شعار قسم مدونات

هكذا يصنعون السخافة على مواقع التواصل

blogs لابتوب

عام 1969 حينما انقضَّتْ لعنة الإنترنت على عالمنا بل على كوكبنا بأسره وهو تاريخ ظهور شبكة الإنترنت نتيجة لأحد مشاريع وزارة دفاع الولايات المتحدة الأمريكية وكان سبب المشروع حينها هو مساعدة الجيش الأمريكي عبر شبكات الحاسب الآلي، في ذلك التاريخ تغيّر العالم وبدأ ينشأ بشكل موازي مع التطور والحداثة من البسيطة حتى الحداثة الفائقة إلى عصرنا اليوم والتي ما زالت في تَقدم مستمر، فمستوى التطور والتقدم لدينا قطع شوطاً كبيراً وبات كل شيء بمنتهى السهولة.

 

فمع مواكبة الإنترنت ووجوده في أيدي الجميع بات العالم في مستوى عالٍ من العلم الثمين. فمثلاً تستطيع أن تتعلم وأنت في منزلك، وكما تستطيع شراء كتابك الكترونياً وأنت جالس خلف مكتبتك دون العناء والذهاب للبحث عنه في المكتبات، وهناك من يجني الأموال، حتى لو فكرت بالسفر تستطيع تحديد موعد سفرك ووجهتك وأنت في منزلك، ويمكنك أن تحقق الشهرة التي باتت بمنتهى السهولة ومقوماتها بيد الصغير والكبير.. كل ذلك فقط عليك أن تمتلك هاتفاً أو حاسوباً لتخوض في عالم الإنترنت ولكن يبقى الأهم، ما هو حيِّز القضايا والخلافات السياسية! وحرية الرأي والتعبير بموضوعية دون نقاشات لا أخلاقية امتدت جذورها حدَّ التفرقة والضغينة! فهنا الطامة الكبرى.

جميعنا دخلنا العالم الأزرق أو بشكل عام شبكات التواصل الاجتماعي من تويتر وفيسبوك ويوتيوب وو..الخ، وفي خِضَم ثوران الخلافات السياسية الكبيرة وتضخمها، أصبحنا نشاهد حرب كلامية شرسة ومشادات كلامية وشتائم غمرت الكثير من حسابات مستخدمين الإنترنت، وكل ذلك بين تضارب الآراء واختلاف في القضايا وعدم احترام الحرية الفكرية والتهكم بها لمجرد أنها لا تؤيد أو تصب في مصلحة قضية شخص أو جهة أخرى، ونخصّ في هذه الأمور ساحة العصفور الأزرق.

 

لو مررنا على حسابات الدول الغربية من شخصيات مشهورة ومعروفة وحتى حسابات عادية من الشعوب، ستجد نسب بسيطة وقليلة من هذه الأمور وترى آخرون ضمن حدود التفاهم وأسس الحوا

تويتر صاحب المكانة العالية والمرتبة الأولى لدى الجميع، لقد حظي بشعبية كبيرة لروّاد عالم الإنترنت والذي بات حائطاً لغزوات الحروب الالكترونية الكثيفة، الكثير من الناس باتت تتجنب الدخول إلى هذا الموقع لما تقرأ به من تغريدات غريبة عجيبة متناثرة بكل الحسابات كردود تحت كل تغريدة، وتشاهد الكثير من الحوارات الخارجة عن نطاق الأخلاقية والإنسانية والموضوعية.

 

فلنكن واقعيين قليلاً سؤال كالتالي.. جميعنا يستطيع الإجابة عليه، أليست هذه عبارة عن ظاهرة فريدة ومقيدة ومرتبطة بعالمنا العربي فقط؟ لعل ما بداخلي خاطئ، ولكن لو مررنا على حسابات الدول الغربية من شخصيات مشهورة ومعروفة وحتى حسابات عادية من الشعوب، ستجد نسب بسيطة وقليلة من هذه الأمور وترى آخرون ضمن حدود التفاهم وأسس الحوار، بالمجمل نحن اليوم في زمن خطير جداً لأن هذه الحروب والصراعات الالكترونية باتت لا تحمل أي شيء من السلام لعقل وفِكْر القارئ والمتابع، هناك برمجيات خطيرة تُدار بطريقة تجعل آلاف بل ملايين من الحسابات أن تُغرد وتضع الردود وتشارك ما يكتبه الآخرين بضغطة زر فقط، من حسابات مزيفة وبأسماء وهمية وبأوقات محددة.

 

وقد يتمكنوا من ترويج أخبار كاذبة ومزيفة ضد خصومهم للإضرار بهم، لقد بات عالم مخيف لأنك لا تعلم ما تقرأه إن كان كاتِبُهُ فعلاً شخص أم أنه مجرد حساب يُغرد تلقائياً ما رتَبَتْهُ البرمجيات له فقط لينعق بها هذا العصفور الأزرق على شجر تويتر.. لا بل الغراب وليس العصفور.. عذراً تويتر، هذا ما نراه فعلياً وأكبر معول للهدم في تاريخنا ووسائل لدمار مجتمعات وعلاقات اجتماعية بين الشعوب.

قرأت فقرة تشرح عن أحد المصطلحات المتعلقة بموضوعنا في موقع شبكة الجزيرة تشرح أو تصف ماهية هذه الحروب والصراعات في عالم الإنترنت وتُبيّن كيف يمكن أن يكون التأثير على الخصوم في هذا العالم الافتراضي وليس على الخصوم فقط بل وحتى على ما يكتبونه هم من آراء ومواضيع تخصهم ويريدون التأثير بها على الواقع وعقول الحاضرون وجذب آراء وأصوات أكثر لجانبهم، تُلقي بظلال مخاطرها وأضرارها على القُرّاء والمتابعين وحتى على أمان الشخص أو الكاتب والمشارك بمجرد انحيازه لطرف ما ودخوله ووضع كلمه له باسمه الشخصي في هذا العالم.

 

بشكل عام لقد تعقدت الأمور جداً فكم ممن اعتُقلوا من وراء كلمة لهم في صفحاتهم في بلاد قد لا يمكنها أن تحتمل حرية آراء أبناءها، الفقرة تقول: حروب التغريدات جنودها مجهولون، أسلحتها الحواسيب وساحتها منصات التواصل الاجتماعي على المقاتلين الشرسين في هذه الحرب نتحدث يسمونها اللجان الالكترونية، عناصرها ليسوا مدربين بل مبرمجين بضع خطوات برمجية على منصات التواصل الاجتماعي ستتمكن بعدها من إنشاء عدد لا نهائي من المقاتلين الأوفياء لك أسماء وحسابات ليست لأحد، وظيفتهم الأولى والأخيرة إعادة نشر آرائك في ذلك العالم الافتراضي لتصبح وكأنها رأي عام للمستخدمين الذين يبدون وكأنهم مجمعون على رأي واحد ويغردون بصوت واحد.

لقد حاربنا الآراء بدلاً من سماعها ودعمها، بِتنا نخاف من البوح أو حتى أن نشتكي مما يؤلم داخلنا ويدمر مستقبلنا وكل شيء يهدد أهدافنا
لقد حاربنا الآراء بدلاً من سماعها ودعمها، بِتنا نخاف من البوح أو حتى أن نشتكي مما يؤلم داخلنا ويدمر مستقبلنا وكل شيء يهدد أهدافنا
 

هلا لاحظنا كم هذا العالم مخيف ومتسخ لمجرد أن هؤلاء يمكنهم الترويج لأفكار سخيفة تستطيع تدمير مجتمعات وشعوب بأكملها من خلال نشرها بكثافة وتسليط الضوء عليها عن طريق أسماء ليس لها أشخاص وحسابات غير شخصية ولا يلزم أن يجلس شخص خلف الكيبورد ليقوم بالنشر عن طريقها، كل شيء مزيف أشخاص وهميين وفكر تطير باتجاه أهدافها بلا هوادة، من ناحية ما، لا يمكن إلقاء اللوم على أصحاب وشركات هذه المواقع لسبب بسيط جداً لأننا نحن وقود هذه الأفعال التي خلفت حروب فكرية سياسية عن طريق جهات وأشخاص ليسوا من خارج بلادنا أو أعداء ثقافتنا بل من أجيال أمتنا.

 

هذه ثمار عظيمة وخبرات يمتلكها جيلنا تستطيع تحرير عقول الشباب من كل أفكار الجهل والتخلف، تستطيع أن تعطينا طرق جديدة لنسير في طرق الحياة بمزيد من العلم الحديث ونستثمرها في صناعة مجد حضارتنا التي تراجعت كثيراً، لدينا أجيال تستطيع تغيير وجهة نظر الغرب وحتى عقولهم وطريقة تفكيرهم في كثير من الأشياء والأفكار والمشايع، لدي ثقة بشبابنا العربي يستطيعون تغيير العالم ولكن شتان بين من يستخدم هذا العلم في الهدم وليس في البناء، وفي صناعة السخافة وليس المجد والعظمة.

لقد دخلنا في نفق مظلم مخيف لم نرى نهايته أو لمعان النهار ما زلنا في ليل حالك وظلام دامس، ظلامه طمس كل الثقافة والحضارة المعروفة والأساس القويم، بدلاً من أن نتقدم جلسنا في مركبة الرجوع والتراجع وعجلة الزمن تمضي قُدماً والعظيم الذي لا يكون هامشاً وفارغاً في عالم غني في كل ما تحتاجه لأن تصبح عالماً وعظيماً وتكون القمة، لقد حاربنا الآراء بدلاً من سماعها ودعمها، بِتنا نخاف من البوح أو حتى أن نشتكي مما يؤلم داخلنا ويدمر مستقبلنا وكل شيء يهدد أهدافنا، لم يكن يوماً رأيك أو فكرتك في قضية ما جريمة تحاسب عليها ولن تجد هذا كقانون في كل موازين العالم، لدي مقال بعنوان حرية الرأي جريمة في زمن الإنترنت في موقع مدونات الجزيرة ويمكنكم قراءته والاطلاع عليه لنعلم جميعنا كم نحن مقيدون حتى من الألسنة.. ومن هامش إلى هامش وتبقى القمة لمن هو أدنى ولا يستحق، فقط استغل الصراع بيننا فوصل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.