شعار قسم مدونات

محاولة اغتيال رئيس فنزويلا.. الأسباب والمسارات

blogs رئيس فنزويلا

كان الرئيس نيكولاس مادورو يلقي خطابا بمناسبة الذكرى الواحد والثمانين لتأسيس الجيش الفنزويلي "الحرس الوطني"، أين سمع دوي انفجار كان جراء محاولة اغتيال عن طريق طائرة بدون طيار كانت محملة بالمتفجرات، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل، وجاء محاولة اغتيال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو جراء الأوضاع والأزمات التي تعيشها البلاد منذ سنة 2014.

الأزمة الاقتصادية:

في منتصف عام 2014، بلغ سعر النفط 113 دولارا للبرميل حيث كانت فنزويلا تعرف استقرار للأوضاع، دخلت فنزويلا أزمة حادة جراء انخفاض أسعار البترول أواخر سنة 2014، ومع بداية سنة 2015 تهاوت أسعار النفط إلى ادني مستوياتها، حتى وصل إلى أقل من 40 دولارا للبرميل الواحد، ما جعل فنزويلا تعاني بشكل كبير من أزمة اقتصادية وذلك راجع إلى أنها دولة ريعية تعتمد على النفط بحوالي 80 بالمائة، فكان ولا يزال النفط دعامة للاقتصاد الفنزويلي والخطط التنموية المتبعة لها، فالنفط يعتبر الممول الأساسي للاقتصاد الفنزويلي وأي خلل يحدث في الإنتاج أو أسعار النفط أو صادراته يؤثر على التنمية والميزان التجاري الفنزويلي، فبناءا على عائدات النفط تحدد جوانب الخطط الاقتصادية والبرامج الاقتصادية كذلك والميزانية التسيرية.

تواجه فنزويلا انهيار اقتصادي جراء هبوط أسعار النفط، هذا الأخير أدى إلى انخفاض عملة البلد بشكل هائل، فقد أدت سوء الإدارة التي تشمل طبع الأموال لتمويل العمليات الحكومية إلى وصول فنزويلا لحافة التضخم المفرط، وقد اعتمدت الحكومة بشكل متزايد على مصرفها المركزي لطبع الأموال لتمويل إنفاقها وملء الفجوة المالية الناجمة عن تضاؤل ​​عائدات النفط، الذي كان يمنح 90 في المائة من دخل الصادرات في فنزويلا، وهو أكبر مصدر للإيرادات الحكومية ومع انخفاضه تفاقمت الأزمة الاقتصادية.

 

محاولة اغتيال الرئيس الفنزولي كانت متوقعة منذ توليه العهدة الثانية من الرئاسة، رغم الفشل الكبير الذي عرفته حكومته، حيث تم وصف الانتخابات بالمزورة من معظم دول العالم

وهذه الأخيرة أدت إلى أزمة أخرى وهي متمثلة في نقص الغذاء والأدوية، فأثناء حكم هوجو شافيز تم تخفيض أسعار المواد الأساسية والمواد الغذائية والأدوية أصبحت المنتجات متوفرة بأسعار معقولة لكنها كانت أقل من تكلفة الإنتاج (أي كانت مدعمة) تم مصادرة الشركات الخاصة ومنع الناس من تغيير العملة الوطنية إلى الدولار، عندما أصبح من غير المربح بالنسبة للشركات الفنزويلية مواصلة إنتاج منتجاتها الخاصة، قررت الحكومة استيرادها من الخارج بأموال النفط، لكن أسعار النفط أخذة في الانخفاض منذ عام 2014، وهو ما ترك النظام الاقتصادي غير قادر على الحفاظ على نظام الإعانات وضوابط الأسعار التي كانت تعمل خلال سنوات الطفرة النفطية، وقد أدى عدم القدرة على دفع ثمن الواردات بسبب انخفاض عائدات النفط إلى نقص في السلع.

الأزمة السياسية:

بعد عامين من تولي نيكولاس مادورو الحكم، والبلاد تتهاوى اثر الأزمة الاقتصادية وسياسات الرئيس الفاشلة لمواجهة هذه الأزمة، فقد قام بإزالة الدعم على جميع المنتجات التي كانت متوفرة سابقا وبأسعار أقل من سعرها الأصلي، وقد أدى فشل خليفة الرئيس هيوغو شافيز، نيكولاس مادورو في الاستجابة بفعالية لهذه التحديات المتمثلة في إيجاد حلول لانخفاض أسعار النفط إلى انخفاض نسبة التأييد له إلى 23 في المائة، ومعا تنامي المعارضة للرئيس أجريت انتخابات ديسمبر 2015، حيث فازت المعارضة بأغلبية ساحقة في انتخابات الكونغرس الفنزويلي.

 

ومع هذا النجاح منعت المحكمة العليا التي يعتبر معظم موظفيها موالون للحكومة ثلاثة من مرشحي المعارضة من الحصول على مقاعدهم، مما يعني أن المعارضة لم تصل إلى أغلبية الثلثين الحاسمة والتي كانت ستسمح لها بممارسة قوى أكبر بكثير كما منعت المحكمة معظم التشريعات التي أقرها الكونغرس المعارض بإعلانها أنها غير دستورية، وأصبحت الحكومة الفنزويلية أكثر استبدادية حيث تم قمع المظاهرات المناهضة للحكومة ردا على التضخم والنقص بالقوة مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات والقبض على الآلاف، وبقي الوضع على حاله مع تهميش كامل للمعارضة والقضاء على أي شخص يكون ضد الحكومة.

ففي فترة حكم الرئيس نيكولاس مادورو وصلت فنزويلا إلى اقصى درجات الفشل، ودمرت بشكل كبير:
* وفقا للأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، فإن فنزويلا في حالة أزمة إنسانية، حيث يتم تقييد الغذاء والدواء بشدة، و الفنزويليين يغادرون البلاد برا وجوا وبحرا.

* يبلغ معدل القتل الوطني حوالي 58 حالة وفاة لكل مائة ألف نسمة، وهو ثاني أعلى معدل في العالم في حين يبلغ معدل القتل في كاراكاس 119 حالة وفاة لكل مائة ألف نسمة.

* تسيطر عصابات كبيرة من المجرمين المسلحين تسمى"colectivos" على مناطق واسعة في العاصمة كاراكاس ويخوضون الحرب مع القوات المسلحة.

* في عام 2015، تم إدراج فنزويلا في المرتبة التاسعة كأكثر دولة فاسدة في العالم من قبل منظمة الشفافية الدولية.

إذن فمحاولة اغتيال الرئيس الفنزولي كانت متوقعة منذ توليه العهدة الثانية من الرئاسة، رغم الفشل الكبير الذي عرفته حكومته، حيث تم وصف الانتخابات بالمزورة من معظم دول العالم، لكنه استطاع أن يبقى رئيسا، هذا الذي جعل أعداء نيكولاس مادورو يزدادون سواء من الداخل أو من الخارج فلا الدول راضية على نظام الحكم الاشتراكي الذي يسود البلاد، ولا الشعب راضي على الأوضاع التي يعيشها، لذلك سوف يحاول الجميع إلى محاولة اغتياله مرة أخرى، فالأوضاع الداخلية كل يوم تزداد سوءا، كذلك علاقاته مع الدول في تدهور كذلك جراء عدم الشفافية التي تسود البلاد.

أما بالنسبة للحل الوحيد للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو هو توفير الأوضاع الجيدة للمواطنين خاصة الأمن الاقتصادي كما يرى باري بوزان أن: "الأمن الاقتصادي للدولة يتمحور أساسا حول قدرة الدولة على بلوغ الموارد المختلفة، والإمكانيات المالية اللازمة، وضمان الأسواق لتوفير مستوى معيشي مقبول واستقرار نظام الحكم وحماية الاقتصاد الوطني من مختلف التهديدات الناجمة عن اضطرابات النظام الاقتصادي داخليا".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.