنه وبحزن بالغ وبعد فترة تفكير طويلة بسبب الأحداث الأخيرة قرر أنه لن يلعب مع ألمانيا على المستوى الدولي مرة أخرى بسبب شعوره بإهانة عنصرية وعدم احترام، فقد اعتاد حسبه على ارتداء قميص ألمانيا بفخر وحماس لكن الأن لا يشعر بذلك. الأزمة بحيثياتها انطلقت حين قام مسعود أوزيل وإلكاي غوندوغان بأخذ صور تذكارية مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، والتي أحدثت حينها ضجة كبيرة وجدلًا واسعًا جدًا داخل ألمانيا حيث اعتبر أنه استفزاز واضح للشعب وللسلطة الألمانية على حد سواء، حيث أهدى مسعود أوزيل قميصه في نادي أرسنال الذي يحمل الرقم 11 للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع أخذ صورة تذكارية أيضًا وغرد قائلًا : صحبة جيدة هذا المساء، وهو الفعل نفسه الذي قام به الكاي غوندوغان لاعب مانشستر سيتي، وهي الصورة نفسها التي سبقه حزب العدالة والتنمية التركي حزب الرئيس إلى وضعها على حسابه أيضًا ليعطيها طابعًا سياسيًا أكثر منه رياضي.

واعتبر الاتحاد الألماني للعبة ما قام به اللاعبان حينها غير جيد بالمرة وكان عليهما عدم القيام بذلك، وأنه أيضا تنشيط لحملة أردوغان وتحسينا لصورته في الأوساط التركية ودعم واضح له منهما ودعوة لدعمه، وهو الذي تخالف مواقفه ألمانيا فهو ديكتاتور بعيد كل البعد عن الديمقراطية حسبهم وأنه رفض سابقًا قيام الجالية الألمانية في تركيا بالقيام بحملات انتخابية السابقة داخل الدولة، وهو الذي أجج الصراع السياسي أكثر، بالإضافة إلى التعديلات التي قام بها الرئيس التركي في الدستور والتي تمنحه صلاحيات أوسع، وهو الأمر الذي رفضته أغلب الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا، في حين دخلت وزيرة الخارجية الألمانية أنجيلا ميركل على الخط أيضًا، وعبرت عن استيائها لما حدث، واستغرابها لهذا الفعل من مواطنين ألمانيين.

undefined

وصرح بعض السياسيين الألمان أن ما قام به مسعود أوزيل وغوندوغان المولودان بمدينة غيلسنكيرشن الألمانية الحدودية مع دولة تركيا هو فعل مناف حقًا للقيم الألمانية، وهما اللذان كانا يعبران ويمثلان حقا ما يسمى بالألمان الجدد الذين يمثلون الهوية الألمانية البحتة، ولا علاقة لها بالأصول القديمة، وأن المهاجر يمكن أم يكون ألمانيًا بحتًا فقط بالتعايش والاندماج، وهو ما أفسده اللاعبان باعترافها بأردوغان كرئيس لهما وعبرا عن ذلك علنا، والتقى نجما كرة القدم بالرئيس الألماني والتر شتاينماير لتوضيح الصورة وتبيان وجهة نظرهما مما حدث ، حيث أوضحا أن اللقاء لم يكن ذا طابع سياسي البتة، وأنها كانت صورة أثناء فعالية تدعم الطلاب الأتراك في ألمانيا ليس إلا.

وبعد هذا الجدل والصراع الذي اشتعل يفتح الباب مرة أخرى لموضوع المهاجرين داخل الأراضي الألمانية، وهو الذي يتزايد بشكل كبير منذ سنة 2015، والتي استقبلت فيه ألمانيا ما يقارب المليون لاجئ، خصوصًا من البلدان العربية والإسلامية حيث تستضيف ألمانيا حاليًا ما يقارب 5 ملايين مهاجر يعمل أغلبيتهم بداوم كامل وجزئي، وتسعى ألمانيا لتحقيق اندماج كامل لهؤلاء مع المجتمع الألماني، خصوصا وأن أغلبهن يفضل البقاء في ألمانيا والاستقرار بها على العودة إلى أوطانهم التي أنهكتها الحروب ونخر أجسادهم الفقر فيها، حيث يحاول الجميع الانصهار داخل المجتمع الالماني لتسهيل البقاء والعيش بها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.