شعار قسم مدونات

والذي ألهمك الدعاء.. كيف يحرمك الإجابة؟

blogs دعاء

الدُعاء نبعُ العِبادَة، ووَصلةٌ لإشباعِ الرُوح، وحُظوةٌ للتغيير مِن حالٍ إلى حَال، مِن بلاءٍ إلَى رخَاء، وِمن نَقمةٍ إلى نَعمَة، وِمن محنةٍ إلى منحَة، وِمن ألمٍ إلى أمَل، ومَن انكسِارٍ إلى انتِصار. ويقينُ الدعاءِ يكمنُ في التبرؤ مِن القوّة، والتنصّل مِن العزّة، والخُضوع والاستكَانة إلى الله جازِماً بالدُعاء، مُوقِناً بالإجابَة، يَقول اللهُ تعَالى في سُورة غَافر، آيَة رقَم ( 60 ) "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ". إن آلمَتكَ الكُربَات، وأضنتكَ النَكبات، وساءَت بكَ الدنيَا، فآذاكَ الهمّ، وأشجاكَ الغمّ، فَمن سيُنجدُ المَنكوب، وَيُسعف المَكروب، إنّه الله فَالق الحبّ والنّوى.

الدُعاءُ يدفعُ البلاءُ ويردُّ سوءَ القَضاء، فَكم مِن مَريض ابتهلَ إلى اللهِ ونالَ شِفاءه، وَكم مِن مَحروم تضرّع إلى الله وأدركَ حاجَته، وكَم مِن فَقيرٍ دعَا الله وأحرزَ مَطلبَه، وَكم مِن سائلٍ ناشدَ الله وأصابَ مَسألته، وَكم مِن مَلهوف توسّل الله وكسبَ نجدَته، إنّه الله، لا إلهَ سِواه. إن نزَلت بكَ النوازِل، ونَابَت بكَ النوائِب، فقُل يَا الله، يَا ذُو الفضلِ الكَريم، يَا سميعُ يَا عَليمُ، اكشِف كُربتِي، وآمِن روعَتي، فدعاء اللهِ شفاءٌ لكلّ داء، وجَلاءٌ لكلَ بأسَاء، وبرءٌ لكلّ بَلاء، يقولُ الله تَعالى، فِي سُورة الأنبيَاء، آيَة رقَم ( 88) "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ".

فَما إن أظلَمت الدُروب، وَتتالَت الخُطوب، اهتِف يَا الله، فهوَ أرحمُ منكَ عليكَ، وأعلمُ بحاجتكَ، فهوَ الملاذُ مِن كلّ بَليَة، والملجَأ مِن كلَ ضيقَة، فَإن ذَكرتهُ ذَكرك، وإن شكرتَه شكَرك، وإن دعَوتهُ أجابَك، يَقولُ اللهُ تَعالَى فِي سورةِ البَقرة، آيَة رقَم ( 186 ) "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".

إنّ صقلَ القُلوب بذِكر الله، تُزيلُ كلَّ شائبٍ عَكِر، وَتُزيحُ كلّ خائبٍ كَدِر، فَحياةٌ تخلُو مِن ذِكر الله، حياةٌ بِلا جَدوى، يقولُ أحدُ الصَالحينَ: (مَا أعلمُ معصيةً أقبحُ مِن تركِ ذكرِ الله تَعالَى)

بذكرِ اللهِ تَزول الأزَمات، وتُكشف النَكبَات، فيطمئنُ البَال، ويُسعدُ الحَال، فتُحطُّ الذُنوب، وتَسكنُ القُلوب، وتَذهب الكُروب، يقولُ اللهُ تَعالى في كِتابهِ الكَريم، في سُورةِ آلِ عمرَان، آيَة رقَم ( 41 ) "وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ". مَن ذكرَ الله ذَكرَه، وكانَ في مَعيّته وتَوفيقه، فأتمَّ اللهُ حوائجهُ، وأزالَ شدائدَهُ، يقولُ الله تعالَى فِي سُورة البَقرة، آيَة رقَم ( 152 ) "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ"، فذكرهُ جلَّ وعلا، لا يُكلَف العبدَ العناءَ، ولا ينالُه الوَناء، ومَن تقرّب إلى اللهِ ذراعاً، تقرّبَ اللهُ منهُ بَاعاً.

ذكرُ الله هوَ اليسرُ بعدَ العسرِ، والهناءُ بعدَ الشَقاء، والفرحةُ بعدَ التّرحة، وأعدَّ الله للذاكرينَ الشَأن الكَريم، والشأو العَظيم، يقولُ الله تعالى في كٍتابهِ الكَريم، في سُورةِ الأعلَى، آيَة رقَم ( 14،15 ) "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"، فذكرُ اللهِ منهاجُ السنَة، وغراسُ الجنّة. في ذكرِ الله تَكاثَرت الفَضائل، وتبيّنت الدلائِل، يقولُ الله تعالَى، في سُورة الأحزَاب، آيَة رقَم (35 ) "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"، فمنحَهمُ الله حَياة مِن الخضلَة، ونَجَاة مِن الغَفلة، فتتَلاشَت عُيوبهُم ، واضمَحلَّت خُطوبهُم.

إنّ صقلَ القُلوب بذِكر الله، تُزيلُ كلَّ شائبٍ عَكِر، وَتُزيحُ كلّ خائبٍ كَدِر، فَحياةٌ تخلُو مِن ذِكر الله، حياةٌ بِلا جَدوى، يقولُ أحدُ الصَالحينَ: (مَا أعلمُ معصيةً أقبحُ مِن تركِ ذكرِ الله تَعالَى)، فمثلُ أهلِ الذكرِ والغَفلةِ كمثلِ الحيِّ والمَيّت. إن حلَّ بنَا الهَمّ، وخيَم علينَا الغمَ، وَضَاقَت السُبل، وتعسّرَت الحيَل، فَلا مَعقلَ لنَا سوَى اللهُ الأحَد، جابرُ الخَوطر، وَأنيسُ كلَ مأزق، ونَصيرُ كلّ مأزم، فما مِن شدّة إلا وسيأتي فُرجتها، وَمَا مِن ضائقَة إلا علَى الله حلَها وَمَا بعَد العسرِ إلا اليُسر، فكُن معَ اللهِ في دعائكَ ورَجائكَ، يَقول الله تعالى في سُورة الأنبيَاء، آية رقَم (84) "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ". عليكَ بالدعاءِ والرّجاء، مُدّ يدكَ الطاهرتينِ، وارفَع كفيّك، ونَاجي الله، فهوَ القريبُ المُجيب، منكَ الدعاءُ ومنهُ الإجابَة.

عمَّ المصَابُ بأرضِنا والداءُ وبكلِّ قطرٍ محنةٌ وبَلاء
فافزَع إلى ربّ الأنامِ فإنهُ إن شاءَ عمَّ الخيرُ والنّعماء

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.