شعار قسم مدونات

لا مجال للحرب في الخليج!

blogs حاملة طائرات

واشنطن لا تسعى لحرب في المنطقة لأن سوق النفط أهم من الحرب، وإذا كان لابد من الحرب والضغط فان جناح الإصلاحيين الإيراني سيجلس مع واشنطن في النهاية، وأن الإصلاحيين في طهران أقل حدة من المحافظين في المواجهة العسكرية وهم إلى الجلوس مع ترامب أقرب. إن فريق الرئيس روحاني والوزير ظريف، من المحسوبين على التيار الإصلاحي والقريبين إلى الانفتاح الخارجي، أما فريق المحافظين الذي يعد مسيطر على البرلمان الإيراني وكافة المؤسسات الدينية والعسكرية التي لديها قرار تكون بتجاة التهديد والوعيد وإحراق المنطقة وجيرانها فهي قريبة للمواجة عنها للتفاوض. لذلك سنوجز بعض المفاصل الاستراتيجية في الملف الإيراني.

الحرب على طهران تختلف

الاختلاف مع الفارق الزمني والمكاني بين أحداث الحرب على العراق والأحداث الآن على طهران فالزمن مختلف والمكان والأحداث كلها مختلفة عن حصار بغداد ومن ثم سقوطها بيد الأمريكان سنة 2003، من يفكر ان بعد المواجهة الأمريكية الأيرانية يوجد اجتياح لإيران فإنه واهم لعدة اسباب منها:
1- مساحة إيران مقارنة مع مساحة العراق.
2- الطبيعة الإيدلوجية والعقيدية لدى المؤسسات العسكرية واللوجستية الداعمة للحرب والطبيعة الأيدلوجية للشعب الإيراني تختلف عن الأيدلوجية الحزبية للعراق سابقا بعد أن أنهك بـ 12 سنة من الجوع والحصار.
3- التقدم الحاصل لإيران بمقارنه لتراجع بغداد في حينها وامتلاك مفاعلات نووية وكذلك تخصيب اليورانيوم والماء الثقيل.
5- الترسانة العسكرية البحرية لإيران لا يستهان بها على عكس العراق الذي لا يملكها في حينها لمواجة الأسطول الأمريكي.
6- التكوين الاجتماعي للشخصية الأعجمية تختلف كثيرا عن الشخصية العربية في ظواهر العناد والإرادة والطوح.

من يخرج طهران من مازقها
تركيا معتمدة على النفط والغاز الإيراني لذلك تجد تركيا تدافع عن سياسة طهران ولديها مواقف عده منها مالية كإنشاء بنك مشترك يتعامل بكل العملات عدا الدولار، وسياسية على لسان خارجيتها

تحتاج طهران الآن إلى خطاب بصوت عالي مع نبره التهديد لترتقي مع التحركات الأمريكية في الخليج والمنطقة لذلك التوازن مطلوب في مجالات مختلفة من هذه المجالات هو السياسة الناعمة لإيران والمتمثله الأمم المتحدة. إيران تحتاج مع الصوت والنبره العالية إلى رجل عراب تفاوض وذو صوت دبلوماسي خافت طهران مرتاحة لامتلاكها رجل مثل محمد جواد ظريف الذي يحمل شهادة دكتوراه في القانون الدولي من جامعة دينفر بكولورادو في الولايات المتحدة ويلم بالثقافة الأميركية والمفاوضات مع الأمريكان والأوروبين حيث شارك منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي في كل جولات المفاوضات الدولية التي خاضتها إيران، وأكسبته خبرته الدبلوماسية الطويلة قدرة استثنائية جعلته يعتاد المفاوضات متعددة الأطراف.

في 1980 وإثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة بعد احتجاز رهائن في السفارة الأميركية في طهران، كلف بإغلاق القنصلية الإيرانية في سان فرانسيسكو. فقد كان مع الرئيس الحالي حسن روحاني يشكل الفريق المكلف في 1988 التفاوض للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع العراق. وشارك ظريف أيضا في المفاوضات للإفراج عن الرهائن في لبنان في تسعينيات. ونجح في إقناع طهران بمساعدة الولايات المتحدة ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. وأصبح سفيرا في الامم المتحدة الفترة من 1989 وحتى 1992 ثم في الفترة من 2002 وحتى 2007. وفي الأثناء عين نائبا لوزير الخارجية.

وفي عام 2003 كان ظريف مع روحاني عندما كان يتولى منصب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين. وأخيرا يعد بطل الاتفاق النووي الإيراني سنة 2015 بعد أن تفاوض مع الغرب وأمريكا في معاهدة لوزان في استمرار برنامج إيران النووي للطاقة والإنتاج اليورانيوم في محطة بوشهر النووية، حيث سمحت لإيران إكمال أعمالها في المحطة مع مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفع العقوبات على إيران والمعروف عن هذا الاتفاق خطوة جيدة وناجحة لطهران ولمحمد جواد ظريف المفاوض البارع ذو الابتسامة الدبلوماسية.

من أعطى الخبرة النووية هم الامريكان للشاه

تم إطلاق برنامج إيران النووي في فترة خمسينيات القرن العشرين بمساعدة من الولايات المتحدة جزءا من برنامج "الذرة من أجل السلام" حيث شاركت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية الغربية في البرنامج النووي الإيراني إلى أن قامت الثورة عام 1979 وأطاحت بشاه إيران. يعتبر مفاعل بوشهر أول محطة للطاقة النووية في إيران، وقد اكتمل بمساعدة كبيرة قدمتها الوكالة الروسية النووية الحكومية. وقد افتتح رسمياً في 2011، وبعدها أعلنت إيران أنها تعمل على إنشاء مصنع جديد للطاقة النووية في دارخوين قدرته 360 ميجاوات.

في سنه 2011، انتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيادة في إيران حيث قدم تقرير الوكالة خلصت إلى أن إيران على الأرجح قد أجرت البحوث والتجارب الرامية إلى تطوير قدرات الأسلحة النووية قبل عام 2003، وهذه الحجج هي نفسها التي فرضت الحصار على بغداد، يُوضح تقرير الوكالة تفاصيل المزاعم بأن إيران أُجريت دراسات تتعلق بتصميم الأسلحة النووية، بما في ذلك وضع المفجر النووي والمواد شديدة الانفجار، لكن إيران رفضت تفاصيل التقرير واتهمت الوكالة الموالية للغرب بالتحيز وهددت بخفض تعاونها مع الوكالة الدولية، وهذا المزاعم كانت معروفة بكونها قد انطليت على الرأي العام أثناء حقة التسعينات في بغداد وكانت سببا لدخول العراق بحجة امتلاك أسلحة دمار شامل لذلك أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقارير الوكالة يكون متذبب حسب رأي الدول العظمى ورأي أمريكا وإسرائيل دائما، أما اليوم فتقارير الوكالة لصالح إيران لكن الدول الغربية عاجزة عن إيقاف جموح أمريكا نحو الخليج وزعزعه استقرار إيران.

الحصار ضعيف على إيران

اليوم أصبحنا أمام حصار على إيران لكن طبيعة الحصار المفروض ضعيف لعدة أسباب:
1- الحصار أحادي ومطبق من قبل أمريكا فقط، أما روسيا والصين فلم تلزم حرفيا فيه، وكذلك دول إسلامية رافضة ذلك مثل تركيا وقطر، ناهيك عن فنزويلا والهند.
2- العراق جار إيران الاقتصادي والبعد التجاري والمذهبي ولا يمكن عزل العراق عن إيران بعد 2003 اجتماعيا وسياسيا وتجاريا، علما أن العراق معتمد على طهران في ملف الكهرباء والطاقة ووقود المحطات الكهربائية والبنزين والكاز وغاز الطبخ وكثير من المنتجات والخدمات النفطية.
3- أفغانستان تستورد من إيران الكثير من النفط ومنتجات الطاقة ناهيك عن التبادل التجاري الآخر، حيث أعطت الولايات المتحدة الأمريكية إعفاء من العقوبات لميناء تشابهار الواقع على بحر العرب القريب من الحدود الإيرانية الأفغانية وأن الوضع في أفغانستان مضطرب ولطهران دور في إمداد أفغانستان بالطاقة وهذا بالنتيجة يضر بمصالح الولايات المتحدة لوجود قواتها هناك وهو سبب مقنع ومنفذ آخر عدا العراق لتصدير النفط.

undefined

4- تركيا معتمدة على النفط والغاز الإيراني لذلك تجد تركيا تدافع عن سياسة طهران ولديها مواقف عده منها مالية كإنشاء بنك مشترك يتعامل بكل العملات عدا الدولار، وسياسية على لسان خارجيتها، وتجارية معروفة وصناعية أيضا.
5- يبلغ إجمالي صادرات النفط الخليجية حالياً، 15 مليون برميل في اليوم (5.9 ملايين من السعودية و3.4 ملايين من العراق و2.3 مليون من الكويت ومليونَين من الإمارات و0.25 مليون من قطر و0.20 من البحرين إضافةً إلى ما مجموعه مليون برميل يومياً من سوائل الغاز الطبيعي)، لكن خطوط الأنابيب لا تنقل سوى 7 ملايين برميل يومياً من هذا الإنتاج (4.8 ملايين من السعودية و1.5 مليون من الإمارات و0.7 مليون من العراق). أي من مجموع 15 مليون برميل تصدر بالأنابيب 7 مليون فقط بمعنى 8 مليون برميل تصدر من خلال الخليج فيعد تهديد مباشر عند قطع مضيق هرمز وهو تهديد مباشر لسوق النفط العالمي وأمريكا والدول المصدرة لا تجازف بهذه الأمور.

إن جاهزية العسكرية الإيرانية واجهزتها، حيث لديها القدرة في التدخل لعده دول عربية كلبنان والعراق وسوريا واليمن ومما يضر بمصالح أمريكا بتلك الدول وقادرة ايضا في إلحاق الضرر بالقوات العسكرية وقواعدها هناك ومن المنطق أن لا تخسر أمريكا حدائقها الخلفية. لهذه الأسباب وتعقيد المشهد وضبابية ما تطلبه أمريكا من إيران نجد أن الأمريكان سيتجهون نحو الجلوس مع طهران خاصة بعد انتهاء مدة الشهرين التي أعطتها إيران للدول الغربية وعدم ايفائها بتعاهدتها لمجال الطاقة النووية، مع الأخذ بالاعتبار أن التومان الإيراني فقد ثلثي قيمتة بالسوق وكذلك تعويل أمريكا على تفتيت المجتمع الإيراني من الداخل ودعم الحراكات الانفصالية وحركة مجاهدي خرق في فرنسا لكن من السابق لأوانه أن نشبه حال طهران بحال بغداد سنة 2003، خاصة وعلى راس السلطة الرئيس روحني ووزير خارجيته ظريف، اللذان يعدان من عباقرة وأسياد السياسة الخارجية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.