شعار قسم مدونات

هدية لكل مقبل على الزواج.. خلاصة تجربتي

blogs زواج

أحلام رومانسية ينسجها كل إنسان في خياله لفترة من أجمل فترات العمر كما يعتبرها البعض، كيف لا والتفكير لا ينقطع عن تلك اللحظة التي يلتقي فيها كل إنسان بشريك حياته، ذلك الشريك من الجنس الآخر الذي لطالما رغبنا بالقرب منه ونيل حبه واهتمامه، وتبادل المشاعر والعواطف غير المشروطة معه، لكنها لم تكن كذلك بالنسبة لي، لا لأنها خلت من تلك الأمور، بل على العكس كان كل ما فيها مثاليا، لكن الشعور بمدى خطورة هذه المرحلة قد طغى، فلعلها أهم مرحلة من مراحل الإنسان، يتحدد معها مصير حياته كاملا، إما لسعادة وتفاهم وانسجام، وأما لجحيم وتعاسة وخلاف، وهذا ما يغيب عن بال معظم الخاطبين، الذين تأخذهم عواطفهم ويكون همهم الأول الاستمتاع ونيل إعجاب شركائهم وإظهار أفضل ما عندهم، بدلا من محاولة استكشاف هذا الشريك وفهم نفسيته ومعرفة طباعه وطباع أهله، والتخطيط معه لحياتهما القادمة.

وهذا ما كان يشغل بالي باستمرار، ونال حيزا كبيرا من وقتي في محاولة للأخذ بأكبر قدر من الأسباب المتاحة بين يدي لضمان زواج ناجح وحياة سعيدة، فمنذ اليوم الأول لجأت لأصحاب الخبرة سواء من أرض الواقع أو من خلال الإنترنت عبر متابعة بعض الفيديوهات وقراءة بعض الكتب والمقالات، وقد كان بحثا مطولا وجهدا حثيثا أضع ملخصه بين يدي كل مقبل على الزواج أو حديث العهد بالزواج لعله يجد ما وجدته من أثر جلي في حياتي الزوجية على الرغم أنه لم يمض عليها سوى بضعة أشهر.

فور تأكدي من أنني اخترت الشخص المناسب، كان العمل جاريا على إعداد نفسي للمرحلة القادمة، وهي مرحلة الحياة الزوجية، إنني في صدد دخول إنسان في حياتي ليصبح شريكا لي في كل تفاصيلها بعد أن كنت بمفردي

وتبدأ المرحلة الأولى بالتأكد من ملاءمة هذا الشخص لي، ولا تلعب العاطفة وحدها دورا في ذلك، بل يجب مشاركة العقل، فحتى لو اطمأننت لهذا الشخص أو أعجبني شكله أو حتى كانت تربطني علاقة حب فيه، فلا بد من اختبار درجة ملائمة كل منا للآخر، ويكون ذلك على خمسة مستويات كما يوضحها الدكتور طارق الحبيب، استشاري الطب النفسي، وهذه المستويات هي المستوى الديني أو الروحي والمستوى الاجتماعي والمستوى العقلي أو النفسي والمستوى العاطفي والمستوى الجسدي، فكلما زادت درجة التقارب في هذه المستويات كلما كانت فرصة نجاح الزواج أكبر، وتجدون توضيحا أكثر لكل مستوى من هذه المستويات ضمن حلقات برنامج "أسرار" للدكتور طارق الحبيب.

وبغض النظر عن هذه المستويات، فهناك أمور لا بد من التأكد منها ومعرفتها حول الطرف الآخر، أهمها الالتزام الديني وعلى رأس ذلك الصلاة، وأهداف كل منا في الحياة، وعادات فد لا يرغب أحد الطرفين بوجودها في الآخر كالتدخين ونحوه، وشروط لا يمكن الاستغناء عنها كإكمال التعليم والعمل، والصفات التي يحبها كل منا والصفات التي يكرهها ولا يتحمل وجودها كالعناد والسلبية والغضب، كذلك المصارحة حول عيوب كل منا وميزاته، والمصارحة حول الحالة الصحية وسلامة الطرف الآخر من الأمراض التي قد تأثر على الزواج كالأمراض الجلدية أوالسكري أو الضعف الجنسي أو غيره، وهناك أمور أخرى يفضل الاتفاق عليها منذ البداية كإنجاب الأطفال، وطبيعة العلاقة مع الأهل والأصحاب.

وهناك جوانب قد لا نستطيع اكتشافها بالسؤال المباشر أو من خلال لقاء أو لقائين لكنها تظهر مع كثرة المواقف، لذلك يفضل أن تأخذ فترة الخطبة حقها دون مبالغة او نقصان، بأن لا تقل عن أربعة أشهر ولا تزيد عن سنة، ومن هذه الأمور تحديد طبيعة علاقة الفرد بالمال والكشف عن بخله من عدمه، وهو أمر مهم يجب التأكد منه خلال فترة الخطبة، وكذلك يمكن معرفة طريقة تعامل الفرد مع الجنس الآخر وخاصة الخطيب والاطمئنان حول معاملته لزوجته في المستقبل من خلال ملاحظه تعامله مع والدته وأخواته وزميلاته في العمل، ولا يحتاج ذلك لاختلاق مواقف أو اختبار ولكن مع وجود مدة خطبة جيدة ومع كثرة اللقاءات والفسحات وإن كانت مع الأهل، سيكون ذلك كفيلا لإبراز هذه الأمور.

فور تأكدي من أنني اخترت الشخص المناسب، كان العمل جاريا على إعداد نفسي للمرحلة القادمة، وهي مرحلة الحياة الزوجية، إنني في صدد دخول إنسان في حياتي ليصبح شريكا لي في كل تفاصيلها بعد أن كنت بمفردي و"شوري من رأسي" طوال سنوات عديدة، فكيف إذا كان هذا الإنسان من الجنس الآخر الذي ليس لي تجربة حول طريقه تفكيره أو التعامل معه، فلم تتعد حدود العلاقة معه سوى ما تطلبته ظروف الدراسة، وماذا عن المسؤوليات المترتبة عن الزواج وحقوق كل منا وواجباته؟ أم ماذا عن الجانب الجنسي والعلاقة الخاصة؟ أليس هو السبب الرئيسي الذي يدفع الشباب للزواج؟

كان كل هذا يحتاج لتثقيف وتعلُّم، ووجدت الفائدة الكبيرة في عدة مصادر، بدأت في أولها بمتابعة سلسلة الحلقات التي قدمها الدكتور محمد خير الشعال تحت مسمى "الدورة التأهيلية للحياة الزوجية"، تطرق فيها إلى عدة جوانب خاصة في المسألة الشرعية وحقوق كل من الزوجين وواجباتهما، لكنه لفت انتباهي في إحدى حلقاته لمعلومة مهمة، وهي أن أصعب سنة في الزواج هي السنة الأولى، ومعدل الاختلافات الطبيعي التي تظهر خلالها هو 100 اختلاف، أي أنه إذا ظهر كل يوم اختلاف واحد فإنك دون الحد الطبيعي وتتمتع بحياة زوجية ناجحة!

undefined

أما عن طبيعة الرجل وآلية تفكيره، فلم أجد استفادة أكثر من كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، يوضح الكاتب فيه الفرق الهائل بين تفكير الرجل وتفكير المرأة واختلاف تحليلهما للموقف الواحد، لدرجة صوّر أن كل منهما من كوكب مختلف، ولعل أهم ما جاء به وكرره هو مفهوم كهف الرجل وبئر المرأة، حيث بين أن الرجل عندما يتعرض لمشكلة أو ضغط معين، فإنه يلجأ لكهفه -على حد تعبيره- ويجعل كامل تركيزه ينصب على حل المشكلة مما يجعل شريكه يشعر بقلة الاهتمام وضياع الحب، أما المرأة فتمر عليها حالات تنزل فيها إلى بئر أحزانها وتسيطر عليها المشاعر السلبية والنكد، لكنها سرعان ما تستعيد عافيتها إن قدر شريكها ظرفها ووقف إلى جانبها واستمع لخواطرها، ولا تحتاج المرأة لأكثر من الاهتمام والاستماع لشكواها، ولا يحتاج الرجل لأكثر من التقدير والاحترام، وجوانب أخرى مهمة وضحها الكاتب في كتابه لكن المجال لا يسع لذكرها هنا لذا أنصح الجميع بقراءة هذا الكتاب.

وكتاب آخر لا يقل أهمية عن سابقه، بل أعتقد أنه أهم ما يجب أن يطلع عليه الشاب والفتاة قبل الزواج، ولو لم تخرج أيها القارئ من مقالي باستفادة سوى هذا الكتاب لكفى، وهو كتاب "ألف باء فراش الزوجية" من تأليف ثلة من علماء موقع إسلام أون لاين، جزاهم الله عنا خير جزاء، يختص بمعالجة جانب مهم من جوانب الحياة الزوجية والتي يخجل معظم الناس من الحديث حوله وهو الجانب الجنسي، ولن أسلط الضوء على معلومة مهمه فيه لأن كل ما فيه مهم بشكل حرفي، فنحن نعاني ضعفا كبيرا في هذا الجانب بسبب بيئاتنا المحافظة، وبدافع الحياء المذموم من وجهة نظري في هذه الحالات، حيث يرى الدكتور جاسم المطوع، الخبير الاجتماعي والتربوي، بأن معظم الخلافات الزوجية مردها لسرير النوم، والدكتور جاسم من الشخصيات التي أنصح بمتابعتها بشدة لما يقدمه من معلومات مهمة حول المسائل الزوجية والأسرية، ومن الشخصيات المهمة أيضا التي أنصح بمتابعتها هي الدكتورة هالة سمير وبرنامجها المتألق "بيوت منورة"، ولا زلت أستمع لحلقاتهما وأرشف من خبراتها حتى بعد الزواج، وأستغل انهماكي بأعمال المنزل في ذلك، ولهما قناتهما الخاصة على موقع يوتيوب، وكل ما ذكرته من مصادر متوفر في الإنترنت.

في النهاية، فقد انشغل تفكيري لفترة ليست بالقليلة حول أي الحالتين أصح، أن يكون شريكك مرآة لك يشبهك ويقاربك في الصفات، أم مختلفا عنك يكمل بعضكما الآخر، أعتقد أن بعد هذا المقال أصبحت الإجابة واضحة، فعلى الرغم بأن الحالات التي مرت علي معظمها من الصنف الثاني، لكن ليس هذا هو المهم، بل المهم أن يسعى كل شريك لدراسة شخصية شريكه ومعرفة صفاته وما يحب وما يكره ويعامله بناء على ذلك، وأخال حياتهم سعيدة إن هم فهموا ذلك ولو كان بينهم بعد المشرقين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.