شعار قسم مدونات

هل سنشهد حرباً جديدة بين الهند وباكستان؟

blogs الهند وباكستان

تتزايد المناوشات بين طرفي الصراع الهندي والباكستاني، لكنّ الطرفين لم يخوضا حروباً كما كانت في السابق، فآسيا تشهد حجم دموية الحروب التي خاضها الطرفين الهندي والباكستاني سابقاً حيث خاضوا ثلاثة حروب، والآن تستمر المناوشات بين الحين والآخر، إلا أنها لمّ تصل إلى الحرب الكاملة، وهنا تختلف الآراء حول مستقبل هذا الصراع بين متفائل يجد أنّه من الصعب حدوث حربٍ، وبين متشائمٍ يرى بأن الحرب على الأبواب، فما هو أساس الصراع بين الهند وباكستان؟ ولماذا انتهت الحروب الكاملة بين الهند وباكستان؟ وكيف يبدو مُستقبل الصراع الهندي الباكستاني؟

بعد الصراع الديني العنيف الذي نتج عنه انفصال باكستان عن الهند، وما نتج عنه من هجرة كبيرة جداً من الطرفين. فهاجر الهندوسيون إلى الهند والمسلمون إلى باكستان، وحصل الطرفان على الاستقلال عام 1947. ومن هنا بدأ صراع حدودي جوهره "إقليم كشمير" حيث إن سكان هذا الإقليم ذات الأغلبية المسلمة كانوا يرغبون في الانضمام إلى باكستان؛ لهذا كانت باكستان تريد وتدعي أن لها الأحقية في هذا الإقليم، وفي المقابل كان حاكم البلاد هندوسي يميل للانضمام إلى الهند، وهذا بدوره أنتج صراعاً بين الطرفين للحصول على إقليم كشمير. فخاضت الهند وباكستان ثلاثة حروب، فكانت الحرب الأولى بعد استقلالهما مباشرة في عام 1947، أما الحرب الثانية فكانت في عام 1965، وكانت أخر حرب بينهم في عام 1971. بعد حرب عام 1971 بين الهند وباكستان، انتهت الحروب بينهما، لتستمر المناوشات السياسية والعسكرية البسيطة التي لمّ تصل للحرب حتى الآن، فما هو السبب؟

منذ امتلاك الطرفين للسلاح النووي، وقفت الحروب بينهم، واستمرت المناوشات السياسية والعسكرية التي تصاعدت بشكل كبير بعد امتلاكهم السلاح النووي، إلاّ أنّ جميع هذه المناوشات لمّ توصل الطرفان لخوض حرب بينهم

إن السبب الأساسي هو حصول الهند على السلاح النووي وتبعها حصول باكستان على السلاح النووي، وهنا حصل توازن في القوى النووية بين الطرفين، مع قدرتهم على الردع النووي، حيث امتلكت الهند السلاح النووي، ذلك لخلق قوى ردع من الخطر النووي الصيني، وباكستان امتلكت السلاح النووي؛ من أجل ردع الخطر الهندي، ومن هنا أصبح خوض حرب بينهم أمر صعب جداً، فخوض حرب يعني أنه قد يتم استخدام السلاح النووي، وهذا سوف يحدث كارثة للطرفين. تغيرت الاستراتيجية الهجومية والدفاعية لكلا الطرفين بعد ظهور السلاح النووي. فتغيرت النظرة لشنِ حرب من الطرفين، وهذا بدوره أوقف الحروب المباشرة، إلا أنّ الصراع بقيَ مستمراً حتى هذه اللحظة.

الآن يظهر تصاعد في توتر العلاقات الهندية الباكستانية بين الحين والآخر، ما بين تبادل الاتهامات ومناوشات عسكرية بسيطة، وصراع سياسي بينهم، وملاحقات دولية، هذا بدوره جعل الكثير من المحللين يتوقعون أن يتطور الصراع حتى يصل لحرب جديدة، فهل ستطور المناوشات وتحصل حربٌ رابعة بين الطرفين؟ بالرّغم من الوضع الراهن الذي يتصاعد التوتر فيه بين البلدين، فيظهر جلياً صعوبة التسوية بينهم، إلاّ أنّي لا أرى أن هناك حرباً ستكون بينهم، وذلك لأن الطرفين يتجنبان الحرب بل جميع الدول المحيطة، حيث إن الطرفين يمتلكان السلاح النووي، الذي سيكون مرجحاً بشكل كبير استخدام هذا السلاح في حال خوض حرب بينهم. فمنذ امتلاك الطرفين للسلاح النووي، وقفت الحروب بينهم، واستمرت المناوشات السياسية والعسكرية التي تصاعدت بشكل كبير بعد امتلاكهم السلاح النووي، إلاّ أنّ جميع هذه المناوشات لمّ توصل الطرفان لخوض حرب بينهم.

رغمّ المحاولات الدولية من أجل وضع حل لمشكلة كشمير ووقف الصراع الهندي الباكستاني إلاّ أنهم لمّ يستطيعوا حتى الآن حلَّ هذه القضية، بل أنّ الوضع يزداد سوءاً من بعد الحرب الأخيرة حتى الآن، فلا يوجد ثقة وتقبل من الجانبين من أجل التسوية، وتزداد التجاوزات من الطرفين اتجاه بعضهما، إلاّ أنني أؤكد أنه لنّ يكون هنالك حرب كاملة المعالم بينهم، برغمّ توقعي باستمرار المناوشات. إذاً يمكنني تقسيم الصراع الحدودي بين الهند وباكستان على مرحلتين أولاً: مرحلة ما قبل امتلاك الدولتين للسلاح النووي، وثانياً: بعد امتلاكهم السلاح النووي، فقبل امتلاك السلاح النووي كان يمتاز الصراع بالتدخل المباشر عن طريق الحروب، فخاضوا ثلاثة حروب عنيفة، أما بعد امتلاكهم للسلاح النووي لمّ يتجرأ الطرفان على إحداث حربٍ قد تكون كارثية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.