شعار قسم مدونات

حينما نفقد لذّة الحياة.. كيف نجد أنفسنا ثانية؟

blogs حزن

كنت تعيش حياتك في سعادة وحماس حتّى أطبقت الدّنيا عليك بضمّتها فجأة، وضربتك بسياط الهمّ والحَزَن والشّك فأوقعتك أرضا، فلم تجد من معين، ولم تعرف ما عليك فعله لتنهض على قدميك مجدّدا، ولم تهتدي لطريقة لتطرد بها هذا الغمّ المفاجئ الذي أنهك قواك فخارت وانهارت، وخلّفك وراءه جثة حيّة هامدة. ربما خسرت نفسك في وظيفتك، في علاقتك العاطفية، خسرت صديقا أو ربما دورك كأب أو كأم، أو ببساطة أنت تحسّ أنّك خسرت شيئا من نفسك في الحياة بصفة عامة لا تعرف ما هو، ربّما ضيّعت شغفك، ربّما نفسك، أو ربّما ضاعت منك أشياء أخرى.

اعلم إذاً أنّك لست وحدك في هذا، فكلّنا نمر بمثله وربّما أسوء بين الفينة والأخرى، ومن هنا وجب عليك أن تعرفَ أنّ حياتك أبداً لم يُحكم عليها بالفشل لسبب سقوط واحد مماثل، هذا أبداً لم يعني يوما أنّ كل شيء قد انتهى وولّى إلى غير رجعة، هذا لا يعني أبداً أنّك لن تجد نفسك ثانية بعد كلّ وجعه، فالأمر يعني فقط أنّك تمر بمرحلة حضانة وتحوّل، أحبّ أن أدعوها مرحلة نّمو وحبَل والتي تسبقها دائما مرحلة خمولٍ أو كسل، واليأس والاكتئاب هما ضيفاك البغيضان هنا، إذ يأتيان لزيارتك، فإن وجداك ضائعا لا تعرف لم يحدث معك كلّ هذا، فسيقعدان معك بالغصبِ، ويُقعِدانك في زاوية بيتك الكريهة، وصدّقني إنّهما لن يرحماك.

لذا فالسّر في التعامل معهما هنا هو في كسرهما لا في الركون إليهما، ففي حالتك هذه يجب أن تتحدّى الألم وتتحدّاهما، وبئس الضيفان هما، ولتضربهما بقبضة من حديد بكلّ قوتك الإبداعية روحاً وجسدا كي تخلق الحياة التي تحبّ بقلب من حديد. هنا سبع نصائح ستساعدك للخروج من مرحلة الضياع تلك إلى مرحلة القوّة، ستذكّرك هذه النقاط بمن تكون، ستساعدك على استرداد عافيتك سريعا، ستعينك على استعادة مكامن قوتك التي تمتلك لتصنع مجدك من جديد.

1- تذكّر ماذا تحبّ! واذهب وافعله!
بمجرد أن تعيد ترتيب أحلامك ستعتريك الرغبة مجددا في الحياة وفي النجاح، ستعتريك تلك القوّة لتخرج من بؤسك الذي رسمته لنفسك، سيأتيك الحافز الذي غاب عنك وفجأة ستعود إليك نشوتك مجددا

هل تتذكّر آخر مرة كنت فيها مستمتعا بحياتك؟ هل تتذكّر متى كانت كل الأمور في نصابها وعلى كلّ ما يرام؟ كانت الأمور على ما يرام حينها لأنّك كنت غارقا مشغولاً في اللحظة، كنت تعيش الحياة ولحظتها منهمكا كالطفل المستمتع بها، لكن لكونك بشريا فأنت معرّضٌ لشتى أنواع العوامل الخارجية، فعندما نكبر نخسر تلك الرؤية الطفولية وذلك الحسّ الإبداعي الذي فطرنا عليه، فلا تظهر لنا الحياة جميلة ورائعة مرة أخرى، لأننا ببساطة نصير مثقلين بالمسؤوليات وكل هموم الحياة الأخرى، ما أريدك أن تقوم به هو أن ترى الأمر على أنّه اختبار قد أتممته وصار لزاما عليك في هذا الوقت أن تطوّر من نفسك استعدادا للقادم، لذا عليك أن تعيد الاتصال بذاتك الطفولية، فأنت الآن تمتلك خبرة وتجارب ودروسا وعبر، فقط اتصّل بما تحب وتهوى واسعى إليه بكلّ ما أتاك الله من قوة، لا مزيد من الأعذار بشأن عدم امتلاك الوقت، المال أو الموارد، لا مزيد من الأعذار بشأن الظروف والمشاكل، فكلّ البشر سواء في هذا ناجحهم وفاشلهم، غنيّهم أو فقيرهم. اصنع التزاما لك لتفعل ما تحب، وشاهد حياتك تتغير أمام ناظريك.

2- اذهب في رحلة، اذهب في مغامرة جديدة!

سواءً أكان استجماما ليوم واحد، انعزالا لساعات، أو نهاية أسبوع على شاطئ البحر أو في الطبيعة أو في الخلاء، اخرج واكتشف العالم من حولك، اخرج وارتشف عبق الجو في حيّك، هذا لن يجعلك فقط تعاود العثور على تدفقك الإبداعي، بل سيساعدك على التركيز في إيجاد نفسك مرة أخرى، ستكون بعيدا عن الضوضاء التي تَعَوَّدَتْها حياتك، وستصبح أكثر صفاءً من ذي قبل، ستعود إلى عالمك بنَفَسٍ جديد، أعدك أنّك عندما تعود ستصبح أكثر نقاءً حتّى مما كنت عليه أيّام سعادتك الضائعة. افعل ذلك الآن ولا تنتظر الغد فقد لا يأتي ذلك الغد أبدا.

3ـ اتصل مرة أخرى بأحلامك ولتكن هذه المرة أحلاما كبيرة!

ما نوع الأحلام والأهداف التي كنت تمتلكها قبل أن تتيه نفسك في بحر الحياة الصاخب؟ ما الذي كنت تعتبره مستحيلا وغير ممكن بالنسبة لك؟ احضر مذّكرتك وأعد ترتيبها، أعد صياغتها بشكل جديد، ولتضف إليها أهدافا عظيمة، اجعل عالمك مثاليا، واعرف بالضبط ما الذي تريد أن تصيره، تملكه أو تفعله، ما الذي ينقصك الآن؟ بمجرد أن تعيد ترتيب أحلامك ستعتريك الرغبة مجددا في الحياة وفي النجاح، ستعتريك تلك القوّة لتخرج من بؤسك الذي رسمته لنفسك، سيأتيك الحافز الذي غاب عنك وفجأة ستعود إليك نشوتك مجددا.

4ـ وسّع دائرتك ومنطقة أمانك بشكل منتظم!

وحافظ على ذلك، فهذا هو الوقت المناسب لتعيش بعض الانزعاج، وأن تقول أنّك لا تحس بالراحة بتجريب أشياء جديدة، التقاء أشخاص جدد أو زيارة أماكن جديدة، قد يكون هذا غير مرغوب للكثيرين، لكنّ النمو لن يحدث أبدا وأنت قابع في دائرتك المعتادة أين كل شيء يبدو لك مألوفا فيها، تحدّ نفسك لتفعل أشياءً مجنونة بعض الشيء، لتكون نشيطا ثانية اطرد عنك الملل، وهذا ما أحب أن أسمّيه بالفضاء الرحب وهو المنطقة التي لا نقبع بداخلها، بل هي الفضاء الذي نتمدّد فيه لعظمته المستمدّة من عظمة الخالق، فهناك فقط نستطيع أن ننمو ونتطور. ما الفكرة الأولى التي جاءت في ذهنك؟ اذهب وقم بها ولا تتردد.

5ـ استرخ وفي هدوءك أنصت!

كل يوم هناك إشارات من الله الذي لن يتخلى عنّا أبدا، هناك رسائل من عنده، هناك دلائل هي التي ستحفزك لتسير في الأرض وتسعى فيها، لكنك لن ترى تلك الإشارات إلّا إذا كنت صافي الذهن منفتح البصيرة غير قانط وغير يائس. ففي ظل الفوضى والتلوث والضوضاء التي نعيشها في عصرنا هذا، صار من الصعب علينا أن نفهم لغة الله واشاراته التي يخاطبنا بها في كائناته كل يوم، لذا فمن الواجب أن نهدأ وننصت ونتدبر ونتأمل في خلقه تعالى.

 

يقول المفكر السّعودي علي الهويريني: "من طرح سؤالا في خلق الله سيجيبه الله في خلق آخر"، انتبه لإشارات الطريق، لأغاني الراديو، للمحطات التلفزيونية، لكل شيء تتذّكره فجأة، الأشخاص الذين تلتقيهم أو تجلس بجانبهم، أغلب ما ذكرت يحمل لنا أشياء تساعدنا على إيجاد انفسنا. هناك أشخاص ذوو توجيه إلهي يبعثهم الله خصيصا لنا من حين لآخر لمساعدتنا على إيجاد طريقنا. مفتاحك قد يكون بين أيديهم، هو ربما أمامك لكنك لم تلحظه لانشغالك عن ذاتك بأشياء أخرى، قد تكون فكرة تأتيك وأنت تستحم، وقد تكون إشارة أحسست في داخلك أنها ما ينقصك لكننك لا تنصت لأنّك لم تتعود على الانصات أصلا.

6ـ تذكّر أنك تمتلك القوة لتكون ما أردت!

ما دام الله أعطاك تلك الفكرة في رأسك فهي ليست مستحيلة التحقيق، لقد أعطاك الله قوة داخلية جبارة لتصنع الحياة التي تريدها ما دامت في الخير، فكيف له أن يخيّب سعيك وظنك بعد ذلك؟ لقد وُهِبت قوة وموهبة لتعيش سعيدا بشغفك ولتحصل على الأجوبة التي طالما كنت تبحث عنها، قد يكون ما تبحث عنه في التحفيزات الذاتية، في الرياضة، في الدعاء، في الصلاة أو في التأمل، ربما في مذكراتك أو ربما على شكل آخر، تحتاج فقط لصفاء ذهنك ولتركيزك لتجد ما تبحث عنه، فالكون يساعدنا فيما نعجز عن إيجاده، هي قدرة الله وصنعه المبدع.

7- اسأل المساعدة!

هناك الكثير من البشر في الحياة مهمتهم مساعدة الأشخاص الضائعين مثلي ومثلك، ابحث عنهم واسألهم المعونة، هناك مشاكل لن نجد لها أجوبة لوحدنا، لذا فالله يبعث لنا دائما أشخاصا كهؤلاء، فربما محادثة قصيرة معهم تجعلنا نشع ونتحمس أكثر للحياة، فردا من الأسرة، مدربا، معلما، معالجا، أو حتى صديقا مقربا، استفتهم في تجاربهم وآراءهم وتواضع لهم فالمسألة ليست كرامة أو ضعفا. وفي الأخير تحلى بالصبر وبالأمل وليكن التفاؤل صديقا مقربا لك، اصبر! فرُبّ مصيبة تورث قوّة، ورُبّ معجزات تأتي بها البلوى. ماذا تظن الآن، هل ترى أنّ إيجاد النفس في ضياعها صعب للغاية أم أنّه أمر ممكن؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.