شعار قسم مدونات

بين الأنا والآخر.. العقل محور الصراع!

blogs إنسان تفكير، تأمل

"خلال بحثك عن الحقيقة كنْ على أهبة الاستعداد لغير المتوقّع، فدرب الحقيقة شاقّ، ومُلغِزة هي حين العثور عليها"
– هيراقليطس

علينا أن نتعلم من ماضينا ولا نكرر الأخطاء لماذا لا ننجح ونثبت للأخر محاسننا وقدراتنا على الإبداع في بيئة آمنة متحدّة الجوانب والأطراف ولنا في أوروبا عبرة كيف أنها تجاوزت ونبذت العنف وأرست ثقافة الإقناع ولمٍّ الشمل لأنهما القارب الذي يوصل لشاطئ الأمان.

لغة الحوار بيننا لا تجسد سبيلا للإخاء والتعاون فقط بل تقوم أيضا على تطهير الفكر من النرجسية حتى لا تبقى كل نفس تعي ذاتها وتدرك وجودها بعرض شخصيتها المستعصية على أشقائها بالترهيب تارة والترغيب تارة أخرى وتعلن عن نفسها بأنها المحور والقلب النابض للأمة وعدم اللجوء اليها في كل صغيرة وكبيرة يعني الهلاك. الآن حان الوقت لنترفّع عن هذا الغلّ وتكريس الجهل في تحطيم بعضنا البعض ونرسي طريقا معبدة في غرس بذرة التسامح وثقافة السلم. إنّ عقل الإنسان الذي ينبذ العنف وحده كفيل ببناء الأمم وهذا ما نحتاجه اليوم. ونحن يوما بعد يوم ندرك أن قوة الإنسان في عقله لا في عضلاته.

ما حدث في الحرب العالمية الثانية واليابان أدّق نموذج يمكن أن تستخلص منه العبرة بيئتنا العربية. وكيف أنها بعد الكارثة استطاعت بخطى متسرعة جعل العقل هو المحور وصناعة الإنسان هو الهدف. لتصبح اليوم من أقوى الدول في العالم وفرض نفسها على الساحة الدولية . وهذا ما نريد أن نكتشفه من أسلوب حل المشاكل. وعلى أن ندرك أيضا أن هناك بلدانا وبشرا أمثالنا حلوا مشكلات عانت منها شعوبهم وتعافوا منها وهذا كله تمّ بالعقل ونحن علينا أن نقرأ التاريخ قراءة جيدة ولا نكرّر الأخطاء التي جعلتنا نتذيل الأمم.

"لا تتركهم يهدمون بيتك سيدمّرون المكان ثم يستولوا على الحيّ ومن ثم يبعثون بك إلى المنفى"

الفكر الناضج مفتاح لحل المشاكل بروزه وصيرورته مفهوما يهدي إلى الحق ويهزم الباطل وما سبقنا من أزمات توحي لنا أن الخصام والتناحر لا ينفع الناس في فهمنا للأشياء ولكل ما يحيط بنا

الصراع بيننا وبين الآخر صراع وجود وكل فئة منه ترى نفسها أفضل الخلق وبأن هناك جنس وجد لخدمتهم وهذا ما كانوا يشرون إليه في زعمهم لكن مساعدهم في ذلك هو العقل الذي سخّر لهم القوة التي أوهمتهم بأنهم على حق في فرض هيمنتهم وتسيير العالم كما يشاءون، الديمقراطية التي أنشأها فكرهم تخدم مصالحهم والعدل الذي أسسته قوانينهم في خدمتها وحمايتها. أما نحن نكبّل بقيود ونوضع في حيّز الخدمة ألم يخبرنا العقل في علم التأريخ أنه ومنذ قيام البشرية الخير والشر متلازمان الصديق والعدو ضداً لبعضهما البعض؟

لهذا وجب علينا اليوم التفكير بشكل جدّي في تغذية العقل بالمفاهيم الصحيحة وجملة من المبادئ ومنن ثم اعطائه سلطة التسيير والتحكم. وأيضا تبّني الموضوعية وتوخي الحيطة والحذر. الطرف الآخر يحاول فرض نظرية الاستيلاء على الأرض عن طريق المؤامرة تغذية الطائفية ومن ثم الفوضى وبعدها تجنيد منظمات حقوق الإنسان الدولية التي بدورها ترسم مساراً آمنا في الشكل نحو بلدانها التي ترسِّخ فكرة اللجوء كحل للأزمات السياسية للدول المستهدفة . 

الفكر الناضج مفتاح لحل المشاكل بروزه وصيرورته مفهوما يهدي إلى الحق ويهزم الباطل وما سبقنا من أزمات توحي لنا أن الخصام والتناحر لا ينفع الناس في فهمنا للأشياء ولكل ما يحيط بنا. بل يمنع ارساء الثقافة الصحيحة التي تزوّدنا أكثر من أي شيء آخر في الحس والفهم ونبذ الطغيان. تدخل الآخر في حياتك يفقد هويتك يسلبك حريتك، المصلحة الفردية تقتضي حماية المصلحة العامة المروءة بأن لتنصاع للاستعباد من جهة والفكر البنّاء في أن تحمي بيتك وأرضك فالآخر يسعى دوما لتشويه الحقائق وممارسة الخديعة.

ومن هناك تكون الدعوة للتنبيه في عدم الغاء مشاريعهم الاستدمارية المستضعف هو من لا فكر له والويل لمن يكون أداة في يد الآخر الذي يحاولاً دوما اجتذاذ جذوره والنتيجة نزع هويته ومن ثم انصهار شخصيته وينظر اليه في الأخير رجعي سبب في المشاكل والانحطاط. إيماننا بالعقل يجعلنا في منطلق البدء والمضي قدما نحو التنظيم والتحكيم والبناء المثقفون وجب عليهم رفض كل وسائل الإكراه وبأن يكونوا دعاة للفكر والارتقاء به ،المجتمع يجب أن ينتبه للجانب المتخفي في حياته والإفصاح عنه وإخراجه للعلن ويكنس ذلك العفن صحيح أن بداية التفكير الصحيح وجوب الغاء النرجسية مع وجود القوة التي تقودها الحكمة في القضاء على مواطن الخراب وأوكار الرذيلة التي تدمر العقل وتعطي السلطة للغريزة الحيوانية التي تهوي بالإنسان إلى القاع.

يكفينا تهاون وتخاذل الذات الإنسانية عندما لا تقدم شيئا ذو قيمة إنسانية تصبح نكرة في عالم لا وقوف فيه إلا بسلطة القوة والمال وهما من منبع العقل إذن العقل هو الجوهر والأساس
يكفينا تهاون وتخاذل الذات الإنسانية عندما لا تقدم شيئا ذو قيمة إنسانية تصبح نكرة في عالم لا وقوف فيه إلا بسلطة القوة والمال وهما من منبع العقل إذن العقل هو الجوهر والأساس
 

الينا الانتباه لذلك حتى نصل إلى مفهوم السيادة وتقبلنا الطوعي لها يكون نابع من اقناع واقتناع كما حاول أن يفسر ذلك أركون وننبذ كل استغلال او محاولة تقسيم هدفها التحطيم ومن ثم الاستيلاء بناء الحق الإنساني والديمقراطي على أساس على أساس متين وصحيح يقوي لحمة المجتمع ويكسر كل بوادر التفرقة والطائفية العقل يفرض مبدأ الإخاء ومعنى التعاون على البر والتقوى جدار متين لا يمكن أن يتصدّع أو ينهار عندما نسلم جميعنا بهذا المبدأ نبني الجدار المرصوص والذي لا يمكن أن ينهار أبدا بل ثمرة شجرتها وعي الآمة .لنبدأ مخلصين في اكتشاف أنفسنا من جديد وذلك بفرض لغة الحوار الذاتي مع العقل واكتساب مزايا الآخر وصولا للمهارة وتجنب مساوئه وصولا للرشد في استثمار طاقة الإنسان في شكلها الإيجابي وإكراهه على مغريات النفس الدنيئة.

يكفينا تهاون وتخاذل الذات الإنسانية عندما لا تقدم شيئا ذو قيمة إنسانية تصبح نكرة في عالم لا وقوف فيه إلا بسلطة القوة والمال وهما من منبع العقل إذن العقل هو الجوهر والأساس. عندما سبقنا الآخر بترسيخه في الواقع. أصبحنا قوم تبّع نستسيغ ما يمليه الآخر دون أدنى تفكير ونحن اليوم مطالبون بإعادة سلطة العقل بشكل جدّي وفعّـال حتى ندخل محور التفاعل والمضي قدما نحو أفاق فكر متطور متفهم بنّــاء يسعى إلى التغيير في المناهج اعادة تفعيلة الجمل الأخلاقية واحيائها لصالح خدمة المجتمع تطويرها لتكسير الحواجز ومن ثم إعادة بعث الأمل من جديد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.