شعار قسم مدونات

ثم ماذا بعد التوقيع

blogs السودان

انتصرت إرادة الشعب السوداني الذي كابد المشاق وارتقت في شأن هذه الإرادة الشعبية شهداء بذلوا أرواحهم من أجل الحرية والسلام والعدالة والتغيير ومدنية الحكومة، ستواجه الحكومة الانتقالية القادمة العديد من التحديات والصعوبات التي تضعها على المحك وتضعها أمام اختبار حقيقي صعب هو محاولة إخراج السودان من أزمته الحالية وإعادة الاتزان والثقة للمواطن حتى يمارس نشاطه اليومي.

  

إن كل الفوضى التي خلفها النظام السابق ستكون على كاهل الحكومة الانتقالية لا شك أن هذه الفوضى شاملة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقد تضرر منها السودان كثيراً داخلياً وخارجياً وستكون للحكومة الانتقالية الوليدة أدوار مهمة في إعادة التعريف بالدولة السودانية الجديدة أمام كافة المحافل الإقليمية والدولية، ستكون الحكومة الانتقالية حكومة إدارية تدير عملية الانتقال السلمي للسلطة وإقامة انتخابات لذلك لابد أن تكون من كفاءات لديهم خبرة في إدارة البلاد سياسياً واقتصادياً مع التركيز على إحلال السلام والانتقال السلمي للسلطة وإدارة الانتخابات القادمة.

 

لذلك لابد أن تشكل الحكومة الانتقالية من قيادات سياسية لديها خبرة واسعة في العمل العام مع كفاءات وتكنوقراط ذات خبرات إدارية اقتصادية إذ المشكلة الأولى التي ستواجه الحكومة الانتقالية هي إدارة الاقتصاد السوداني وإخراجه من أزماته التي خلفها النظام السابق والتي لا تخفى على أحد ومدى صعوبة الوضع الذي تركه النظام السابق من تكدس في الديون وبيع الموارد الحية التي تساعد في نهضة الاقتصاد السوداني من مشاريع زراعية استراتيجية وغيرها من المشاريع.

   

   

هناك قيادات تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى يمكن أن تقود المرحلة الانتقالية بكل خبرتها السياسية وحنكتها في العمل العام قيادات لها تأثير واسع فكرياً وسياسياً واجتماعياً يجب أن يستفاد منها في هذه المرحلة بالذات وأعني هنا السيد الصادق المهدي الرجل له ما له من الحنكة والكفاءة ولا يجب أن ننظر له من نظرة حزبية لأنه الآن يمثل الثقل السياسي التاريخي يجب أن يستفاد منه في إدارة المرحلة القادمة.

  

أعتقد أنه من العقلانية أن ننظر للأمور بميزان الخبرة والتأثير فكل هذه الأمور يمثلها السيد الصادق المهدي لا يشك أحد أن هذه المرحلة صعبة وتحتاج كما قلنا لخبراء حتى يعاد اتزان الحياة وتوجيهها الاتجاه الصحيح وتمهد الطريق إلى الديمقراطية والتعددية بقيام انتخابات حرة ونزيهة، لا يجب أن ننظر النظرة الحزبية الضيقة يجب أن ننظر لمصلحة الوطن اولاً ثم من بعد ذلك في الانتخابات "الحشاش يملأ شبكتو" كما يقول السيد الصادق المهدي، وأهم من يظن أن الثورة قد انتهت على التوقيع وتكوين الحكومة المدنية الانتقالية بل الثورة مستمرة يجب أن تستمر في التعمير والبناء وإنشاء البنى التحتية وإعادة هيكلة المؤسسات التعليمية والتربوية ككل، كل ذلك يجب أن يقوده من المواطنين ذوي الخبرة الكافية والكفاءة التي يشهد لهم بها الجميع حتى يقودوا هذه الدولة الجديدة التي قامت على أنقاض ثورة مجيدة مقدسة لتؤسس للحرية والسلام والعدالة والتغيير .

 

إن انتصار إرادة الشعب الثورية يجب أن تكون درس حقيقي تستفيد منه الأجيال القادمة التي ساهمت في الحراك الثوري والتغيير لذلك كل تجاوز لهذه المكونات الأساسية في الحراك الثوري يعد أمر مجحف ولكن أيضاً وكما قلنا إن الخبرة في هذا الوقت من عمر الثورة والانتقال يحتاج إلى خبرة ودراية واسعة بأمر الحكم وإدارة البلاد فهناك كثير من أبناء الوطن من الكفاءات ليس بالضرورة أن يتم استبعادهم في هذه المرحلة بحجة الحزبية والتحزب ولكن يمكن ان نأخذ عليهم ميثاق أنهم سيخلعون حزبيتهم ويرتدون جلباب الوطن حتى قيام انتخابات حرة ونزيهة ومن بعد ذلك لهم أن يترشحوا من داخل احزابهم ككوادر حزبية لها ما لها من الدراية بأمر الحكم والإدارة السياسية للمرحلة وهذا ما يقود إلى جدلية الكفاءات الحزبية والغير حزبية وأيهما أهم في إدراة المرحلة القادمة التي تمتد لثلاث سنوات مناصفةً مع المجلس العسكري الذي يدير الدولة الآن .

 

لا شك أن الجميع سيقدم ما يستطيع تقديمه للنهوض بالدولة والحفاظ على سيادتها كدولة مستقلة ديمقراطية تتنسم عبق التغيير ولا شك أن للجميع هدف واحد هو الجنوح للدولة المدنية الديمقراطية الجديدة بعد عقود طويلة من الحكم الشمولي الديكتاتوري الذي جثم على صدر السودان من عهد الحكومات المتتابعة إلى آخر حكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشير وفترة الديمقراطية المتقطعة القليلة التي لم تدار بحنكة حتى يتم الحفاظ عليها في حينها بعد قيام كل ثورة تعقبها ديمقراطية تتسم بالضعف لقلة الخبرة ولقلة الحنكة السياسية عند الزين استلموا أمر مدنية وديمقراطية الحكم في ذلك الزمان .

 

الآن لا يجب أن نعيد تلك الأخطاء التي ربما تقود إلى حكم ديكتاتوري آخر وانقلاب آخر يجب أن تعطى الخبرات السياسية والاقتصادية الفرصة تقديم عصارة جهدها في إدارة شؤون الدولة حتى ننعم بحكم مدني ديمقراطي وإقامة دولة الحقوق والحريات دولة القانون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.