شعار قسم مدونات

مسلسل بنات الملاكمة.. هل عكست الدراما واقع المرأة السعودية؟

blogs بنات الملاكمة 22

أنا مجرد فتاة، أحلم أحياناً أن أكون أنا، أن يكون لي اسمٌ وصوتٌ وحلمٌ أتبعه. امتزج الحلم بالحقيقة عندما تعالت أصوات النساء السعوديات، ليتناقض مع الواقع الإجتماعي في رحلة كفاح رسمت بأيادٍ فتية، لتعلن مرحلة جديدة من التطبيق العملي أي التغيير الجزئي للقيم وتمثل ذلك بالدراما الخليجية وتحديدا الدراما السعودية.

فتحت الدراما السعودية – الخليجية الباب أمام الشابات السعوديات الطموحات إلى تحقيق أحلامهن من خلال تغيير نظرة المجتمع تجاه ممارسة المرأة للرياضة وخاصة رياضة الملاكمة، بعد أن وأدت هذه الأحلام لسنواتٍ عجاف. من بوادر هذا التغيير لجوء الدراما الخليجية-السعودية إلى الجرأة في طبيعة تناولها للقضايا الإجتماعية الحساسة وتمثلت بداية التغيير مع تولي بن سلمان الحكم أحد الدعاة إلى ما يسمى "الإسلام المعتدل" ظهر ذلك في خطاباته خاصة الخطابات المتعلقة بالمرأة السعودية، حيث قام ببث الهواء في تلك المساحة المخنوقة من خلال احداث تغيير تدريجي في المنظومة الإجتماعية لتناسب مقاسه، ومنها: السماح للمرأة بقيادة المركبة بعد أن كانت حكراً على الرجال، وحضور المباريات الرياضية، والحفلات الغنائية بشروط سعودية طريفة فهو لن يعيش في جلباب مجتمع متحفظ إلا بتغيير نظرته للأمور وخاصة تجاه المرأة.

فكرة المسلسل
عرفت الكاتبة الذكورية بأنها الداء المنتشر في المجتمعات القمعية المتهالكة، أما المرأة فمهما فعلت ستبقى تابعة، تعيش تحت إمبراطورية الرجل المرتكب المئات من الأخطاء لا حسيب ولا رقيب

خرجت الشابة الإماراتية أفنان القاسمي إلى شاشة الـmbc في لقاء حصري، لتطلع محبين الدراما الخليجية على أبرز ما كانت تتمنى تحقيقه خلال فترة تدريبها مع فريق القناة، حيث أثمر الإنجاز عن مسلسل بنات الملاكمة، الذي كانت بوادره بعمل لقاءات وأبحاث عن شخصيات عربية وعالمية لمعرفة مدى حبهم وشغفهم برياضة الملاكمة، وذلك لأغراض علمية، حتى تمكنت من دراسة نفسياتهم ومزاجهم من خلال تلك الرياضة وتأثيرها عليهم. عرضت حلقات المسلسل على شاشة الـmbc4 بتاريخ 17 فبراير وتضمن 17 حلقة أخرجه سمير عارف وإنتجته الـ"O3″ المنضوية تحت لواء "MBC Studios"، وبالتعاون مع "Twofour 54". ركز المسلسل على عدة قضايا إجتماعية نجملها كالآتي:

رياضة الملاكمة

يركز هذا المحور على شخصية فتاة سعودية اسمها نجود سلطان وتقوم بهذا الدور ميلا الزهراني، الهاوية لرياضة الملاكمة مذ كانت صغيرة إلى أن كبرت وحققت حلمها فسافرت إلى أمريكا لخوض تحدي الملاكمة، لكن الحظ لا يحالفها فيحتضر حلم نجود وتعود أدراجها إلى السعودية. وتلقب بمجنونة أمريكا بسبب هجومها على غريمتها ساندي بالضرب لينتشر المقطع على صفحات التواصل الإجتماعي، وتصبح نجود المرأة -السعودية حديث الناس والقنوات الفضائية. وكما يقول المثل إن الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك وهذا ما فعلته نجود التي تحدت بإرادتها المجتمع من خلال إنشاء صالة رياضية لإحتواء الفتيات الراغبات بممارسة الملاكمة وتسميه الملاذ. بعد أن خاضت معركة لتغيير القناعات والأفكار مع المحيطين ولولا إرادتها ما تحقق حلمها لأن القتال الحقيقي ليس داخل الحلبة إنما خارجها.

الذكورية

عرفت الكاتبة الذكورية بأنها الداء المنتشر في المجتمعات القمعية المتهالكة، أما المرأة فمهما فعلت ستبقى تابعة، تعيش تحت إمبراطورية الرجل المرتكب المئات من الأخطاء لا حسيب ولا رقيب بينما إن ارتكبت الفتاة غلطة واحدة تصبح كالعضو المسموم الذي يجب بتره فوراً. تلقي الضوء على قضية محورية وهي هيمنة الذكورية في المجتمع السعودي، فالرجل كما عرفته الآمر الناهي وهو من يمتلك الحق في السيطرة على قرارات المرأة واتخاذها نيابة عنها، تتمثل قصة ليان في حلم واحد وهو دراسة الطب خارج السعودية لكن والدها يحول بين تحقيق حلمها وعلى أثر ذلك تكره والدها المتسلط، مما حذا بها الأمر إلى تسليط الضوء على هيمنة الذكور من خلال المقالات وتحت اسم مستعار لإخفاء هويتها الأصليه.

مقاييس الجمال /والعنصرية

لما كنت صغيرة حلمت بإني ألاقي عروس بتشبهني. هكذا وصفت أروى الجمال فهي فتاة تبحث عن مساعدة لتحقيق حلمها وتغيير نظرة المجتمع تجاه المرأة، فمقاييس الجمال لا تتوقف على مستحضرات التجميل بل أن الطبيعة الخَلقية هي أجمل بكثير من ذلك. وهي أيضا تعاني من النظرة الدونية بسبب بشرتها الداكنة وتسعى إلى الانتقال من مرحلة الدونية إلى الرضا والقناعة. والعمل على إنشاء تطبيق يحمل فكرتها وتواجه عدة عراقيل منها الحصول على الممول.

undefined

التنمر المدرسي

التنمر المدرسي هو شكل من أشكال التعويض عن نقص الذات. وهذا ما شعرت به شمس أثناء تعرضها للتنمر من قبل زميلاتها في المدرسة، حيث تعاني من مرض الديسلكسيا "صعوبة التعلم والقراءة والاستيعاب". لكنها تعوض هذا النقص برياضة الملاكمة.

المرأة المتناقضة

جوهرة تمثل المراة التقليدية المتناقضة من خلال وجهين الوجه الأول إحترامها لكينونة المرأة ودورها الأمومي، والثاني شغف المرأة بتحقيق أحلامها. وتحاول المقارنة بينهما إلا أنها في نهاية المطاف تشير إلى أهمية تحقيق الحلم وعكست ذلك بإنضمامها إلى فريق الملاكمات.

مناقب ومآخذ على المسلسل

تتبدل حالات كل من شخصيات الفيلم فكل شخصية وصلت إلى قناعة مفادها "سننتظر تحقيق حلمنا في الوقت المناسب". وهذه قناعة إيجابية على الرغم من غلبة الأنانية على الشخصيات من بداية حلقات المسلسل. التركيز على رياضة الملاكمه كأحد الرياضات النفسية، فكل شخصية تعبر عن رفضها للواقع وتفرغ ذلك في الرياضة، وهنا حاولت الكاتية تنبيهنا إلى الجانب المشرق من رياضة الملاكمة معللةً ذلك بأنها ليست رياضة عنف كما يعتقد البعض إلا أن بعض التأثيرات السلبية ظهرت على بنات الملاكمة، وخاصة في سلوك بنات المدرسة.دفاع المرأة عن نفسها من خلال الرياضة في حالة تعرضها للتحرش وظهر ذلك في حلقات المسلسل.

طبيعة الأغاني والألفاظ الأجنبية، إضافة إلى الأغاني الخليجية وكأن هذا التمازج خلق نوعاَ من الهدوء للشخصيات. التناقض في شخصيتان ليان وشمس ولخصتها في مقولة المرأة عدو المرأة لذلك رسالتها لكل امرأة واضحة لا تنتقصي من قدر امراة وكوني سنداً لها لا عليها. كما أن الكاتبة أدخلتنا في حالة من الغرابة والإستهجان من بينها مدرب وصديق نجود آدم، وهذا ما لم نشاهده في الدراما السعودية.

تغيير القناعات الداخلية خاصة لشخصية ليان وتفضيلها دراسة الإعلام بدلاً من الطب بعد أن قيدت مصيرها بمصير شقيقها فيصل الحالم بالذهاب إلى العسكرية تحقيقاً لرغبة والده من خلال تركيزها على نبذ الحروب. كما أنها وضعت الشخصيات في قالب يختلف عن قالب المجتمع من خلال تقمص الأدوار واظهار المرأة بأنها القوية المعتمدة على ذاتها الطامحة وراء تحقيق أحلامها. وأخيراً توصلت الكاتبة إلى أن مصير المرأة السعودية إما تحقيق حلمها أو الزواج وعلى الأرجح يكون الزواج من نصيبهن، وهذه هي الصرخة المخنوقه التي أطلقتها نجود في رحلتها مع رياضة الملاكمة فهل ستخترق هذه الصرخة قلوب السعوديات الحالمات بمستقبل رياضي مشرق ربما؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.