شعار قسم مدونات

ابتسموا سامي شهيد

blogs سامي أبو دياك

يُعدم سامي أبو دياك، يُعدمُ بأسلوبٍ ممنهجٍ من قبلِ إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، التي يجري في شرايينها حبَ قتلِ الأسير الفلسطيني، بعدَ أن غذى هذا الحب تجاهل المجتمع الدولي وصمته المتكرر عن معاناةِ أسرانا البواسل في سجون الكيان الإسرائيلي.

 

سامي أبو دياك، ومن قبله بسام السايح والقائمة تطول، والعددُ مرشحٌ للزيادةِ في ظلِ حالةِ الإهمال الطبي وحرمان الأسرى من العلاجِ، عدا عن غيابِ توثيقِ بطولاتهم قبل آلامهم جراء افتقارِ مؤسساتهم لقاعدةِ بياناتٍ تحتوي كل أعمالهم ومواقفهم وتضحياتهم من لحظة اعتقالهم حتى لحظةِ استشهادهم أو تحررهم وانتصارهم على سجانهم الذي يستغلُ ضعفَ الأدوات القانونية والرقابيةِ في ظلِ توقفِ لجان التحقيق الدولية عندَ رغبةِ السجان الإسرائيلي، الذي انحازَ لصالحِ الاحتلال الإسرائيلي حارمًا بذلك الضحية من الوصولِ إلى حقها في انتزاع العدالة الدولية، الأمر الذي تسببَ في جروحٍ بليغةٍ لا يُمكن أن تُغتفر مهما تقادم الزمن!

 

لنبتسم في الوقتِ الذي يرتقي فيه سامي، فارتقاؤه حياة، لنبتسم ابتسامة تُغيظُ المحتل وتُحبطُ مخططاته، وتجعله يُفكرُ مليّا قبل أن يُعيدَ الكّرة

فقضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ليستْ قضية زياراتٍ ميدانية، ولا قضية اعتصامٍ أسبوعي، ولا قضية أغطيةٍ وملابس شتوية، ثمة تفكيرٍ قاصرٍ عند البعض الذي يُريد أن يختزلَ الأسير ويُحطم أسطورته عبرَ حصره في طردٍ غذائيٍ أو كابونةٍ في ظلِ سياسة حكومة الوفاق الوطني التي حرّمت السواد الأعظم من أهالي الأسرى والمحررين من رواتبهم ومخصصاتهم وهو ما أدى إلى حرمانهم من الكنتينة، ورغم أن الطعام والشراب حقٌ للأسير داخل زنزانته إلا أن التضييقَ عليه وابتزازه في مصروفه أو مخصصاته أمرٌ يحتاجُ إلى تدخلٍ دوليٍ إذ أن حقوق الأسير يجبُ أن تأتي مجتمعة لا أن تأتي متفرقة، وعلى رأس هذه الحقوق السماح لكل أسيرٍ برؤيةِ أهله عبر وضعِ حدٍ لحرمان أسرى أهالي القطاع من زيارة أبنائهم داخل السجون الإسرائيلية.

 

كما أن إذلالَ أهالي الأسرى أثناء زياراتهم لأبنائهم يجبُ أن يتوقف، عبرَ توفيرِ محققين دوليين يحولون دون التفتيش المذل لأهالي الأسرى وخاصة أمهاتهم وبناتهم وزوجاتهم اللواتي ضحيّن كثيرًا وهنّ يتحملنّ مشقة الطريق الطويل، لقاء الفوز بنظرةٍ تدبُ فيهن الحياة، وتعطيهن الأمل والوقود لاستمرار حياتهن، فهذه الزيارات على قلتها لأم الأسير وزوجته وابنته هي تعني الحياة والنجدة، إذ أنها تُشكلُ الدفء والأيقونة التي تمدهم بالعطاء والتحدي لمواجهةِ السجان الإسرائيلي وصلفه وغطرسته.

 

ثمة علاقة جميلة بين الأسيرِ وزنزانته وبين أمه وأهله، علاقة تقولُ لكلِ الآدميين والحوائيين كفاكم عبثًا بمشاعرِ أسرانا، فلا يجوزُ لكم أن تتذكروا وجعهم كلما استُشهدَ أسير، تتباكون على رحيله دون أن تُكلفوا أنفسكم بالثناءِ على صموده وعطائه وكبريائه، وهو الذي أمدكم طيلةَ حياته بالكثيرِ الكثير، فلا يكفي أن تنتفضوا كالثكالى والأرامل تُصدرون بيانات النعي والشجبِ والاستذكار، بل ليُصبح مقر الصليب الأحمر عنوانًا للصباح المشرق والجميل، عنوانًا للأمل، عنوانًا للحياة، عنوانًا للدفء بعيدًا عن الشعاراتِ النمطية، لنردد الحياةُ تبدأُ من سجنَ نفحة والنقب وبئر السبع، الحياةُ تبدأ من مجدو وعسقلان.

 

هم يُريدون أن نُحولَ اعتصام الأسرى الأسبوعي لاعتصامٍ قاتمٍ وأسود، والأصل أن نسعى نحن الفلسطينيون إلى تحويله لاعتصامٍ يسمو على كلِ حزنٍ وألم، لنفعلَ كل الأدوات من أجل نصرة الأسيرِ وتمكينه والإنتصار لثوابته الوطنية، وعلى رأس هذه الثوابتْ الحق في الحرية، الحرية دون قيدٍ أو شرطٍ أو تمييز.

 

لنبتسم في الوقتِ الذي يرتقي فيه سامي، فارتقاؤه حياة، لنبتسم ابتسامة تُغيظُ المحتل وتُحبطُ مخططاته، وتجعله يُفكرُ مليّا قبل أن يُعيدَ الكّرة، فكم من ابتسامةٍ أربكتْ وأوجعتْ، وما أروعَ أن يتحلى الفلسطينيون بالحنكة والبراعةِ والفطنةِ وهم يسردون أوجاعهم، يسردونها بطريقةٍ تُعطي المتعبين الزادَ والوقود، وتصفعُ كل من راهنّ على انكسارهم.

 

أجل، يرتقِ بسام، السايح ومن بعده سامي، يرتقِ والكلُ يُصفقُ لمقاومتنا الباسلة، مقاومتنا التي علمتنا كيفَ نبرعُ في إتقانِ كتابة الحروف، بشكلٍ يجعلها صفعة ولكمة على المحتلِ الإسرائيلي وأعوانه، لنُصبح جنبًا إلى جنب مع بندقية الثائر وبندقية القسام والسرايا وألوية الناصر وشهداء الأقصى وكل الأجنحة العسكرية، شعارنا يدٌ تكتبٌ وتقاوم، ويدٌ تبطش، لنبطشَ جميعًا بكلِ الطرق، بالحرفِ والكلمة والطلقة، لنبطش بالفن الناعم لنبطش بكل أشكال الجمال، لتكن حياتنا كلها مقاومة وجهاد وبطش؛ فليعشّ من علّمنا حبَ الأسير وحبّ الكرامة وحبّ التعطشِ للانتصار للضحايا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.