شعار قسم مدونات

الجراد الأخضر يجتاح الماركا الإسبانية!

BLOGS الرجاء المغربي

"من طبيعة الجراد أن يجتاح الأخضر واليابس، شأنه شأن جمهور الرجاء الذي لا يعرف سوى لغة الترحال لكل ملعب يلعب في الرجاء العالمي كما يصفه عشاقه". ليس بغريب على جماهير الرجاء البيضاوي المغربية مدى العشق البليغ الذي تكنه لناديها الأخضر، إذ في عز الأزمة تفاجئك بمساندتها لناديها، والحقيقة تقال أنها ليست بالمفاجئة، بدليل أنه يكفيك أن تحضر لمباراة ما يكون أحد طرفيها الرجاء البيضاوي لكي تلحظ عن قرب هتافات جماهيرها بأغاني وحركات تشجيعية تجعل من منطقة المشجعين لوحة فنية، ومنك في بعض الأوقات شاردا عن رقعة الملعب، ومتابعا لنغمات المنطقة التي توجد بها الجماهير. 

أتذكر في الموسم الكروي 2006، السنة التي كانت تتدحرج فيها كتيبة الرجاء في رتب متأخرة وعلى غير عادتها في تاريخ مشاركاتها بالبطولة المغربية، والتي سبق لها أن فازت بها في 6 مناسبات على التوالي، كنت ذات مرة من تلك السنة في مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وعلى وجه الخصوص بالضاحية الشمالية للملعب، فإذا بي أتعجب من صورة المنطقة الجنوبية التي كانت تعج بعاشقي الرجاء، كانت المباراة حينها متعادلة وكان الجمهور يلتفت مصطفا نحو "الماغانا" وظهره يقابل رقعة الملعب.

كثيرة هي اللحظات التي كنت شاردا فيها عن رقعة الملعب، لا لشيء سوى لوحة المنطقة الجنوبية (Curva sud) التي سحرتني بمكوناتها التي يتفاعل فيها الصوت بالصورة. مرت بعد ذلك أزمة الرجاء البيضاوي تلك السنة، لتأتي بعدها سنوات عرفت أوج ناد لا يعرف سوى لغة الانتصارات، والتي كانت تقابل بلوحات فنية تأثت جنبات "دونور"، وبما يسميه الأنصار بالتيفو الذي ينتظره العشاق بشغف، شأنه شأن الموندياليتو سنة 2013 الذي خلف تنويها من قبل الفيفا بجماهير الرجاء حينها، والتي صنعت الحدث بمراكش وأكادير.

وصف الجراد لا يحمل وصفا قدحيا بقدر ما هو تعبير مجازي لفئة تشجع ناديها المفضل، وخير دليل على ذلك صفحات محبي النادي التي وسمت عنوانها بالجراد الأخضر

في الخامس من سبتمبر 2018 وضعت صحيفة الماركة الإسبانية استطلاعا للرأي على موقعها الرسمي لأفضل شعار عن 50 نادي حول العالم على الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة. في الحادية عشر ليلا كان شعار الرجاء يحتل المرتبة 25 ب 5.6 ألف صوت، وبعد مرور أربع ساعات فقط على الاستطلاع تصدر شعار الرجاء الاستطلاع بنسبة تجاوزت 40 ألف صوت، بمعدل 10 آلاف صوت لكل ساعة، متجاوزا بذلك نادي ريال مدريد الإسباني وليفيربول الإنجليزي وبرشلونة الإسباني في نسب التصويت. وبعد مرور 24 ساعة بلغت نقط الرجاء لأحسن علامة رياضية في العالم ما مجموعه أكثر من 220 ألف نقطة تصويت.

قد يبدو للقارئ اللبيب سذاجة الكتابة عن هذا الاستطلاع وحيثياته، غير أن دلالة التشجيع بالنسبة لعشاق كنادي الرجاء تجاه ناديهم، ولو بهذا الشكل أو غيره يشكل في ذاته تعبيرا عن صورة من صور العشق، والذي قد يختلف ما بين الواقع أو الافتراض، غير أنه يصب في صورة عشق لنادي بقدر ما يحلق في رقعة الملعب، بقدر ما تحلق معه أنصاره أينما حل أو ارتحل، ولو كان بجزر ما في أقطار العالم، أو في صحيفة بمدريد والمصوت في كازابلانكا.

أيها القارئ اللبيب، قد تحط الرحال يوما بمدينة الدار البيضاء المغربية، وقد تصادف شخصا ما فتسأله عن الجمهور الذي يلقب أنصاره بالجراد، سيجيبك بعفوية: إنه الرجاء البيضاوي. ولفظة الجراد التي تقابل الاسم العلمي (locuste) تضم أكثر من 20 ألف اسم للجراد في العالم، وهو نفس العدد الذي قد لا يتعجب منه المشاهد الرياضي لمباراة ما خارج الدار البيضاء أحد طرفيها الرجاء، فلو صادفت مشجعا رياضيا في المغرب، وسألته متعجبا: الرجاء يلعب خارج ميدانه وجماهيره التي جاءت لتشجعه أكثر من عشرين ألف! سيجيبك: ألا تعرفهم، إنهم "الجراد" لا يعرفون شيئا اسمه المستحيل تجاه نسرهم الأخضر.

إن وصف الجراد لا يحمل وصفا قدحيا بقدر ما هو تعبير مجازي لفئة تشجع ناديها المفضل، وخير دليل على ذلك صفحات محبي النادي التي وسمت عنوانها بالجراد الأخضر، وتقصد به الرجاء البيضاوي، كما هو الشأن بالنسبة للمارد الأخضر والذي يتمثل في لقب نادي الوحدات في الأردن أو فيردر بريمن في ألمانيا. لا غرابة إذن أن نسمع يوما ما عن كثافة التصويت كما التشجيع في مناسبة ما يكون فيها الرجاء البيضاوي طرفا، كانت فيه المناسبة لقاءا رياضيا أو استطلاعا إعلاميا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.