شعار قسم مدونات

مواقع التواصل الاجتماعي.. بين إحياء الوعي وكيِّ الوعي

BLOGS مواقع التواصل

تداول ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين صوراً لرئيس بلدية بيت جالا "نيقولا خميس" بصحبة مسؤول مكتب التنسيق والارتباط التابع لجيش الاحتلال، خلال افتتاح خط مياه جديد لتغذية بعض المناطق في بلدية بيت جالا التابعة لمحافظة بيت لحم، وتنوّعت التعليقات على تلك الصور ما بين غاضبة ومستنكرة بسبب حجم الاستفزاز الذي عكسته تلك الصور على مشاعر الفلسطينيين الذي يعانون من سياسات الاحتلال التهويدية بحق القدس، ومخططاته الاستيطانية التي مزقت مدن الضفة وحوّلتها إلى كنتونات معزولة عن بعضها البعض، وبين تعليقات ساخرة تتهكم على المستوى السحيق الذي وصلت له السلطة وافرازاتها على صعيد التناغم والتفاهم والتعايش مع الاحتلال؛ خصوصاً في الوقت الذي تتسارع فيه خطواته السياسية والعسكرية والاقتصادية لتصفية القضية الفلسطينية عبر ما يُسمى بصفقة القرن.

 

وإذا عَلِمتَ أن السلطة الفلسطينية هي من قامت بإنشاء خط المياه بتمويل دولي "أي أنه ليس للاحتلال دور في المشروع"، هنا تدرك تماماً حجم القناعة الراسخة لدى شخوص السلطة الفلسطينية وحركة فتح بالتنسيق والتعايش مع الاحتلال، دون أدنى وازعٍ من دينٍ أو أخلاق أو وطنيةٍ أو شهامة، ما دفع رئيس البلدية المطبِّع مع الاحتلال للاتصال بصديقه في جيش العدو لمشاركته في افتتاح المشروع، علماً أن هذا ليس هو النشاط التطبيعي الأول لرئيس بلدية بيت جالا الذي يُعتبر من أهم المطبّعين والتجار الكبار مع شركات الاحتلال، وهو وكيل شركة تنوفا "الاسرائيلية" المختصة بمنتجات الألبان والأجبان، فقد شارك "نيقولا" في لقاء تطبيعي عُقد مطلع يونيو الماضي في يافا المحتلة نظمته لجنة التواصل مع المجتمع "الإسرائيلي" برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح محمد المدني، وغيرها من النشاطات التطبيعية.

 

أخي وصديقي الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي: كل كلمة تكتبها أو صورة معبّرة تنشرها عبر الجبهات المختلفة في منصات "السوشيال ميديا" تذكّرنا فيها بأهمية الصبر والثبات، وترسّخ فينا روح الصمود والتحدي

عندما تعيش بعض شخصيات السلطة في ظل منظومة تتبنى الخيانة والتخابر مع العدو و"التنسيق المقدس" وتعمل على طمس ومسخ فطرة شعبنا السليمة الذي يأبي الذل والهوان والانكسار، بل وتصمت تلك الشخصيات على ذلك لسنواتٍ طويلة حين كان التطبيع يومها مقتصراً على المستوى الرسمي فقط، دون أن نجد معارضة حقيقة من قيادات وكوادر حركة فتح على السلوك التطبيعي للسلطة؛ فقط من أجل المحافظة على مصالحهم وامتيازاتهم الضيّقة التي حققوها على حساب المصالح العليا للقضية الفلسطينية، فلقد نشأت النشاطات التطبيعية وترعرعت بينما كانوا هم يتدرجون في سُلّم مناصبهم الوظيفية في مؤسسات الشعب الفلسطيني، حتى وصلوا إلى مراتب عليا في هذه السلطة الوظيفية، حينها فلن يجد "رئيس بلدية" في هذه المنظومة الآثمة مضاضةً في التعاون مع قادة جيش العدو في جميع المجالات! لا تظنوا أن رئيس بلدية بيت جالا الذي صدر منه هذا السلوك الآثم المُنكر يرى في مثل تلك الصور أي إساءة له ولعائلته ولشعبه، بالعكس هو يرى في نفسه -أو يقنعها- أنه يؤدي عمله بشكل طبيعي، وأن تعاونه مع من سلب أرضه وهجّر أجداده وسفك دماء أبناء شعبه هو واجب تحتّمه عليه وظيفته!

 

هنا بالتحديد وفي مثل هذه المواقف تتجسد أهمية "معركة الوعي" التي اشتعلت جذوتها منذ أن احتل العدو أرضنا وهجّر أجدادنا وهدّم مدننا وأحرق قُرانا، وجلب اليهود من مختلف بقاع العالم ليغتصبوا بلادنا ويهوّدوا مقدساتنا، وهي معركةٌ باقية مستمرة ما بقي الاحتلال جاثماً على صدورنا، ويجب أن نقتحم ساحاتها ونخوض أوارها وعلى مختلف الجبهات بكل ثقةٍ وعنفوان، دون كللٍ أو ملل، وأن نصبر على طول أمدها وضعف بريقها حتى يكتب الله لشعبنا العزّة والنصر ويقضي لعدونا بالهزيمة والقهر، كونها "معركة الوعي" هي الساحة الأخطر للصراع بيننا وبين أعدائنا الذين أطلقوا على معركتهم هذه "كي الوعي" في إشارة إلى سعيهم الحثيث للقضاء على روح الجهاد وثقافة المقاومة التي تجري مجرى الدم في عروق أبناء الشعب الفلسطيني، حتى لا يخلُفَ من بعدنا جيلٌ يضيّع الثوابت ويدوس المبادئ ويقبل بالتعايش مع سفلة الأرض وشذاذ الآفاق، فنلقى جزاء ذلك غيّاً!

 

أخي وصديقي الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي: كل كلمة تكتبها أو صورة معبّرة تنشرها عبر الجبهات المختلفة في منصات "السوشيال ميديا" تذكّرنا فيها بأهمية الصبر والثبات، وترسّخ فينا روح الصمود والتحدي هو سهمٌ ترمي به عدونا في "أم المعارك"، وكل كلمة كنت تُريد كتابتها في هذا المضمار ثم تراجعتَ عنها تحت أي مبرر، فاعلم أنك بخلت على دينك وأرضك وحقوق شعبك بواجب الكلمة التي هي أقل الإيمان، في ظل وجود مجاهدين يقدمون أرواحهم ودماءهم وبيوتهم منتظرين منك أن تحمي ظهورهم في معركة الوعي التي أنت رأس حربتها، فلا تخذلهم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.