شعار قسم مدونات

براميل صمت عالمية تتساقط على الشمال السوري المحرر

blogs إدلب

يعجز المرء وهو يتابع حجم البراميل  البدائية المتفجرة الحاقدة التي تتساقط على الشمال السوري المحرر، والذي كان مجلس الأمن الدولي قد حظر استخدامها بنفسه، ولكن لم يأبه الطائفيون لحظره تماماً كما لم يأبه هو ذاته لحظره إياها، ففي يوم الأحد الماضي سقط أكثر من مائة برميل متفجر على ريف إدلب الجنوبي، وتناوبت أربعون مروحية للعصابة الطائفية على مسح ما تبقى من أرياف إدلب لهدف بات واضحاً أن لا مكان لأهل المنطقة هنا، وما عليهم إلاّ الرحيل من سوريا، لتبقى المنطقة مرتعاً للبوم والغربان، وأبسط ما يقال فيها أنه غير صالحة للسكن، ما دامت البراميل المتفجرة تستهدف كل شيء أشجار الزيتون،  ومعها في طريقها المشافي والمدارس والأسواق والبيوت وكل ما يشير إلى أن ثمة حياة كانت هنا، لتكون مرتعاً للموت ولا شيء غيره.

  

لكن ما يتوقف عنده أهالي الشمال السوري هذه المرة هو الصمت العالمي المطبق والمتواطئ مع العصابة وسدنتها الاحتلال الروسي الذي استخدم يوم الأحد الماضي كل طائراته الإجرامية الحاقدة في إضعاف قدرات الثوار بالمناطق الجنوبية لتمهيد الطريق لاجتياح بعض البلدات والمناطق، ولم ينس أن يدك مدناً وبلدات آمنة ك معرة النعسان وغيرها من البلدات الخلفية التي لا علاقة لها بخطوط القتال الأولى، كل هذا يجري وسط صمت عالمي غير مسبوق، وصمت حتى على قرارات مجتمع دولي حظر هو بنفسه استخدامها، ولكن ابتلع قراراته كما ابتلع أوباما من قبل خطوطه الحمراء.

 

لم يعد هناك اهتمام من مستخدمي التويتر والفيس وغيرهما بالشأن السوري، بعد أن طلق الإعلام القديم مسألة الاهتمام بأنهار الدماء السورية

لم يعد لدى أحد تفسيراً لما يجري، فهل الإدانة أصبح ثمنها باهظاً، وهل على السوريين أن يعودوا إلى حكم عصابة طائفية مجرمة بينها وبين الشعب بحور من الدماء، وللأسف فقد انسحبت الإدانة على الجميع أحزاباً إسلامية و وطنية ودولاً عربية وإسلامية وعالمية، ولم ينج منها أحدٌ، ويحدثك أكثر السوريين المقيمين في الشمال السوري المحرر أن براميل الصمت العالمية التي تنفجر في وجوههم مترافقة مع براميل الحقد الطائفي أكثر تأثيراً وأشد ألماً في نفوسهم، كونها تشعرهم أنهم لوحدهم يواجهون وحوشاً ضارية منفلته، والأعجب أن يتحدث المبعوث الأميركي جيمس جيفري عن ضرورة وقف إيران لحربها بالوكالة عن نظام الأسد، وكأن هذه الحرب قد بدأت بالأمس، أما الإبادة الهولوكوستية التي يمارسها الاحتلال الروسي صباح مساء فمن حقه الطبيعي التي كفلها له القانون الأميركي والغربي بصمته، فالصمت موقف.

  

ماذا لو كان مشفى كيوان الخيري في كنصفرة بإدلب الذي دمره طيران الاحتلال الروسي والأسدي، في مناطق قوات سوريا الديمقراطية وقد قامت بتدميره القوات التركية؟، كيف ستكون  حينها ردة فعل العالم ومجلس الأمن الدولي والإعلام العالمي؟!!!، وزادت لامبالية مستخدمي الإعلام الجديد من المأساة فلم يعد هناك اهتمام من مستخدمي التويتر والفيس وغيرهما بالشأن السوري، بعد أن طلق الإعلام القديم مسألة الاهتمام بأنهار الدماء السورية، أما أن تدمر مشافي في مناطق إدلب وغيرها فهذا لا يستحق التعليق ولا التغطية الإعلامية، والأعجب من ذلك أن يتوافق هذا كله مع وقف وتعليق التمويل التعليمي للمدارس في الشمال، فلم يكتف العالم بقتل الجيل السوري الحالي، وإنما يريد أن يحكم على الجيل المقبل بالجهل والفوضى، ولكنه جهل سيكون له منه القسط الأكبر والأوفى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.