شعار قسم مدونات

عزيزي الرجل.. المرأة لا تريد الحب!

blogs الحب

"حنين الرجل إلى المرأة حنين الشيء لنفسه، وحنين المرأة إلى الرجل حنين الشيء لوطنه"

– ابن عربي


إِنَّ أكثر ما يغضب المرأة الإهمال؛ أن تُهمل مشاعرِها وأحاسيسها، وتكون بعيد الروح والجسد عن تفكيرها. هي لا تريد أكثر من كلمة طيّبة، ونظرة حب، وملاطفة وادعة. نحن بحاجة للتعامل مع المرأة بذوق عال، وأسلوبٍ بسيط، هي لا تحب الغني، ولا تعجب بالوسيم، ولا تريد قَصْرٍ مُنيف؛ تريد بيت يملأه الحب والسكينة والطمأنينة. الدفء هو ما تحتاجه المرأة سواء في العلاقات، المشاعر، الأزمات التي تمر بها، وضعها البيولوجي، هي لا تريد غير قلبٍ يحتفظُ بها ويرعاها؛ يُشعرها بكينونتِها وأنّها ملكة في نظرِ زوجِها. تريد من يكن لها أباً وأماً وأخاً وصديقاً وسنداً، وتعشق من يحترم عقلها وكيانها.

دائماً تفعل المستحيل من أجلِ إرضاء الرجل، ولذلك تتغاضى عن أمور كثيرة في سبيل ألا تفقد الذي اختارته من بينِ كل هؤلاء الرجال؛ ليكونَ لها السند الذي تميل إليه حين لا تستطع أن تقف وحدها. وتَذكّر دائماً وصية مولانا جلال الدين الرومي: "للمرأة حضور خفّي.. لا يراه ويهتدي به إلا رجل متفتح عارف".

دعني أخبركَ بأشياء كان يفْعَلُها حبيبنا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتَى تعْرِفَ عظمتَهُ، وكيفَ كانتٌ إنسانيّته، وحبَّهُ لأهلهِ وأزواجه، ومن لطيف معاملته -صلى الله عليه وسلم- لزوجته أنه كان يشرب من موضع شربها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنتُ أشربُ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فيَضَعُ فاه على موضِعِ فيَّ فيشرب، وأَتَعَرَّقُ العَرَقَ (تأكل من العظم الذي عليه لحم) وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيَضَعُ فاه على مَوضِعِ فيَّ" رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تنفق نفقة الا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى فِّيّ امرأتك" رواه البخاري. قال ابن كثير: "وكان من أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه جميل العشرة، دائم البِشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه".

لا يُمْكِنُ أيّهُا الرجل، أنْ تتَعاملَ مع الأنثَى كما الرجل الآلي! تَنفي عنها إنسانيّتها، وضعْفِهَا، وأنَّها شَقيقةُ الروح، وأُنْسُ الحياة وبهَجة العُمْر، وآيةُ الجمال

ومِن جميل معاملته وعشرته -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه حفظه لودَّهُنَّ، واعترافه بِجَمِيلهنَّ؛ حتى بعد وفاتهنَّ، فقد كانَ يُكثرُ من ذكرِ خديجة -رضي الله عنها- ويُثني عليها، ويذبح الشاة ويبعثُ بها لصدِيقاتِ خديجة؛ ولذلك غارتٌ منها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وقالت: "ما غِرتُ على أحدٍ من نساءِ النبي-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما غِرتُ على خديجةَ، وما رأيْتُها، ولكن كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكثرُ ذِكرَها، وربما ذبح الشاةَ، ثم يُقَطِّعُها أعْضاءً، ثُمَّ يَبْعَثُها في صَدائِقِ خديجَةَ، فربما قُلْت له: كأنهُ لم يكُن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجةُ، فيقول: «إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ»" (البخاري).

الزواج معناه:َ عندما تكون في بلاد الأسكِيمو، وتَكونُ زوجتك في أدغال أفريقيا، تشعُر بِها دونَ أن تراها. الزواج هو النظرة الرحيمة، واليد الحانية، والكلمة الطيبة. وفي سورة الروم آية: 21: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً". لماذا هُناكَ عُظماء صنَعتْهُم امرأة؟ وهُناكَ تُعساء أفرحتْهُم امرأة؟ وهُنَاكَ من تَغيرتٌ حياتُهم بوجود امرأة؟ يقول رجل الأعمال الأمريكي "جاري ميلر" يصعب العثور على من يقول: "لقد كنتُ خائفاً لدرجة أنَّي أسرعتُ إلى زوجتي، محمد فعل ذلك.. يوم جاءه جبريل، لا بد أنها امرأة عظيمة".

لا يُمْكِنُ أيّهُا الرجل، أنْ تتَعاملَ مع الأنثَى كما الرجل الآلي! تَنفي عنها إنسانيّتها، وضعْفِهَا، وأنَّها شَقيقةُ الروح، وأُنْسُ الحياة وبهَجة العُمْر، وآيةُ الجمال. اسمع للتوجيه القرآني: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا". النساء:19 يقول العلامة الجصاص الحنفي معلقاً على هذه القاعدة "وعاشروهن بالمعروف": هو أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف: أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقَسْمِ، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراضِ عنها والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب" أحكام القرآن للجصاص 3/47. ولنا في رسول الله أسوةً حسنة حيث كان يوصي أصحابه بزوجاتهم خيراً، فعن عمرو بن الأحوص الجشمي ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول:"ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم رواه الترمذي، العوان: الأسير.

خِتاماً، وصيتي ،إليكَ أيهُا الرجل: إذَا وجدتَّ في زوجتِكَ، من تَصُونُ عرضِكَ وتحفظُ مالِكَ ،وتعيِشُ معَكَ على نوائبِ الدَهرِ، بِحلوها ومرِها، وتربّي النشء تربيةٍ إيمانية، فايإكَ أن تُفرّطَ بها، وما دون ذلكَ يهون. الأنثى كما الوردة، مظهَرُها يُسعِدُ العين ويُثيرُ السَكيِنَة علَى القلب، ورائِحتُها فواحهٌ عبِقة، تُعطي عطرها لمنٌ أحسَنَ الاهتمامَ بِهَا، وزرَعَهَا بِتُربة العشق؛ وإذا ما أسأتَ الاهتمَامَ بِهَا، وتَركتَها تذْرُوهَا الرياح الجافّة، حِينَها لا تلومنَّ الوردة إنْ أعطتْكَ شوكاً ولم تُعطِيكَ عطْراً، والعاشِقُونَ أولىَ بالمعروف. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.