شعار قسم مدونات

العراق.. جمهورية خوف يُقتل شعبها بقنابل غاز تحطم جماجمهم

blogs العراق

جمهورية خوف هي ملامح الدولة العراقية اليوم في ظل عمليات قمع وحشية تمارسها الحكومة لقمع التظاهرات التي باتت أحزاب السلطة تتوجس خطرها الذي يتهدد وجودها ومكاسبها بعد أن اتفق المتظاهرون على هدف واحد وهو إسقاط النظام، هكذا تصف مجلة فورين أفيرز الأمريكية الأوضاع في العراق، لا نتحدث هنا عن عمليات القتل برصاص القناص فتلك صفحة تكاد تكون انطوت منذ الأسبوع الأول لانطلاق التظاهرات في الأول من تشرين الأول بعد أن تسببت بفضيحة دعت الكثير للتساؤل عن هوية هؤلاء القناصين وإلى من يتبعون بالتزامن مع تقرير لوكالة رويترز التي أكدت فيه وجود قناصين إيرانيين يعتلون المباني قرب الساحات والميادين هم من يطلقون الرصاص على المتظاهرين ؟!.

  

أبشع صور القتل تجري اليوم عبر قنابل غاز تخترق الصدور وتُغرز في الجماجم والتي من المفترض أنها مصممة لتكون مهيّجة للجهاز التنفسي ومكوّنة بمعظمها من غاز "سي إس" المسيل للدموع، الهدف منها تفريق المتظاهرين لا أكثر، إلا إنها وبقطرها الكبير الذي يبلغ 40 مليمتراً ورأس مفلطح أصبحت أداة قتل حصدت أرواح المئات من المتظاهرين فضلا عن تسببها بترك إعاقات دائمة لآلاف آخرين وفقا لمنظمة التحالف العراقي من أجل الإعاقة غير الحكومية.

  

الباحثة والعالمة العراقية بأبحاث التلوث البيئي "إقبال لطيف" حذرت من خطورة القنابل المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات الأمن ضد المتظاهرين مؤكدة أن الأدخنة المتصاعدة منها تكون سحابة دخانية مميتة للبشر

من الواضح أن هناك جهات لها خبرة في الالتفاف على القانون الدولي واستغلال ما فيه من ثغرات، هي من قدمت النصيحة لحكومة عادل عبد المهدي في بغداد بشأن كيفية التعامل مع التظاهرات دون أن تثير حفيظة الرأي العام وتحرج حلفائها، فاستخدام الرصاص والذخيرة الحية لن يدع مجالا للتغاضي والتهاون، إلا إن البقاء ضمن دائرة المسموح قانونيا وهو استخدام القنابل الصوتية والدخانية والغازية لربما سيؤخر من المسائلة والمتابعة الدولية وسيجعل من قرارات الإدانة لا تعدوا أكثر من تحفظات ودعوات للتهدئة وهذا ما يجري اليوم من عمليات استنزاف منظم بطلها قنابل غاز وزنها أكثر بعشرة مرات عن وزن القنابل العادية فيما اتضح إنها هجومية قتالية منشئها شركات إيرانية وصربية وفقا لتقرير مطول أصدرته منظمة العفو الدولية مستشهدة بخبير الطب الشرعي لديها الذي أكد أن شدة الإصابة وزوايا الاختراق تشير بقوة إلى أن القنابل أطلقت مباشرة على الضحايا بدلاً من الارتداد عن الأرض .

 

طال الحديث وتشعب بشأن ما هيه حقيقة تلك القنابل حتى نطق وزير الدفاع في حكومة عبد المهدي نجاح الشمري مصرحا بالقول إن هناك "طرفاً ثالثاً يقوم بقتل المتظاهرين" وإن الأسلحة المستخدمة لم تستوردها الدولة وشرح أن البندقية التي تستخدمها القوات الأمنية يمكنها إصابة شخص على مسافة تتراوح بين 75 إلى 100 متر، بينما قتل بعض المتظاهرين من مسافة إطلاق بلغت 300 متر، الشمري لم يسمي "الطرف الثالث" إلا أن تصريحه استنطق ميليشيا حزب الله في العراق التي سارعت بالرد على لسان القيادي فيها "أبو علي العسكري" الذي قال إن تلك القنابل استوردتها وزارة الدفاع بنفسها ووصف تصريحات نجاح الشمري بأنها محاولة للتنصل من المسؤولية وهو ما عده مراقبون بالاعتراف الضمني بأن الجميع مشارك في قمع التظاهرات بما فيها ميليشيا حزب الله والعصائب وهن من الفصائل الأكثر ارتباطا وقربا من إيران .

 

الباحثة والعالمة العراقية بأبحاث التلوث البيئي "إقبال لطيف" حذرت من خطورة القنابل المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات الأمن ضد المتظاهرين مؤكدة أن الأدخنة المتصاعدة منها تكون سحابة دخانية مميتة للبشر وإصابات بالاختناقات للجهاز التنفسي والعين وهيستيريا عصبية وحالات تشنج عضلات وشلل مؤقت، وهو تصريح مشابه لما سبق وكشفت عنه مفوضية حقوق الإنسان في العراق التي قالت إن الغازات المنبعثة من قنابل الغاز ذو روائح غريبة وغير معهودة فيما أكدت لجنة حقوق الإنسان النيابية تنصل وتهرب السلطات الحكومية من الرد على طلبات بوجوب تقديم تقرير عن طبيعة ونوعية المواد المستخدمة في صناعة قنابل الغاز التي لم يعد غازها هو الذي يؤرق فحسب بل إن معدن بعضها بات يتشظى ويتسبب بتمزيق أحشاء وبتر أطراف عدد من المتظاهرين وفقا لمئات الفيديوهات التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي .

 

وبينما يستمر مسلسل قتل المتظاهرين تحت بند "الدفاع عن النفس ضد المندسين" وفقا لتصريح رئيس الحكومة عادل عبد المهدي فأننا نوجه سؤلا إلى العالم، هل إن وجود هذا النوع من قنابل الغاز المميتة في العراق بمناشئها الإيرانية والصربية والبلغارية هي صدفة في وقت تملك تلك الدول تأريخا مشوبا بالشبهات في انتهاك حقوق الإنسان أم أن الطيور على أشكالها تقع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.