شعار قسم مدونات

أزمة الأساتذة المتعاقدين في المغرب ما بين الإصرار والصمود

BLOGS الأساتذة

إنما يشهده المغرب في الآونة الأخيرة من اضطرابات سياسية اقتصادية واجتماعية وفي مجالات أخرى، بحيث تفاقم الأمر إلى أن وصل ذلك إلى أكثر قطاعين حساسين في المغرب وهما التعليم والصحة مع العلم أن هاذين القطاعين لم يكونا في حالة جيدة من قبل، لكن ما يحصل الآن يمكن أن نعتبره بالقطرة التي أفاضت الكأس أو القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث عرف المغرب تظاهرات عدة في جل المدن المغربية احتجاجا على نظام ما يسمى التوظيف بالتعاقد أو التوظيف في الأكاديميات وفصلهم أي الأساتذة عن الوزارة، وجاء الرفض من قبل الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بحيث يصل عددهم إلى 55000 أستاذ متعاقد مصممون على تحقيق مطالبهم تحت شعار "الادماج أو البلوكاج" ومطالبين بحقهم في التوظيف كباقي الأساتذة الذين سبقوهم في نفس المهنة.

 

إلا أن الحكومة مستمرة في تعنتها ورفضها وتصميمها على تطبيق القرار باعتباره قرارا استراتيجيا يهدف بالأساس النهوض بمنظومة التربية والتعليم في المغرب، كما رفضت الحكومة أيضا النزول إلى طاولة الحوار مع الأساتذة إضافة إلى تشبتها بالقرار الذي رفضه الأساتذة جملة وتفصيلا، وقد شهدت التظاهرة الأخيرة في مدينة الرباط مساء يوم السبت وصباح يوم الأحد أمام البرلمان تدخلا عنيفا من قبل القوات العمومية وسلك الشرطة بخراطيم المياه والكلاب المدربة وانتهت التظاهرة بإصابة بعض الأساتذة على مستويات مختلفة، وهنا نطرح بعض التساؤلات: ما هو نظام التعاقد؟ وهل يعتبر خروج الاساتذة للمطالبة بمطالبهم خروجا عادل ومشروعا أم أن له أهداف سياسية كما عبرت الحكومة؟ ومن هو المتضرر من هذا كله؟

الأوضاع في المغرب لا تترك لنا مجال الاختيار للولوج إلى وظيفة ما بل نسعى في الأول إلى الحصول على هذه الوظيفة بشكل أو بأخر

إن المتتبع للشأن المغربي يرى أن الاوضاع لا تبشر بخير فالأساتذة متظاهرون والممرضون مستنكرون والمعطلون مستاؤون والبطاليون رافضون لوضعهم والشعب هو الأخر مستاء من الوضع الاقتصادي والمعيشي، وذلك بانخفاض الاجور وغلاء المعيشة والرفع في نسب الضرائب وغير ذلك كثير، وهذا ما جعل فئة من الشعب تخرج وتطالب بحقها المشروع الذي ينص عليه الدستور والقانون وهم الأساتذة الذين فرض عليم التعاقد: فما هو التعاقد؟

بداية سأتحدث ولو بشكل موجز عن التعاقد في المغرب أو نظام التعاقد، أولا يحدد النظام الاساسي لأطر الأكاديمية الجهوية للتربوية والتكوين شروط التوظيف ونظام الترقي ومنظومة الأجور وحقوق وواجبات أطر هذه المؤسسة، كما يتضمن هذا النظام شروط انتهاء الخدمة ويتم توظيف الأطر المتعاقدة في مناصب محددة حسب الميزانية المتوفر لدى الأكاديمية، كما تنص إحدى مواد النظام الأساسي للأطر المتعاقدة أنه يمكن للأكاديمية أن تشغل بموجب عقود لمدة قابلة للتجديد بصفة تلقائية ويخضع هؤلاء الاساتذة لتكوين تأهيلي في المراكز الجهوية لمدة سنتين تمتد السنة الأولى لمدة لا تقل عن سبعة أشهر يتقاضى فيها الاستاذ مبلغ مقداره 1400 درهم.

 

هذه نظرة موجزة وإلا فإن البنود والمواد طويلة، لكن سؤال قد نجده يطرح نفسه أو بالأحرى تطرحه الحكومة وهو لماذا قام الأساتذة بالتوقيع على هذه الوثيقة بالرغم من توفرها على هذه البنود ثم رفضوها بعد أن وافقوا عليها، أولا قبل أن أجيب عن هذا السؤال يجب القول على أن الأساتذة وقعوا في خطأ أثناء توقيعهم على هذه الوثيقة التي تنص على هذه البنود أو المواد، لكن الأوضاع في المغرب لا تترك لنا مجال الاختيار للولوج إلى وظيفة ما بل نسعى في الأول إلى الحصول على هذه الوظيفة بشكل أو بأخر، ولكن الأساتذة لما علموا خطورة هذا القرار الذي يستهدف الطبقة الفقيرة والمتوسطة ويضرب مجانية التعليم ويهضم حقوق الأستاذ والمعلم رفعوا شعار الادماج أو البلوكاج وطالبوا الحكومة بعدم المساس بمجانية التعليم، وما رأيناه يوم السبت والأحد لهو خير دليلا على رفض هذا القرار.

وفي الختام لا نعلم سبب تعنت الحكومة في الاستجابة لمطالب المتظاهرين بل وترفع التحدي وتضم في قراراتها الممرضين والأطباء والمهندسين كما يقول البعض، أنا كرأي شخصي لا أرى أن هذه القرارات صائبة في ظل هذه الأزمة الموجودة حاليا بل تساهم في تعقيد الأوضاع وتزيد الطين بلة، كما لا نعلم إن كانت الحكومة هي التي تتخذ مثل هذه القرارات أم أنها إملاءات خارجية أي صندوق النقد الدولي، وأظن أن هذه القرارات ستؤدي في الأخير إلى فاجعة كبرى فما نراه الآن في بعض الدول المجاورة لا يبشر بخير فلا نريد أن يكون هناك ربيع عربي ثاني يبدأ من السودان ويشوق طريقه الى الجزائر ليضع أوزاره في المغرب نتمنى أن تستجيب الحكومة لمطالب المتظاهرين، وهنا أشير إلى أن المتضرر الكبير من هذه الزوبعة هو التلميذ الذي يذهب إلى المدرسة ولا يجد من يدرسه ثم يعود إلى بيته خالي الوفاض. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.