شعار قسم مدونات

هل يمتلك العرب القدرة على التأثير بسياسات الشعوب الأخرى؟

blogs أعلام الوطن العربي

بعد اندلاع الثورة الصناعية في أوروبا وانجلترا تحديداً بسبب ما تملكه من موقع جغرافي بعيد عن الصراعات كان العرب تحت حكم الدولة العثمانية التي كانت في ذلك الحين شارفت على الانتهاء بسبب سياستها المتخبطة في العقود الأخيرة وبسبب ما كانت تمارسه من تميز في التعليم وعدم إعطاء الحقوق متساوية وانشغالها بالمؤامرات الداخلية والحروب الاستعمارية استهل الغرب هذا الوقت رغم انشغالهم في حروبهم الاستعمارية عملهم بالبحث والتقدم على أساس أن الإنسان كينون مستمر بخلق الوجود مكملاً للموجود حيث استطاعوا تحقيق الثورة الصناعية التي بدورها عززت من القوى الاقتصادية والعلمية التي ساعدتهم على خلق الفارق بين العالم العربي.

علماً أن كثير من النظريات العلمية قد أكدت أن الذكاء صفة بايلوجيا ثابتة متساوية على الأغلب لكن يمكن تنميتها من خلال عدة طرق ويمكن تأثرها بالمؤثرات الخارجية فهنا كانت نقطة الفرق في مستوى الذكاء بين العرب والغرب الذي طالما عملوا على تنمية القدرات والمواهب التي ساعدت في خلق هذا الفارق على عكس ما كانوا يتمسكون به العرب أننا نحن الأصل في هذا وذلك.

وهذا بحد ذاته يمكن أن يكون فيصلاً كبير بين الطرفين ويعود ذلك المنطق بسبب هناك تفاوت في السلوكيات المعتمدة التي بدورها تنبثق من الحكومات التي فشلت دائماً في وضع خارطة لتقويم سلوكيات المجتمع التي تنعكس طردياً في تقدم السنين على السياسة العامة المجتمعية التي بدورها ستكون حكماً للأداء الحكومي الذي يعمل على توفير المتطلبات الاجتماعية للفرد وضمان حقوقه بصورة متساوية وعادلة بين الجميع والعمل على خلق الدافع في التطوير من القدرات الإنمائية الذي سيكون العمود الفقري الذي ترتكز عليه الحكومات مما سيخلق لك سلوكيات قائمة على أسس التنمية المستدامة قبل التفكير بتطبيقها بعدة عقود دون شعور.

 

السبب الأساسي في بلداننا يعود إلى ذلك المسمى بحكم الشراكة الوطنية للأحزاب المتعددة بصورة غير مأهولة الذي من الأصح كان أن يسمى الشراكة الطمعية السلطوية المذهبية

على أثر ما ذُكر سابقاً أن الإنسان كينون صغير يعيش ويتعايش حسب الظروف فلو توفرت هذهِ الاخلاقيات في البناء كانت ستأخذ على عاتقها تهذيب العقول والتوعية والإحساس بالمسؤولية اتجاه الأجيال القادمة وأحقيتهم في بلدانهم بما تحتويه من موارد فبدورها ستحثهم على كيفية حفظ حقوق الأجيال بالتوجه نحو الموارد الحيوية المتجددة واستخدام الطاقة النظيفة التي يمكن أن تقلل من نسبة الضغط على الموارد الطبيعية من ماء وهواء وغيرها وهذا يمكن أن يتم من خلال التعاون الدولي للعرب ككل والتعاون بين أذرع الأطراف الحاكمة داخلياً على عكس ما تنتهجه الدول العربية بالاعتماد على النفط من ما جعلها فريسة سهلة للطامعين وعرضةً للمشاكل الداخلية في أي موضع من القرارات التي تشرعه كونها هي من جعلت الشعوب معارضةً دون قصد في أي شيء لم يعتد عليه كسن الضرائب أو الحد من الوظائف بهدف تقويم القطاع الخاص بشكل مفاجئ داخل فضاء خالي ومجرد من أبسط الحقوق كحماية أو قوانين تدعمه مما سيولد مناخ يكون فيه السياق لسد الحاجة بأي طريقة كانت حتى لو أضرت بسمعة سلوكيات الفرد أو بالسمعة الإقليمية.

 

فبدوره هذا سينعكس سلباً دون شك فيخلق حالة من الفوضى والتذمر نحو الحكومة بصورة بشعة تضر بمؤسسات الدولة وانتهاكات تمارس ضد المواطنين العزل من خلال أناس تركب الموجة تستغلها بمثل هكذا أعمال ويعود السبب إلى البداية التي ذكرناها بتقويم السلوك وأشعار الفرد بالمسؤولية المجتمعية اتجاه بلده وهنا لابد من تحميل المسؤولية في ذلك للحكومة.

كون العالم أساساً عندما بدء باكتشاف التنمية المستدامة وبدء بالتخطيط لتنفيذها تم البدء في تقارير الأمم المتحدة بوضعها بنداً تذُكر فيه "ينبغي أن يكون الرجال والنساء والأطفال محور الاهتمام، فيتم نسج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية" بمعنى يجب أن يكون هنا مسؤولا يبدأ العمل بها فلا يمكن للمجتمع أن يولد بفطرة الترشيد والوعي والبحث داخل حالة من الفوضى.

وأعتقد أن السبب الأساسي في بلداننا يعود إلى ذلك المسمى بحكم الشراكة الوطنية للأحزاب المتعددة بصورة غير مأهولة الذي من الأصح كان أن يسمى الشراكة الطمعية السلطوية للمذهبية أو القومية المجردة تماماً من الاعتقاد في الأرض وكرامتها طالما تعمل لخدمة دول طامعة تحت معتقدات دنيوية مُناهضة أحداهن الأخرى فهنا لابد للأحزاب أن تعمل كلاً منها تحت حدود نطاقها في السلطة لسرقة الأموال العامة لتغذية أجندتها ولترسيخ وجودها من خلال تنصيب أي شخص كان في الدولة لمجرد أنه مستعد للدفاع عنها فلا يهم إن كان مناسباً أو لا.

لو نظرنا لبعض تلك الدول العربية التي تعيش باستقرار سنجدها لا تختلف كثيراً عن غيرها من الدول غير المستقرة بل أنها تعيش في قلق دائم ومخاوف مستمرة
لو نظرنا لبعض تلك الدول العربية التي تعيش باستقرار سنجدها لا تختلف كثيراً عن غيرها من الدول غير المستقرة بل أنها تعيش في قلق دائم ومخاوف مستمرة
 

فهذا يجعل الدولة باستنزاف مستمر لغرض بقاء الأحزاب فقط وحتى أن أراد أحد تلك الجهات العمل على التقويم فهذا لا يمكن إلا بسن عدة قوانين لتسير المجتمع عليها من ما سيجعل الأطراف الأخرى المناهضة استخدام المجتمع نفسه لدحضها معتمدين الفكر الراسخ في العقول على أنهم مجتمع يجب أن يوفر له كل شيء دون مقابل أي جهود وأن هذه القوانين المُسنة هي قوانين وضعت على حساب مصلحة المجتمع فمن غير الطبيعي أن تطبق فلا يمكن القبول بتمريرها لمنع إثبات جدارة الحزب صاحب الإطراء في التغير.

 

على عكس ما نراه في الجهة المقابلة من الغرب قلة الأحزاب أو إن استطعنا القول في الغالب وجود حزبين أساسيين في الصراع نحو السلطة لأثبات الذات بغرار تمسك كافة الجهات التي تحاول الوصول للسلطة بالقضية الأساسية هي تحقيق السيادة والتسيد للدولة لا على الدولة وفرض هيبتها والعمل كمجوعة واحدة مع المجتمع لتوفير الرفاهية للفرد وتكون ضماناً لحقوقه والاعتماد على النتيجة شعاراً لعملها لا في الاعتماد على شعاراً يمتد لعصور متأخرة في عملها كما هو الواقع في بلداننا.

ومن جانب أخر حتى لو نظرنا لبعض تلك الدول العربية التي تعيش باستقرار سنجدها لا تختلف كثيراً عن غيرها من الدول غير المستقرة بل أنها تعيش في قلق دائم ومخاوف مستمرة من ذلك الحارس الذي استأجرته ليحرسها من مطامع نظيرتها في المنطقة مقابل استثمار مواردها. جعلته يستفحل عليها ليحدد خطواتها ليضعها دائماً أمام حل وحيد هو النفط لديمومة بقائها واستقرارها مما أدخل مجتمعاتها في حالة تخدير تام شعوب عاجزة ومتطلبة باستمرار في نفس الوقت جعلت الحكومة راضخة ومقتنعة بالأمر الواقع والاستمرار في تقديم الموارد الطبيعية على طبق التنازلات لضمان الاستقرار هذا هو سر بقائنا في العصور المتأخرة وخلق الفارق بيننا وبينهم عصوراً من البلاهة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.