شعار قسم مدونات

سنة 2969.. ما الذي تعرفه عن التقويم الأمازيغي؟

blogs الأمازيغ

يحتفل الأمازيغ يوم 13 يناير برأس السنة الأمازيغية، وهو اليوم الذي يصادف أول أيام السنة الأمازيغية الجديدة، هذا التقويم الأمازيغي يصل الآن لسنة 2969، ولعل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية بمثابة تقليد اعتاد الأمازيغ الاحتفال به، وهذا الاحتفال يحمل بين طياته عدة أبعاد أهمها الارتباط بالأرض، كما أن من المعروف أن الهوية الأمازيغية تتأسس على ثلاث مبادئ بارزة، وهي الأرض والإنسان واللغة، فالأرض الأمازيغية تشكل محور اهتمام الانسان الأمازيغي، هذا الإنسان يتحدد من خلال حريته، وهي التي يسعى جاهدا من أجلها، ثم إن معنى كلمة أمازيغي تعني إنسان حر، أما اللغة فهي الأمازيغية، والتي تحتوي على كلماتها ومعانيها وقواعدها، كل ذلك يجعل من الحضارة الأمازيغية حضارة عريقة ممتدة في التاريخ، هكذا نتأكد من وجود حضارة أمازيغية تملك من المقومات ما يجعلها تقاوم خطر الانقراض لقرون، وها هي الآن تناضل من أجل نهضة تناسب الأمجاد.

 

من المعروف أن السنة الأمازيغية في الشمال الإفريقي يطلق عليها السنة الفلاحية، وذلك للارتباط القوي بالأرض، ولأن الاحتفال يرتبط دائما برمز ما، فقد اختار الأمازيغ رمز الأرض، تعلقا بالمكان الذي ينتمون إليه، ولعله رمز مميز، يحمل بين طياته معاني عدة، فحياة الإنسان كلها تتمحور حول المكان الذي ينتمي إليه، والمكان الذي يقتات منه ويعيش فيه، ويمارس فيه الأنشطة التي ستلبي احتياجاته، واختيار الأرض في الثقافة الأمازيغية كان ذات معنى عميق، وهو المعنى الذي يقوي علاقة الإنسان الأمازيغي بالأرض التي تحتضنه.

 

تؤكد كتب التاريخ على حقيقة احتفال الأمازيغ برأس سنتهم، وهذه الحقيقة تبلورت بشكل قوي في التقاليد التي يمارسها المجتمع الأمازيغي، ربما كان الاحتفال قائما دون وعي تام بهذا التاريخ لدى البعض، لكن وجود هذا الاحتفال هو حقيقة تاريخ ممتد عبر العصور، وهو التاريخ الذي يؤكد وجود مجتمع وثقافة وهوية وحضارة لها مكانتها، ربما لم تسعفها الظروف في مضاهاة حضارات أخرى، أو لأن هناك عوامل حاولت طمسها والقضاء عليها، لكن بعد كل ذلك، وبعد الاستمرارية التي نلاحظها بخصوص هذا التاريخ، وبخصوص هذا الاحتفال، نتأكد من أن الأمازيغية حقيقة تاريخية، موجودة بالقوة.

 

بعد أن كانت الأمازيغية تعيش تحت الأنقاض في سنوات الرصاص، وكان النضال من أجلها يشكل جريمة، ها هي اليوم تأخذ حيزا مهما من القضايا العالقة والشائكة في المغرب

لا يجب حصر بداية الحضارة الأمازيغية في رقم تاريخي تم تحديده بعد وجود هذه الحضارة، ذلك أن وجود الأمازيغ قد يكون أقدم بكثير من هذا التاريخ، ونفس الشيء ينطبق على تواريخ مجتمعات أخرى، فتحديد نقطة انطلاق تاريخ معين، لا يعني أنه بداية حضارة معينة، ذلك أن هذا التاريخ قد ينطلق من واقعة معينة أو حدث معين، ذلك أن التاريخ الأمازيغي يتجاوز 2969 سنة، وانطلاق هذا التاريخ كما تروي كتب التاريخ تحدد من خلال وصول الملك شيشنق الأول إلى حكم بلاد القبط حوالي عام 950 قبل الميلاد، هكذا تم تحديد التقويم الأمازيغي.

 

لا تزال القضية الأمازيغية مطروحة للنقاش في الساحة المغربية، فبعد دسترة هذه اللغة في المملكة المغربية سنة 2011، وبعد التطور الذي يسير بشكل بطيء فيما يتعلق بمسارها العام، إلا أنه لم يتم بعد إخراج قوانين تنظيمية تخص هذه اللغة، بالإضافة إلى عدم الإقرار والاعتراف برأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا مؤدى عنه، وبين كل هذه الإشكالات يسعى المناضلون الأمازيغ إلى تحقيق مطالبهم المرتبطة بالهوية الأمازيغية، وهي المطالب التي يمكن درجها في إطار المسار النضالي الطويل للقضية الأمازيغية من أجل المساواة كما أشار إلى ذلك الأستاذ أحمد عصيد.

 

رغم كل الإشكالات والمشاكل والعوائق التي تحيط بالقضية الأمازيغية في المغرب، إلا أن هناك رغبة وإرادة قوية لرد الاعتبار لهذه اللغة التي كانت ولا تزال تشكل هوية معظم المغاربة وسكان شمال إفريقيا، ورغم أن هناك من لا يكترث للأمر، إلا أن هناك مناضلين يفتخرون بانتمائهم لهذه الهوية الممتدة في التاريخ، وهذا الامتداد يؤكد على حقيقة مفادها أن الأمازيغية كانت موجودة، ولا تزال، وربما لم تسعفها الظروف على المقاومة بشكل فعال، إلا أننا نشهد الآن نهضة قوية للقضية الأمازيغية، هذا يؤكد على أن الأمازيغية لا تزال في بداية نهضتها، والأمر يحتاج للمزيد من الوقت، لكي تحقق القضية الأمازيغية وجودها كما ينبغي.

 

بين كل الإشكالات التي تحيط بالقضية الأمازيغية في المغرب، يبدو أن الأمور بدأت تتغير وتتحسن نوعا ما، إذ أن الدولة بدأت تهتم تدريجيا بهذه اللغة، فبعد أن كانت الأمازيغية تعيش تحت الأنقاض في سنوات الرصاص، وكان النضال من أجلها يشكل جريمة، ها هي اليوم تأخذ حيزا مهما من القضايا العالقة والشائكة في المغرب، إذ بدأ تدريسها في المدارس الابتدائية، وبعض الجامعات، كما أنها تستخدم في الإعلام، ولعل حالها الآن أفضل من السابق، لكن الطموح يتمثل في مساواة شاملة لهذه القضية، ورغم كل ما حققته الأمازيغية في هذا الإطار، إلا أنها تحتاج إلى المزيد من الاهتمام الصارم من طرف الدولة خصوصا فيما يتعلق بنصوص تنظيمية واضحة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.