شعار قسم مدونات

هل البديل عن النظام الإيراني أفضل للمنطقة؟

blogs إيران

ارتفع منسوب التوتر في منطقة الخليج العربي بعد الهجمات التي تعرّضت لها منشآت أرامكو النفطية في المملكة العربية السعودية. ويأخذ هذا التوتر أبعاد دولية كون المملكة تُشكّل أكبر مصدّر للنفط في العالم، وأظهرت التقارير الأولية أن نصف الإنتاج السعودي توقّف وحوالي ٦٪؜ من الإمدادات الدولية أيضاً. وبسبب هذا التأثير الدولي، تسارعت الدعوات في العالم إلى ردّ جماعي على إيران، كونها المتهم الأول. وبغضّ النظر عن النفي الإيراني ومحاولة وضع الهجمات في سياق الحرب السعودية – اليمنية، فإن من الواضح أن هكذا توتير ما كان ليحصل لولا الضوء الأخضر الإيراني ولإعتبارات عديدة تبدأ من سلّة العقوبات الاقتصادية الأميركية القاسية على طهران وردود الفعل الإيرانية عليها ولا تنتهي بالمفاخرة التي أصبحت واضحة وجلية على لسان أكثر من مسؤول ضمن المحور الإيراني في المنطقة ومنهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن المنطقة ستشتعل في حال ضرب إيران كتأكيد فعلي على توحّد المحور وإرتباطه بإيران.

وذهبت بعض التقارير والتحاليل إلى القول بضرورة شن هجمات عسكرية في قلب إيران، وهي دعوات ليست بالأولى بل إن سيناريوهات الحرب على إيران موجودة بمعظمها في كبرى صحف العالم بغضّ النظر عن مدى واقعيتها وجديتها. لكن الحديث هنا هو عن الرؤية السياسية الاستراتيجية لمنظّري الحرب في المنطقة. والسؤال هو ماذا سيحصل بعد سقوط النظام الإسلامي في إيران؟! بالمعطيات العسكرية وكمقارنة مباشرة بين المحور الأميركي والمحور الإيراني، لا شك أن الأميركي متفوق بسنوات ضوئية، لكن يبقى قرار تغيير النظام وهو ما تنفيه واشنطن وبين ضربات مدروسة ومحدودة وتأديبية لتغيير سلوكه وهذا ما لا تخجل أميركا من البوح به.

البديل عن إيران الإسلامية، هو إيران ذات نظام مختلف لكن مع نفس الدور وربما مع فرص أكبر تتأمّن لها من علاقات متطورة مع الغرب وخصوصاً أميركا، ورأينا اختبار صغير لشكل هذه العلاقات في فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما

ولكن لو افترضنا أن الحرب إندلعت وتم تغيير النظام الإسلامي في إيران، وهو إحتمال غير وارد، لكن من باب الإفتراض، فما هو البديل؟ هل البديل سيكون أفضل استراتيجياً للمملكة العربية السعودية بالتحديد؟ مع الأخذ بالإعتبار كل هواجس ومخاوف المملكة الأمنية والعسكرية، لكن عليها أن تتحضر لسؤال إفتراضي كبير: ماذا بعد سقوط النظام الإسلامي في إيران؟ هذا السؤال يجب أن يخضع للعديد من الدراسات، والنظرة لإيران يجب أن تُدرس بطريقة متطورة وبأفق أوسع بعيداً عن بوقة المنظرين والإعلاميين الذين يعالجون القضايا السياسية في الخليج العربي بأسلوب مذهبي وعرقي. وإحتمالات البديل متعددة ومختلفة الأوجه والأشكال، ربما سيكون نظاماً شاهنشاهياً أو جمهوري مدني ووطني أو إسلامي إصلاحي بعيد عن ولاية الفقيه، وإحتمالات أخرى عديدة.

لكن يبقى هناك قاسم مشترك بين جميع أشكال هذه الأنظمة وهو إيران نفسها، ومجالها الحيوي ومداه. فليختر الخليج العربي ما شاء من الأنظمة، لكن هل يستطيع تغيير دور إيران وثقلها الاستراتيجي والسياسي في المنطقة ومدى مجالها الحيوي ومصالحها؟ قبل إيران الإسلامية كان هناك إيران الشاهنشاهية لكنها كانت شرطي الخليج. كانت اللاعب الأكبر في المنطقة وباقي دول الخليج خاضعون لتأثيرها، لأنه ببساطة يجب النظر إلى إيران كدور وثقل استراتيجي بغضّ النظر عن شكل النظام الحاكم فيها. إيران الشاهنشاهية لم يكن على جدول أعمال إمبراطوريتها فكرة تصدير الثورة لكنها كانت شرطي الخليج، ضابط أمني وعسكري وسياسي لمنطقة غنية بالثروات الطبيعية.

فالبديل عن إيران الإسلامية، هو إيران ذات نظام مختلف لكن مع نفس الدور وربما مع فرص أكبر تتأمّن لها من علاقات متطورة مع الغرب وخصوصاً أميركا، ورأينا اختبار صغير لشكل هذه العلاقات في فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. لذلك، على دول الخليج العربي تأسيس استراتيجية احتواء واستيعاب وحوار مع إيران بشكل ندّي، تكون منطلقاً لشراكة إقليمية في المنطقة تستفيد منها شعوب المنطقة، اقتصادياً وأمنياً. هذه الشراكة تتعزز عبر تراكم الثقة وتفهم الآخر. أما الحرب، فهي خيار انتحاري سيؤسّس لويلات إضافية، ويأتي ببديل أصعب على دول الخليج.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.