شعار قسم مدونات

ماذا ستخسر الجزائر في أزمة ليبيا؟

blogs ليبيا

الأزمة الليبية لازالت منذ سنوات مشتعلة والصراع يحتدم بين أطراف داخلية وخارجية، ليبيا كأي بلد فيه ثروات باطنية، تطمع فيه الدول القوية وهذا ما يعاني منه العالم، القوي يأكل الضعيف وكأننا في الجاهلية وحقيقة هي جاهلية ثانية. الجاهلية الثانية هو النظام العالمي الجديد الذي لا يعترف بشيء لا بالأخلاق ولا بالأعراف إلا بالمال والإعلام والقوة والنفوذ، ليبيا تشهد صراع عدة محاور وعدة دول أمريكا و إسرائيل من جهة والإمارات ومصر من جهة، وروسيا و تركيا وقبرص واليونان وإيطاليا من جهة.

  

تختلف أسباب تدخل كل دولة حسب نيتها، ويجتمع الجميع في الحفاظ على مصالحها بدرجات متفاوتة، تركيا أحست أن الأطراف المتنازعة أرادت إقصائها رغم أنها تشترك معها في البحر المتوسط وما خطواتها لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا الا لفرض شروطها على الطاولة، أما روسيا تريد أن تنازع النفوذ الأمريكي في المنطقة، أما مصر فيقول المحللون أنها ستكون الخاسر الأكبر من الصراع لأنها قد تفقد علاقات اقتصادية وأمنية مع إسرائيل ودول أوروبية إذا تدخلت تركيا لذلك نددت بالتدخل التركي في ليبيا واعتبرته غزوا لليبيا رغم وجود تخدلات أجنبية اخرى.

 

وإذا أردنا أن نصنف محاور الصراع في المنطقة يمكن أن نحدد 3 محاور:

المحور الأول: بدأته أمريكا وتنخرط فيه فرنسا، ايطاليا وقبرص واليونان ومصر والإمارات وهذا المحور يدعم حفتر رغم ما يشوبه بعض التنافض بين إيطاليا وفرنسا.

 

يرى متابعون أن أمريكا هي من غضت الطرف عن تركيا للتدخل في ليبيا بغية وقوع صدام تركي روسي وحينها تسحب أمريكا نفسها رابحة وهي تشاهد معركة بين ألد خصومها

المحور الثاني: روسيا وهي تدعم حفتر كذلك وتريد نفوذ جديد لها بالمنطقة، أمريكا تتعامل بوجهين في الدعم، في البداية كانت تدعم حفتر ثم تراجعت منذ مقتل سفيرها في بنغازي قبل سنوات، هذا التراجع فسح المجال لروسيا للتقدم أكثر بدعمها لحفتر عبر ميليشيات تابعة لشركة روسية طمعا منها لبناء قاعدة عسكرية لفرض نفوذها في المنطقة، هذه التصرفات الروسية دفع أمريكا لمراجعة تدخلها في ليبيا وأحست أن التغلغل الروسي في المنطقة قد يهددها فراحت تدعم حكومة الوفاق الليبية سياسيا.

 

المحور الثالث: وهو تركيا التي دخلت على الخط لأخذ حقها فسارعت في عقد اتفاقية أمنية مع الحكومة الليبية قبل أشهر ومن جهة ترى تركيا ان تشكل محور قوي في المنطقة تهديدا لها اقتصاديا وأمنيا. لكن حسب محللين أن المحور التركي هو الذي لا يشكل خطر على المنطقة ولا على ليبيا بحكم الأهداف التركية في توسيع علاقاتها العربية خاصة في شمال أفريقيا.

 

من زاوية أخرى يرى متابعون أن أمريكا هي من غضت الطرف عن تركيا للتدخل في ليبيا بغية وقوع صدام تركي روسي وحينها تسحب أمريكا نفسها رابحة وهي تشاهد معركة بين ألد خصومها لكن روسيا وأمريكا أقدر على حل مشاكلهما فيقول محللون أن الطرفين سيتفقان ليخرجا رابحين معا، فالطرفان يشتركان في ألا يمر الغاز إلى إسرائيل.

 

موقع الجزائر من الصراع

الجزائر معروفة بعقيدة سياستها الخارجية ألا تدخل أجنبي في الدول فهل ستحافظ عليه إذا تهدد أمنها؟ الجزائر عليها أن تلعب دور الوسيط لحل الأزمة بسرعة لأن أي تجاهل منها سيكلفها غاليا، لأنه إذا حدث صراع عسكري بين الدول المتصارعة سيشكل تهديدا حقيقيا للجزائر وتصبح عرضة لهجمات الميليشيات وستضطر الدول لاستخدام أمنها الجوي. الجزائر تقف مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا لأن تمكينها سيشكل استقرارا لليبيا ولأن حفتر مدعوم من دول أجنبية ولا تأتمن هذه الدول أن تغازل الجزائر في أمنها مستقبلا.

 

يبقى على الجزائر خيارين إما أن تُحل الأزمة سلميا وتدخل ليبيا في المسار الديمقراطي بدون تدخل أجنبي وإذا فشل الحل السلمي فعليها أن تختار أحد المحورين والذي يعتبر المحور التركي الأقرب إليها والآمن لمستقبلها أما تونس فما تخشاه هو نفس ما تخشاه الجزائر فهي تقف على الحياد رغم تصير وزير داخلية حكومة الوفاق أنه تم تشكل تحالف ليبي تركي جزائري تونسي، فكيف ترى مستقبل الأزمة؟ وكيف ستتصرف الجزائر؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.