شعار قسم مدونات

أما آنَ للأحرار إسقاط نظام السيسي؟!

blogs مصر

لقد قامتْ الثورة المصرية المباركة في 25 من يناير 2011 ضدّ الظلم والاستبداد والفقر والحرمان المتمثل في قيادة ذلك الظالم الرئيس المخلوع "محمد حسني مبارك" وحزبه الحاكم وأذرعه الفاسدة، نجح ثوار مصر بعد عقود من الاضطهاد والقهر أن يخلعوا فرعونهم الأصغر، فبعد تنحّي "مبارك" وزوال نظامه الفاسد (ظاهراً)، أشرقتْ شمس الحرية على ميدان التحرير، وعَلتْ أصوات التكبير تصاحبها زغردة الحرائر، ونهنهة الفرح الذي يرافقه البكاء في جميع أرجاء مصر العزيزة.

   

لم تسعد مصر وحدها بهذا النصر الشعبي السلمي الساحق، فو الله لم يبق شعب مسلم أو عربي إلا وفرح لفرح أهل مصر، ولاستعادتهم حريتهم المسلوبة بعد زمن طويل من الاستعباد، وزادت البهجة بهجة بإجراء أول ولاية لرئاسة الجمهورية في بلد عربية بشكل ديمقراطي (إن صحت التسمية) تخضع لإرادة شعبية نزيهة وشفّافة، عندها صاحتْ البلاد الإسلامية والعربية بأعلى صوتها تنشد: فازتْ مصر ورَبّ الكعبة!، ظفر المصريون الأبطال!، مصر حرّة يا ناس، مصر حرّة يا عالم!، عقبى لنا يا رب، عقبى لنا يا رب!

   

لم تطل تلك الفرحة الفريدة أكثر من سنة واحدة أو أقلّ، فقد استطاعت أجهزة الخيانة العالمية والعربية على تدبير مكيدة تقلب أفراح مصر إلى أتراح، وآمالهم إلى آلام، فقد سَمّنتْ عقرباً خبيثاً وجَوّعته، ثمّ أطلقت له العنان في الداخل بينما هي تدعم موقفه من الخارج، فقد أمرتْ المدعو "عبد الفتاح السيسي" بأن ينقلب على الرئيس "محمد مرسي"، فخرج ذلك العقرب الجائع من قمقمه، وإبرته تقطر بالسمّ، قائلاً: أنا هنا، أنا الفرعون الأكبر، أنا تلك الإدارة الحقيقية الخفية لإدارة "مبارك"، لقد أسقطتم الصورة فقط، أمّا الأصل فمازال قائماً.

 

الحقيقة أنّ "السيسي" هو الوجه الآخر "لمبارك" بل كثير من المصريين ترحموا على مبارك وأيامه، "فمبارك" رجل ظالم وفاسد، لكنّه لم يكن غبياً، أمّا "السيسي" بالنسبة "لمبارك" فهو رجل من أحمق وأخون ما أخرج التاريخ من حكّام

نعم لقد لدغت العقرب اليد التي مُدّت إليها فخانتها، فقد أخذ "السيسي" مكان صاحب تلك اليد الفضلى عليه، فعزله وسجنه وقتله، ولم يقتل "مرسي" فقط، بل قتل الحريّة معه، وقتل العدالة والكرامة والأمان والوفاء والفضيلة، لقد استطاع ذلك العقرب أن يقضي على أحلام شعب كاد أن يصل إلى مبتغاه، لولا لدغته اللئيمة، التي حولتْ آمال شعب مصر إلى سراب، وبلادهم إلى خراب، وحياتهم إلى جحيم.

 

لقد خان "عبد الفتاح السيسي" سيده بانقلابه الظالم، فسلب الحكم والسيادة بقوة خيانته وعسكره وأموال داعميه، لم يكن "السيسي" رجلاً وطنياً نزيهاً على الإطلاق، وهذا بإقرار القريب والبعيد والصاحب والعدو، فقد حوّل البلاد إلى سجن كبير للأحرار، فقتل الكلمة والرأي، وصادر الحقوق، وأعدم الثوار الحقيقين في ثورة يناير، ولاحق كل من قال له: لا، وأحال مصر إلى أسوء بلد من حيث المعيشة والأمان، وأطلق يد الفساد فيها، وتعامل مع أعداء الأمة الصهاينة، فقدم لهم مصر على طبق من ذهب مباحة لهم، بالإضافة إلى ذلك أنّه وقّع صكّ البراءة للمجرم "مبارك" وحاشيته، فماذا بقي من ثورة يناير ؟!

 

الحقيقة أنّ "السيسي" هو الوجه الآخر "لمبارك" بل كثير من المصريين ترحموا على مبارك وأيامه، "فمبارك" رجل ظالم وفاسد، لكنّه لم يكن غبياً، أمّا "السيسي" بالنسبة "لمبارك" فهو رجل من أحمق وأخون ما أخرج التاريخ من حكّام، فشعبه لا يحبه، واقتصاده بالويل، والحالة الاجتماعية في أسفل دركات الحضيض، والسياسية الخارجية صفر، إلا مع تلك الدول الداعمة لانقلابه، والعدو الحقيقي (الصهيوني) صَيّره حبيباً وجاراً وشريكاً، وقضيّة فلسطين باعها بصفقة القرن مع مُلهمته الإمارات، وعلاقته بالحكّام الطغاة المجرمين عال العال، وشعبه المظلوم أضحى في حالة اقتصادية يُرثى لها، والحقوق الإنسانية في بلده معدومة ونادرة ومحرمة، فماذا ربح الشعب المصري من ثورة يناير؟          

 

بعد كلّ ما ذكرنا من مُوبقات نظام "السيسي" البائس الفاسد، وكلّ هذه السنوات التي مضتْ والشعب يختبره أو يتغافل عنه، فهل يَهون على أبطال مصر الكرام الذين قاموا على المجرم "مبارك" وأسقطوه (علماً أنّ "مبارك" يُعدّ نقطة في بحر "السيسي" الخائن) أن يسكتوا ويستكينوا ويخضعوا لهذا المجرم الذي يعجز التاريخ أن يذكر له منقبة واحدة فعلها لأجل مصر، أو حسنة واحدة قام بها لشعب مصر، أو إيجابية واحد سعى بها لرفعة اسم مصر؟! أما آن لأهل مصر الذين قالوا للظلم: لا، أن يعيدوا الكَرّة مرة أخرى ويوقفوا الظالم عند حدّه؟! أم أنّهم ينتظرون حتى تسوء حال البلاد أكثر مما هي عليه الآن بفضل نظام المجرم "عبد الفتاح السيسي"؟!

  

ويقول الشاعر مناف بعاج: لو كان المتنبي حاضراً اليوم، وشهد ما يحدث في مصر لقال:

وكيف تُهدَرُ في مصـرٍ كرامتُنا     ***   ولا نثوبُ إلى الأرماح والقُضُبِ

وكيف لا ننتضي أسيافَ عزتِنا    ***   ونلهب الأرض بالأشعار والخطب

وكيف لا تبلغ الأجسام راحتَها     ***   وقد تعدّت مسافاتٍ من التعب

يا شعبَ مصرَ أما آن الأوانُ فقدْ  ***   تاهت قواربُنا في أبحُر العطَبِ

فانهض إلى العزِّ ضمِّدْ جرحَ أمتنِا  ***   وفجِّرِ الأرضَ بركاناً من الغضبِ

  

إنّ الشعب المصري البطل يتجهز اليوم ليقول كلمته، التي ينتظرها كلّ حر مصري وعربي ومسلم على أحرّ من الجمر وبفارغ الصبر، تلك الكلمة التي سيصدع بها النيل والهرم والصحراء والدلتا مُلبّين دعوة الشعب في عودة ثورة يناير إلى مسارها الأول قائلين: "الشعب يريد إسقاط النظام".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.