شعار قسم مدونات

هذه هي شروط ميسي للعب في المغرب!

blogs ميسي

لو أتيح لنا أن نختار حظنا في الحياة، لاخترنا حظ ميسي، اللاعب الأرجنتيني ونجم برشلونة الاسباني، فما يتمتع به هذا اللاعب من شهرة عابرة للقارات وهيبة تقتحم الآفاق ما يفوق بهما زعماء العالم وعلمائه ومخترعيه ومناضليه.

 

إذ يتمنى كل زعيم أن يحظى بشعبية ميسي، ويحلم أن يلقى من التصفيق والهتاف حين يخرج إلى الشارع أمام شعبه ربع ما يلقاه ميسي حين يتجلى لمشجعيه، ولو اجتمع مشاهير العالم في زاوية، وتواجد ميسي في الزاوية الأخرى، لوجدت وسائل الإعلام من كل حدب وصوب تهب نحوه كما تهب الأمواج العاتية عل شاطئ البحر، وحتى لو دارت الأيام والتقيت بالنجم الأرجنتيني وجها لوجه، فلن تجده سوى إنسان بسيط ساذج لم يؤت حظه من العلم كما اقتلعته أنت من بين شقوق المعاناة، وربما لا يجيد حتى قراءة الرقم الذي يعبر عن قيمة حسابه البنكي، بينما علمتك أنت قسوة الأيام أن تحمل هم كل شيء، والدنيا حظوظ كما يقول المثل المصري.

 

كل هذه الشروط المفروضة من ميسي لسواد عيونه كانت مقابل شرط مغربي وحيد، ألا وهو أن يلعب ميسي أكثر من 50 دقيقة ولا يترك الميدان قبلها

هذا اللاعب لا يتحرك إلا ببرنامج، ولا يلعب إلا ببرنامج، ولا يلاقي خصمه إلا بخطة محكمة، ولا يلاعب منتخبا لدولة أخرى وديا إلا بشروط صارمة يوقعها بنفسه، وآخر هذه الشروط ما أصدرته الجامعة الأرجنتينية قبل موعد المباراة الودية التي ستجمعه بالمنتخب المغربي في السادس والعشرين من هذا الشهر من رزمة شروط قاسية على المنتخب المغربي ألزمته بالخضوع إليها إن هو أراد أن يقابل ميسي على أرضية الميدان، وإلا فميسي لن يلعب في المغرب، ولن يكلف نفسه عناء الانتقال لطنجة ولو كانت هذه الأخيرة ستتزين عن بكرة أبيها لتستقبل النجم العالمي المشهور.

 

هذه الشروط أقل ما يقال عنها أنها مذلة، تجرح مشاعر عشاق كرة القدم بالمغرب وتجعل كرامتهم تحت الحضيض، فما معنى أن يطلب ميسي ألا يقترب منه لاعب أو مشجع أو متفرج، بل ويمنع على لاعبي المنتخب المغربي أن يطلبوا تبادل القميص مع ميسي بعد نهاية المباراة كما يفعل اللاعبون عادة إظهارا للروح الرياضية، والأغرب من هذا أنه اشترط ألا يتدخل ضده المدافعون المغاربة بخشونة، ويتركوه يسرح ويمرح في الملعب كيفما يشاء حتى يتفنن في تسجيل الأهداف، أما السيلفي فحرام مطلق رفقة ميسي، من أي جهة كانت، وعواقب وخيمة تنتظر المخالفين.

 

كل هذه الشروط المفروضة من ميسي لسواد عيونه كانت مقابل شرط مغربي وحيد، ألا وهو أن يلعب ميسي أكثر من 50 دقيقة ولا يترك الميدان قبلها، فكان الفرق بين شروط ميسي وتنازلات الجامعة المغربية لكرة القدم كالفرق بين السماء والأرض. هذا البرغوث الذي لم يكن ليرتفع من على مستوى الأرض لولا هرمونات النمو يملي على دولة ذات سيادة شروطا مجحفة كي يلاعب على أرضها جلدة منفوخة بالهواء، لكن الخطأ لا يتحمله ميسي بل يتحمله المسؤولون الذين رضوا بالذل والهوان وركضوا وراء لاعب لكرة القدم يقبلون يده وحتى رجله في الخفاء فمن يدري، لا لشيء إلا ليقبل ويتنازل ويتواضع فيلعب ضد منتخب مغربي كان الأولى أن يحظى ولو بجزء يسير من هذا التقدير المبالغ فيه إلى أبعد الحدود.

 

دعنا من كل هذا، وللنظر إلى المقابل المادي الذي سيدفع مقابل هذا الذل، فالذل اليوم كما تعلمون أصبح يشترى بالأموال الطائلة، وتقدم في سبيله كل التضحيات الجسام، 1.6 مليون دولار، بالتمام والكمال، هو المبلغ الذي سيتقاضاه المنتخب الأرجنتيني لقاء لعبه مع المغرب، يبلغ راتب ميسي منه أكثر من نصفه، يعني أن المغرب سيدفع 600 ألف دولار في حال تغيب ميسي عن الحضور، ويا ليته يغيب حتى لا تضيع المزيد من الملايين في سلة المهملات.

 

ما شأننا بميسي، وبالمنتخب الأرجنتيني غير الدعاية الخاوية البعيدة كل البعد عن أهداف الرياضة النبيلة، فلنلاعب فريقا آخر، ولندخر كل هذه الملايين في مشاريع أكثر سبقا وأهمية، هذا إن كنا فعلا نفكر بالطريقة التي تخدم مصالح شعوبنا وتتحمل همومهم، لا بالكيفية التي نتاجر بجيوبهم في مثل هذه القرارات الطائشة، لا نريد رؤية ميسي في المغرب، نراه تقريبا كل يوم على الشاشات، فليذهب ويلاعب منتخبا غير المغرب كفرنسا والبرازيل، على الأقل ستجد قائمة شروطه خاوية على عروشها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.