شعار قسم مدونات

أطفال سوريا يشكون إلى رب السماء ظلم أهل الأرض

blogs - Syrian refugee woman

خمسة عشر طفلاً سورياً فارقوا الحياة في مخيمات داخل سوريا، نتيجة البرد ونقص المساعدات الطبية، هذا ما كشفت عنه منظمة اليونيسف في تقرير لها أصدرته قبل أيام. خبر حَظِيَ بكلمات قليلة في نشرات الأخبار. فمأساة الأطفال الذين قضوا برداً ذنبهم أنهم رحلوا دون أن يجدوا كاميرا أو هاتفاً ذكياً يُصورهم وهم يَلفظون أنفاسهم الأخيرة، أو ينقل معاناتهم حين كانت أجسادهم ترتجف برداً وصقيعاً، يستبق المأساة قبل تسليم أرواحهم لبارئها.

مضوا بصمت، وغادروا عالماً ظالماً مُظلماً، يتحرك بعاطفة كاذبة لا تتجاوز شاشة الهاتف الذكي، لكنه ليس مُستعداً للإقدام على أي خطوة حقيقية تخفف المعاناة وترفع المأساة. ما يواسي الأطفال الذين قضوا، أنهم انتقلوا إلى جِوار رب عادل، سيشكون له حَتماً الظُلم والقهر الذي تعرضوا له من أهل الأرض.

الدولة اللبنانية كعادتها منذ بدء الأزمة في سوريا، طمرت رأسها في الرمال، واستغلت المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها النازحون السوريون في مخيماتهم العشوائية جَراء العاصفة

الصُراخ والعويل والنحيب الذي سمعناه – وما زلنا – خلال الأيام الماضية جراء الأضرار والمعاناة التي خَلفتّها العواصف التي ضربت لبنان والمنطقة، لا تُعد شيئاً أمام ما تعرض له النازحون السوريون في مخيماتهم البالية، سواء في لبنان أو داخل سوريا أو حتى في الأردن وتركيا، لكن دون ضجة ودون من يسمع أنينهم، ودون من يهتم بهذا الأنين إذا ما خرج.

تقرير منظمة اليونيسف أضاف في تقريره أن ثمانية أطفال على الأقل توفوا في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، نتيجة البرد وغياب أي مساعدات طبية وإنسانية لنحو 45 ألف نازح يعيشون في المخيم، وأن سبعة أطفال آخرين فارقوا الحياة خلال نزوح عوائلهم من مناطق تنظيم الدولة بريف دير الزور إلى المخيمات، بعدما اضطروا للانتظار لوقت طويل في الثلج والصقيع قبل أن يُسمح لهم بالمرور عبر الحواجز.

كل هذه الجرائم الإنسانية احتلت ثوانٍ في النشرات الإخبارية، ليتفرغ بعدها المذيعون والمذيعات للغوص في خلفيات ودوافع ومسببات هروب فتاة سعودية من ذويها إلى كندا. مياه الأمطار أغرقت الكثير من المخيمات، والعواصف دمرت مئات الخيام الهزيلة أصلاً، المازوت الضروري للتدفئة نفد في الكثير من الخيام وبات يُهدد قاطنيها بالموت صقيعاً، والنقص الكبير بالمواد الغذائية بسبب انقطاع الطُرق جراء تراكم الثلوج ضاعف من المعاناة والمأساة ويزيد من احتمالية سقوط المزيد من الضحايا.

الدولة اللبنانية كعادتها منذ بدء الأزمة في سوريا، طمرت رأسها في الرمال، واستغلت المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها النازحون السوريون في مخيماتهم العشوائية جَراء العاصفة، لرفع الصوت وتذكير العالم بالأكلاف العالية التي يتكبدها لبنان جراء احتضان النازحين. ومن يسمع كلمة احتضان يظن أن الدولة تبذل جُهداً لرعايتهم، بينما هي لا تعرف مخيمات النزوح إلا عندما تقوم الأجهزة الأمنية بتنفيذ مُداهمات مفاجئة، فتعتقل وتهين وتسجن عشرات النازحين، وتتسبب بمقتل بعضهم تحت التعذيب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.