شعار قسم مدونات

خبيئة العساسيف!

blogs التوابيت الأثرية

اتفق معظم المؤرخين على أن اسم "العساسيف" هو اسم أطلق على المنطقة خلال العصر الحديث؛ ولا علاقة له بالتاريخ المصري القديم. أما جبانة العساسيف؛ فهي جبانة أثرية تقع على الضفة الغربية للنيل بالطريق المؤدى إلى الدير البحري بالأقصر؛ وتضم مجموعة من مقابر الأفراد التي يرجع معظمها لعصر الأسرة الثامنة عشرة، والبعض الآخر يرجع لعصر الأسرتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين، هذا فضلا عن المنطقة قد سبق وأن استخدمت كجبانة ملكية فى النصف الثاني من عصر الأسرة الحادية عشرة.

 

أما الاكتشاف الذي عثر عليه منذ أيام؛ وتم الإعلان الرسمي عنه يوم أمس السبت الـ 19 من أكتوبر خلال مؤتمر إعلامي كبير؛ فهو بحق اكتشاف عظيم لا ريب. فقد أُعلن العثور على أعظم الاكتشافات الأثرية خلال العقود الأخيرة، وذلك من خلال الكشف عن أول خبيئة ضخمة تحتوي على عدد كبير من التوابيت الأثرية، فهي بحق أول خبيئة يتم العثور عليها بهذا الشكل منذ نهاية القرن الـ 19، حين تم الكشف على خبيئة "القساوسة" أو خبيئة الكهنة بالدير البحري بالأقصر عام 1891.

 

البعثة الأثرية التي عثرت على الخبيئة هي بعثة أثرية خالصة؛ فمعظم الاكتشافات الأثرية في مصر يتم العثور عليها من خلال البعثات الأجنبية التي يبلغ عددها أكثر من 240 بعثة

وخلال مؤتمر أمس؛ تم الإعلان عن أن التوابيت تحتوي على مومياوات آدمية لأشخاص ينتمون للطبقة الوسطي، وتعود للأسرة الثانية والعشرين. لكن الغريب -الذي أثارني -أن التوابيت وجدت على مسافة قريبة من سطح الأرض؛ وقد دعتني هذه الإثارة إلى التواصل المباشر مع الأثريين الذين حضروا المؤتمر؛ وقد أعلموني بأن السبب في العثور على التوابيت في منطقة قريبة من سطح الأرض؛ هو أن التوابيت كانت توجد أسفل رديم بالمنطقة كانت البعثة تعمل على إزالته من المنطقة فإذا بها تعثر على هذه التوابيت.

 

أما تجميع التوابيت بهذا الشكل وعلى مقربة من الأرض، فأقرب تصور -من وجهة نظري -أن هذه التوابيت كان قد تم تجميعها في هذه المنطقة ورصها بهذه الطريقة من قبل (اللصوص الدبلوماسيين الأجانب) خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؛ وهم اللصوص الذين سعوا بكل طاقاتهم في نقل الآثار المصرية إلى بلادهم؛ بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وغيرها، وها هي آثارنا تشهد على ذلك بمتاحفهم المختلفة.

 

ولذا فمن من المتوقع أن يكونوا قد قاموا بجمعها وتخبئتها بهذا الشكل في مكان قريب من سطح الأرض؛ إلى أن يطمئنوا بألا أحد يقف عائقا أمامهم؛ ثم يقوموا بنقلها عبر النيل إلى البحر المتوسط ومن ثم نقلها إلى بلادهم؛ غير أنه قد حدث أمر ما قد حال بينهم وبين الرجوع للخبيئة ونقلها! وتوقعي هذا ليس من فراغ؛ قد تم بالفعل نقل معظم آثارنا الموجودة بالخارج خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بهذه الطريقة، وكان هؤلاء اللصوص الدبلوماسيون يكيدون لبعضهم البعض بمثل تلك الحيل من أجل ألا تكتشف سرقاتهم أمام؛ وحتى لا يقف بعضهم عائقا أمام البعض الآخر، كما حدث بين الكثير من القناصل الإنجليز والفرنسيين خلال تلك الفترات. 

 

والجميل في الاكتشاف أيضا؛ أن البعثة الأثرية التي عثرت على الخبيئة هي بعثة أثرية خالصة؛ فمعظم الاكتشافات الأثرية في مصر يتم العثور عليها من خلال البعثات الأجنبية التي يبلغ عددها أكثر من 240 بعثة؛ في حين أن البعثات المصرية الخالصة لا يتعدى عددها اليوم 10 بعثات! لكن استغرابي الذي لا زلت أبحث له عن جواب؛ هو لماذا أعلن المسؤولون يوم الأحد الماضي أن عدد التوابيت المكتشفة بالخبيئة 20 تابوتا؛ واليوم يعلنوا أنها 30؟!.. لكن ربما يكون ذلك بسبب أن التوابيت وجدت متراصة فوق بعضها البعض؛ ولم يكن بعضها قد ظهر بعد!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.