شعار قسم مدونات

هل يضغط الشارع الأمريكي على ترامب لمواجهة الأمريكافوبيا؟

blogs إسلاموفوبيا

سيضغط الشارع الأمريكي على الأرجح على الرئيس دونالد ترامب لاتخاذ إجراءات جديدة ضد حاملي السلاح بعد سلسلة الجرائم التي حدثت بالولايات المتحدة الأمريكية، وآخرها ما حدث اليوم في ولايتي تكساس وأوهايو حيث قتل العشرات وأصيب آخرون بينهم شيوخ وأطفال في هجومين بربريين وحشيين، يفسر إقدام المهاجمين على قتل الأبرياء دون تمييز، ويعطي تفسيرا لحالة الاحتقان الذي يعيشها المواطنون الأمريكيون، ففي كل مرة نسمع أن شخصا هاجم مدرسة أو مركزا تجاريا، أو مركزا ثقافيا، بدوافع انتقامية ثأرية بربرية لا صلة لها بالإسلام والمسلمين، سببها حالات الاكتئاب والقلق التي يعيشها المواطن الأمريكي.

  

وقد سبق لترامب أن سخِر من إجراءات قام بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حينما حاول أن يوجد تشريعا لتنظيم حمل السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية واعتبر ذلك ضربا من تقييد الحريات، ها هو اليوم أمام مشهد لا يُحسد عليه، فلا تكاد تمر على فترة حكمه سنوات، حتى قتل العشرات بفعل فاعل، وفي هجوم على مدرسة بساطور، وهجوم على مدرسة برشاش، وهجوم على حفل موسيقي، وهجوم في مركز تجاري، تتعدد الأماكن وتتنوع الأساليب والهدف واحد هو القتل العشوائي المتعمد مع سبق الإصرار، هذا القتل الذي بدأ ينمو بقوة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقدم صورة قاتمة عن الوضع الأمني هناك، ويفسر حالة الهلع التي عليها السكان في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يفسر أن الإرهاب غير مقتصر على المتطرفين الإسلاميين، بل هو موجود لدى الأمريكيين المسيحيين ولدى البوذيين ولدى الصهاينة المجرمين، وغيرهم في العالم، فهل يمكن أن يكون كل هؤلاء الذين أطلقوا النار على الأبرياء في أمريكا مجانين؟

  

نحن اليوم أمام فوبيا القتل في أمريكا الدولة العظمى في العالم، فوبيا القتل العشوائي والإرهاب الإجرامي، وعلى أمريكا أن تكف عن التفوه والترويج لفوبيا الإسلام أو الإسلاموفوبيا

لا يعقل أن يكونوا كلهم مجانين طبعا، بل نجزم بأنهم إرهابيون، ويطلق عليهم الصفة التي طالما ما نأى الأمريكيون بها أنفسهم وأبعدوها عن تسمية مثل هؤلاء بالإرهابيين وعدّهم مرضى نفسانيين تعرضوا لضغط نفسي أو ما شابه، ولعل هذا سبب مباشر وراء انتشار هذه الفوبيا في أوساط الشعب الأمريكي، وممارسة هذه الهواية الجميلة في نظرهم، القبيحة جدا في نظر العالم، فهم إرهابيون من الطراز الأول، لأن كل عناصر الجريمة متوفرة، من قصد القتل، وتوفير السلاح المناسب، والتركيز على الأماكن المكتظة بالسكان، وحبّ التجربة والتلذذ بالقيام بها، إنه الإرهاب بعينه، وطُمّه وطميمه، فلا يمكن أن ينكر ترامب ولا غيره هذه الجرائم التي تقع في أرضه وبين مواطنيه، ولا يمكن أن يفسر ذلك إلا بحالة الهيجان التي يعيشها البعض وحالة الاكتئاب الشديد من الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها أمريكا اليوم.

 

فترامب يواجه اليوم معضلة كبيرة وهو على أبواب انتخابات جديدة، إنها معضلة الجرائم الجماعية المتكررة في بلاده، والتحدي الأمني المتواصل والضاغط على حكومته حتى تتخذ تدابير جديدة للتصدي لمثل هذه المحاولات الإجرامية والإرهابية التي تقتل الأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال، فهل سيرضخ ترامب لحالة الضغط الشديد التي يمارسها أهالي الضحايا والمصابين؟، ويتخذ إجراءات وقوانين ويضبط حالة الانفلات الأمني في أكبر دولة في العالم، أم أنه سيبقى مصرّا على رأيه المتشدد في هذه القضية؟ إنها قضية رأي عام بعد حالات من العنصرية المقيتة والإرهاب الدولي الممنهج في الولايات المتحدة الأمريكية فلا الجدار مع المكسيك سوف يحميه، ولا خططه لتحجيم المسافرين المسلمين إلى بلده سوف تقيه، مما هو فيه، بل على الأرجح سيكون عرضة للمساءلة في الكونجرس الأمريكي الذي سيتدخل ليضغط هو الآخر على ترامب للموافقة على سن قانون تنظيم حمل السلاح داخل الولايات المتحدة الأمريكيةـ، وإذا أصر ترامب على موقفه الرافض لذلك فإنه يواجه احتمالات كبيرة لإقالته وعزله.

  

وأيا كانت تدابيره فنحن اليوم أمام فوبيا القتل في أمريكا الدولة العظمى في العالم، فوبيا القتل العشوائي والإرهاب الإجرامي، وعلى أمريكا أن تكف عن التفوه والترويج لفوبيا الإسلام أو الإسلاموفوبيا ولتتحدث عن فوبيا أمريكا أو الأمريكافوبيا، لأننا اليوم أمام مشهد مروّع وخطير يمكن أن ينتشر انتشار الهشيم، ونحن نخاف على أمريكا من أن تتحول ساحاتها إلى ساحات قتال ودماء وإرهاب متوحّش سببه رجال يحملون الفكر الترامبي الشعبوي المتطرف الإرهابي، والسياسات الترامبية والأمريكية تجاه الإسلام والمسلمين عموما، وكما قيل، كما تدين تدان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.