شعار قسم مدونات

إلى ماذا تحتاج طموحاتك لكي لا تبوء بالفشل؟

blogs تأمل

لكل إنسان في هذه الحياة طموحات تختلف من شخص لآخر، فكل فرد إلا وله رغبة في أن يكون أفضل حالا مما هو فيه؛ بتطلعه إلى تحسين حياته في مختلف نواحيها والتفوق والتميز فيها، والطموحات لا تتحقق بسهولة لأنها تحتاج لمقوماتها الداعمة، فقد تتعثر بخطوة غير مدروسة وبقرار ارتجالي واحد، ويتطلب رفع احتمالية  نيلها بنجاح معرفة كيفية التعامل معها بالرغم من وجود المعيقات والصعوبات التي تحول بيننا وبين إنجاحها، وما دمت على هذه البسيطة حيا إلا ولزم عليك كإنسان طموح أن تشق عبابها وتمخر بين أمواجها العاتية دون هوادة أو وجل، وتخوض كل ما فيها من معارك طاحنة دون أن يعتريك خوف أو فزع يوقف سير طموحاتك التي تسعى للوصول إليها وتحقيقها في واقعك، ويبقى السؤال الأهم الذي يتطلب إجابة شافية وافية: ما هو أهم ما تحتاج له طموحاتك لكي لا تبوء بالفشل؟

 

إن الطموحات الأكثر نجاحا هي التي تكون أفعالا مجسدة، وليس التي تبقى مجرد تمنيات تراود النفس ولا ترقى إلى الواقع والعمل الملموس، مما يعني وجود مرتكزات ودعامات تحتاج لها طموحاتك لتنجح، وسأعرض الآن أهم ما يمكنك أن تحتاج له لتنقذها من الفشل وتقربها للنجاح:

 

1- امتلاك روح التحدي المستمر
قد تتوفر قوة الإصرار والعزيمة فيك لكنها معطلة، وإن قمت باستخدامها لا يظهر مفعولها عمليا ولا يلاحظ أثرها واقعيا؛ إما لضعف مخزونها أو لقلة فعاليتها، لهذا فهي تحتاج للتنمية على الدوام

تعيش طموحاتنا في مناخ حياتي متقلب في أحواله ويعرف مستجدات متواصلة، وقائم في أساسه على تغيرات فجائية لا يمكن التعايش معها بسلام والتأقلم معها في ظل عدم إثارة روح التحدي المستمر في النفس، والتي بفضلها يمكنك أن تكسب إرادة قوية تجعلك مصمما على ما تطمح له بثبات، ويصير بذلك عقلك حاملا لتفكير إيجابي مع كل ما يحدث لطموحاتك ذهنيا وعمليا، فتتمكن من تقديم الخطط المناسبة والبدائل الاستراتيجية الفعالة للتعامل الجيد والمحكم معها، ومواجهة كل العقبات في سبيل المضي بخطى ثابتة نحو طموحاتك المنشودة من دون ترك أي مجال لها لتفقد من خلاله لبوصلتها.

 

ويتبين لنا مما سبق ذكره أن الذي يمتلك روح التحدي المستمر يستطيع أن يواجه المشكلات المعقدة والأزمات الصعبة التي تعترض سبيله وهو منشغل مع طموحاته، فتحديك المستميت يمنحك الحماسة التي تدفعك للمواجهة برغبة قوية وبنفس كفاحي طويل، في المقابل نجد الفاقد لروح التحدي سريع الانهزام والاستسلام أمام ما يواجهه في طريقه لبلوغ طموحاته؛ لهذا فهو غير قادر على مواصلة مشواره إلى قمم ومراتع النجاح، وتبقى طموحاته مجرد أحلام لا يمكنها أن تتجسد في أرض الواقع.

 

2- عدم الانجراف وراء المثبطات

إن عدم الأخذ بالأسباب والركون لمثبطات الهمم لمن أكبر ما يضعف حماس المرء ويمنعه من تحقيق مراده الذي يتطلع له، فالطموح يكون عرضة لجملة من الأعطاب حين يخفت العزم في النفس وتنعدم الإرادة والمبادرة، لاسيما وأن العقل والفكر يصبحان بالمثبطات خاملين، ولا شيء يورث الأفكار المثبطة أكثر من فقدان الثقة في النفس وغياب التوكل على الباري، واعتناق التفكير البشري لمثل تلك الأفكار والانسياق وراءها لمن أشد ما يفشل الطموحات ويغلق أفقها المفتوح. ويبقى نجاحك في تحقيق طموحاتك رهينا بعدم الانجراف وراء المثبطات التي تطوّقك سواء المادية منها أو المعنوية، لهذا ينبغي عدم الإصغاء لمحطمي ومكسري المجاديف بل المطلوب هو الاستفادة من تجارب الآخرين وأخطائهم.

 

3- تنمية قوة الإصرار والعزيمة

قد تتوفر قوة الإصرار والعزيمة فيك لكنها معطلة، وإن قمت باستخدامها لا يظهر مفعولها عمليا ولا يلاحظ أثرها واقعيا؛ إما لضعف مخزونها أو لقلة فعاليتها، لهذا فهي تحتاج للتنمية على الدوام، والأمر لا يتطلب كثيرا سوى إيقاظ ضميرك الإنساني والعمل الجاد بالتنويع في الطرق المسموح بها أخلاقيا والتي تؤدي إلى الوصول لطموحاتك، وإذا كان لديك إصرارا كافيا وعزيمة قوية لتحقيقها ستتوفر لديك ضمنيا ولو بشكل غير مباشر الوسائل المشروعة لنيلها بنجاح.

 

وتجدر الإشارة إلى أن تنمية قوة الإصرار والعزيمة لا تحتاج إلى مال ولا إلى إمكانات مادية ولا لفكر معقد، وإنما الحاجة تكمن في الرغبة الجامحة التي ترفع من قدرتك على الفعل، بعيدا عن الميل إلى الانفعال العاطفي الذي يعرقل تخطيك المنهجي الضروري لحدوث تقدم ملموس وحقيقي والفلاح في بلوغ طموحاتك.

 

4- رفع سقف التوقعات عاليا

لا أحد يمكنه أن ينكر الدور الواضح لرفع سقف التوقعات المنتظرة من طموحاتنا عاليا، لأنه أمر ضروري للتحفيز الذاتي لكي يكثر العمل المنجز ولتقديم جهد مضاعف، مع عدم إغفال نقطة بالغة الأهمية ألا وهي أن تلك التوقعات تبقى مجرد احتمالات منتظرة قد تترجم في الواقع كما رسمتها في ذهنك، ولربما لن يحدث شيء منها، لهذا لا يحق لك أن تبني عليها الآمال لكي لا تنصدم إن لم تحصل في حياتك، لكنها تفيد كثيرا هذه العملية الذهنية في تحسين المخرجات العملية في الممارسة التطبيقية، فكلما كان سقف توقعاتنا مرتفعا إلا وقوبل باستحسان واسع في ذواتنا، لكنه أيضا يثير بعض التخوفات حين يكون هامش الفعل ضئيلا مقارنة بما هو فكري تنظيري، ويجعلك عرضة لسيول جارفة من السخرية بل وقد يصل الأمر إلى الهجوم على شخصك الطموح ومحاولة الانتقاص مما تقوم به من جهود جبارة.

 

لا تدع سقف توقعاتك المرتفع ينخفض لا لشيء إلا لأنك تتعرض لضغوط خارجية قوية، لأن ذلك سيزيد من الأثر السلبي عليك وعلى طموحاتك، وستصبح دون المستوى الذي كنت تنتظره لكونها لم تعد تلبي أبدا الحد الأدنى من مطالبك الطموحة التي تكدح من أجلها.

 

5- وضع أسوأ السيناريوهات بالحسبان

مما لا شك فيه أن الذي يأخذ بالحسبان عنصر المفاجأة في حياته لا يمكن أن يصدمه شيء، فما أدراك بمن يضع في ذهنه أسوأ السيناريوهات لما يطمح له، مما يعني أن إمكانية حدوث أي تدهور في وضع طموحاتك القائمة إلى الأسوأ واردة، وهذا الأمر يعد من الاستراتيجيات الضرورية ومن الإجراءات المتبعة لإدارة الطموحات برسم سيناريوهات لها ولما يمكن أن يحدث لها، فالعمل على تحقيق طموحاتك بدون أي تخطيط محكم سيجعلك تصادف أمورا صادمة غير متوقعة وتجد نفسك في وضع حرج جدا.

 undefined

إن هذه السيناريوهات توضع سلفا، ولا معنى لإفرازها بعد حصول الأمور المفاجئة وغير المحسوبة، لهذا فهي هي تتطلب الاستناد بالأساس إلى فرضيات تأخذ بعين الاعتبار نوعية الطموحات وطبيعتها وتعكس ما تقتضيه، لكي تكون قادرة على الصمود في وجه المخاطر وأسوء الأحوال التي قد تمر بها.

 

6- الابتعاد الجذري عن التقليد

الطموحات لكي تصير ناجحة لا تحتاج للطامحين الساقطين في مصيدة التقليد الذي يبعد المرء عن تحقيق رؤى وتطلعات خاصة لا تشابه غيرها، لهذا فسيطرة التقليد في أغلب الطموحات السائدة يدعو للقلق، وإن اختلفت درجة التقليد إلا أنها على حدٍ سواء تروم إلى استنساخ كامل لتجارب الآخرين في إنجاح طموحاتهم رغم عدم تشابه الخصوصيات والظروف، فتكرار نفس نجاح الغير لا يقتضي منك إعادة ما قام به حرفيا، فقد تفعل ذلك دونما فائدة ترجى أو حاجة تُلبّى بقدر ما سيجعل طموحاتك أقرب للفشل مما يقابله، ولعل الحسد والتنافس من أكثر ما يجعل المرء يقلد ما يفعله الآخرون من أعمال ناجحة، ظنا منه أنه بذلك ستصبح طموحاته ناجحة، لكن للأسف الشديد هذا الفعل بالأساس مما يقتل الطموحات من حيث لا يقصد أو لربما قد لا يدري الفرد سوء صنيعه. وتبقى الطموحات الحرة والبعيدة كل البعد عن التقليد من بين أهم ما ينم عن شخصية صاحبها المستقلة، لذا ينبغي عليك أن تبتعد جذريا عن التقليد المقيت من جهة، والحرص على العمل الخاص بك والذي يعبر عنك كشخص قادر على بناء وإنجاح طموحاته المتميزة والفريدة.

 

7- السعي الدؤوب للإبداع والتميز

من أهم روافد التميز السعي الدائم للإبداع، فكل الطموحات الحاملة للإبداع متميزة، فلا تميز حقيقي بدون إبداع، ومن غير الممكن أن يستمر الإبداع بدون وجود الطموح الذي يحتويه كقيمة إضافية جديدة وكبصمة ذاتية فارقة، والتميز الإبداعي بالذات لا يتحقق إلا بالإتقان الذي يعد من المقاييس الرفيعة المستوى التي تحملها الطموحات الناجحة.

 

ولا ريب في أن السعي الدؤوب خلف تحقيق التطلعات وتلبية الطموحات يكون مثمرا حين يحضنه الإبداع الذي يشكل علامة فارقة في مجال المنجز البشري، خصوصا الطموحات التي لا يقبل فيها الرهان إلا على الهدف الأسمى والأعلى؛ كأن تصبح رمزا بارزا للتميز الذي يشعل فتيل الرغبة في التفوق وبلوغ المرامي السامية، لهذا فالطموحات التي لا تكون داعمة للإبداع ولا تبرز سمات التميز مآلها إلى الفشل أقرب من النجاح.

 

ومن الجميل جدا أن نشير في النهاية إلى أمور قد لا يدركها الجميع، والتي تتمثل في كون الإنسان الذي يضع لنفسه طموحات سامية باستمرار ويسعى لتحقيقها بالكفاح والمثابرة يحيا حياة عظيمة، بعيدا عن السعي وراء نجاح أو ربح زائل سواء كانت شهرة أو مالا أو نيلا لمنصب أو حصولا على تكريم، والطامح الناجح هو الذي يقدم أفضل ما يمكن أن ينتجه كما ونوعا. فإذا كانت الطموحات هي الدافع الأعظم لتحقيق الإنجازات وتخليدها، فإن السعي العملي الجدي هو الذي يجعلها منجزات ناجحة يُشار لها بالبنان وتخلد صاحبها في سجلات المتميزين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.