شعار قسم مدونات

لقاء ترامب وكيم.. هل ترفرف حمامة السلام في سماء هانوي؟

blogs ترامب و كيم جونغ أون

يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في العاصمة الفيتنامية هانوي وسط شكوك حول إمكانية تحقيق نتائج إيجابية تفضي إلى حل الخلافات العميقة بين بيونغ يانغ وواشنطن. وتأتي هذه الشكوك في أعقاب تصريحات سابقة لترامب قال فيه إنه ليس في عجلة من أمره لنزع السلاح النووي بصورة كاملة ونهائية من شبه الجزيرة الكورية ما دامت التجارب الصاروخية والنووية متوقفة بسبب العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ.

غير أن قراءة متعمقة تخالف هذه الشكوك وتشير إلى أن العدوين اللدودين أقرب ما يكون هذه المرة من التوصل إلى صفقة نووية من شأنها أن تضع حداً لحالة الحرب المستمرة في شبه الجزيرة الكورية منذ خمسينيات القرن الماضي.

مصالح مشتركة

بعد نجاح الديمقراطيين في الانتخابات النصفية التي عقدت في شهر نوفمبر الماضي وسيطرتهم على مجلس النواب، تراجعت فرص ترامب في إحراز تقدم على مستوى السياسة والملفات الداخلية، لذلك يبدو التحول إلى الشؤون الخارجية ملاذه الوحيد لتحقيق إنجازات تعزز من فرص إعادة انتخابه لولاية ثانية. ويعتبر إبرام اتفاق نووي مع كوريا الشمالية صفقة كبيرة وإنجازاً تاريخياً لم يتمكن من تحقيقه الرؤساء السابقون الذين تعاقبوا على حكم البيت الأبيض منذ اندلاع الحرب الكورية. 

تنطلق رغبة كيم في عقد صفقة حقيقية مع ترامب، من إدراكه بأن استمرار خيبة أمل الولايات المتحدة في التزامه بنزع السلاح النووي، قد يفضي إلى تدخل عسكري لا تحمد عقباه

أيضاً يمكن النظر إلى تحقيق تقدم في ملف الحرب التجارية مع الصين، كإنجاز يحسب له رغم أنه هو من بدأ هذه الحرب لحسابات داخلية، وتعتبر تصريحاته الأخيرة حول الاقتراب من إبرام صفقة مع الصين واستعداده للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في فلوريدا، مؤشراً على نوايا حقيقية لإتمام هذه الصفقة.

أما كيم فهو يسعى إلى إنقاذ اقتصاد بلاده المنهار بسبب العقوبات الدولية، ويدرك أن تخفيف أو رفع العقوبات هو المفتاح لتطوير اقتصاد كوريا الشمالية. فبالرغم من تحسين علاقاته مع بكين وسول خلال الأشهر الماضية، فإن ذلك لم يكن كافياً لإقناع الولايات المتحدة في تحفيف العقوبات.

وتنطلق رغبة كيم في عقد صفقة حقيقية مع ترامب، من إدراكه بأن استمرار خيبة أمل الولايات المتحدة في التزامه بنزع السلاح النووي، قد يفضي إلى تدخل عسكري لا تحمد عقباه، وكان ضابط سابق في المخابرات الأمريكية قد نقل عن الزعيم الكوري الشمالي قوله لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عندما سئل عما إذا كان يعتزم إنهاء برنامجه النووي: "أنا أب وزوج، ولدي أطفال، ولا أريد أن يتحمل أولادي عبء السلاح النووي على ظهورهم طوال حياتهم". هذا وكان الزعيم الكوري الشمالي، قد كتب مقالاً في أعقاب زيارته الأخيرة إلى العاصمة الصينية بكين، أشار فيه إلى احتمال تخلي بلاده عن أسلحتها النووية في عام 2019.

خطوات عملية

كشفت وسائل إعلام كورية جنوبية عن خطة أمريكية تهدف إلى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية تقوم على عدة مطالب أهمها: إغلاق منشأة يونغ بيون النووية والقاعدة الصاروخية تونغ تشانغ ري وفق جداول زمنية محددة، بالإضافة إلى السماح لمراقبين دوليين بالتفتيش الدوري، وذلك في مقابل إعلان واشنطن رفع العقوبات الدولية، وانتهاء الحرب الكورية، والموافقة على تقديم مساعدات صينية وكورية جنوبية لبناء اقتصاد كوريا الشمالية.

غير أن خبراء يرون أن مثل هذه المطالب لن تحث بيونغ يانغ على المضي قدماً في إغلاق منشآتها النووية ما لم تكن مصحوبة بضمانات دولية، خصوصاً وأن الولايات المتحدة لم تلتزم بالتعهدات التي قطعتها في القمة الأولى التي عقدت بين ترامب وكيم في سنغافورة في شهر حزيران الماضي، الأمر الذي ينطبق تماماً على كوريا الشمالية في الحديث عن الضمانات.

لكن ما يبعث على التفاؤل هذه المرة، موافقة كيم على عقد قمة ثانية، ما يشير إلى أنه مستعد لاتخاذ خطوات جادة نحو نزع سلاحه النووي، وتنطلق هذه الفرضية من إيمان راسخ بأن المرء يستطيع أن يغش مرة، لكنه لا يكرر ذلك مع من غشه مرتين وإلا سيكون العقاب مضاعفاً وبصبغة نووية!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.