شعار قسم مدونات

أسهل وسيلة للتشويه.. لماذا نحتاج حقا لإعادة تعريف "الإرهاب"؟

مدونات - 11 سبتمبر برج التجارة العالمي

الإرهاب هذا المصطلح الذي أصبح من أكثر المصطلحات انتشاراً وخطورة واستخداما بالعالم، بسبب سوء استخدامه ومدلولة الفضفاض وعجز المؤسسات الدولية والقطرية لإيجاد تعريف شامل وواضح له حتى اليوم، وبفضل عدم الوصول إلى تعريف واضح يحدده أولا، ويؤطر سلوكياته ثانياً، ثم بفضل استخدامه شعارا لحروب عالمية وإقليمية في حملات لقمع جماعات وحركات معارضة أو متمردة دينياً أو سياسياً تحت هذا المصطلح الفضفاض. هذا فضلاً عن استخدامه من قبل تلك الجماعات أيضا في تبنيه كبعد ديني من خلال النظرة النصوصية لآيات قرآنية. وفضلاً أيضا عن خروجه من دائرة ممارسة الفعل الإرهابي إلى أطر أشمل كالإرهاب الفكري والاجتماعي والسياسي وإرهاب الدولة.

وفي ظل ما سمي بحالة الصراع السرمدي بين الغرب والإسلام، أو كما يحلو للبعض تسميته بسنة المدافعة بين الحق والباطل. ظهر هذا المصطلح مرات عدة كان من أبرزها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. حين أطلق الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن حملته وأعلن عن حربه ضد الإرهاب وحشد لذلك حشدا عالميا ضم خلاله دولا إسلامية وذلك لمحاربة ما يسمى بتنظيم القاعدة الذي وسم بالإرهابي ونسبت إليه آنذاك أحداث سبتمبر. ومثلت تلك الحملة مفتاحا لدخول العراق وأفغانستان. تحت ذريعة محاربة الإرهاب الدولي.

عند دراستنا لمصطلح الإرهاب لابد وأن ندرسه كظاهرة تستحق الدراسة وإيجاد آلية لتفهم وضبط وإعادة تعريف مانع شامل مختصر تتحاكم إليه كل المجتمعات والمؤسسات الدولية

ثم اتسع نطاق الإرهاب. فظهرت جماعات وفروع جديدة. كتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وفي المغرب العربي. ثم لاحقا جماعة بوكو حرام النيجيرية. وأخيراً تنظيم الدولة الإسلامية أو ما سمي لاحقاً بـ (داعش) اختصارا. وبسبب ذلك تشكلت تحالفات إقليمية أخرى كالتحالف الروسي الإيراني السوري لمحاربة هذا التنظيم وضم العراق أيضاً، ثم التحالف الإسلامي بقيادة السعودية لمحاربة الإرهاب، وأسست مراكز لدراسات الإرهاب وعقدت مؤتمرات دولية وإقليمية لذلك. وظل هذا المصطلح دون تحديد. مما جعله مصطلحاً فضفاضاً يسمح للجميع باستخدامه وفق مصالحه أو في إطار سياسات أمنه القومي وبتطويع القوانين وتعديل الدساتير في ذلك، ليس هناك مشكلة.

وبناء على هذا المصطلح المجهول التعريف أكاديمياً ودولياً، ولو أخذنا السودان كنموذج ومع مجيء الإسلاميين إلى السلطة في السودان وإعلان السودان عن مشروعه الإسلامي العربي واحتضانه لأول مؤتمر له في عام 1993م وبروز شخصيات إسلامية وجهادية في هذا المؤتمر، وتزامناً مع استهداف سفارتها في نيروبي ودار السلام واستهداف موكب الرئيس المصري في أديس أبابا ووجود بعض قيادات تنظيم القاعدة في السودان كل هذه عوامل كان السبب في اتهام السودان برعاية الإرهاب الدولي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ثم فرض حظر سياسي وحصار اقتصادي وعزلة دبلوماسية إقلمية ودولية على السودان دام لسنوات، مما أضر بكثير من مصالحه طوال هذه السنوات وأرهق ميزانية الدولة بالديون الخارجي، وتحمل الشعب تبعات ذلك في نهاية المطاف.

وقطعاً تختلف وجهات النظر لطبيعة الصراع بين المجتمع الشرقي عموماً والغربي بشكل أخص، فمن ينطلقون من رؤى أيديولوجية عند التعاطي مع الإرهاب كمصطلح مجرد ينظرون للصراع بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية أو الغرب وإيران على أنه نموذجا للصراع بين الحق والباطل. أما من ينطلقون من رؤى استراتيجية وفق علم الاستراتيجيات عند التعاطي مع الإرهاب ينظرون له كنوع من الصراع الجيوبولتيكس للتمدد والتحكم في مصير تلك الدول.. فالواقع يشهد أن مشكلة الوسم بالإرهاب لا تنحصر على النموذج السوداني أو الإيراني فباتت ظاهرة الإرهاب فكراً وسلوكاً وتنظيما وممارسة من أكثر القضايا التي تؤرق المجتمع الدولي والدول والمجتمعات الإنسانية.

فلو نظرنا للإرهاب كظاهرة كهنوتية تفرزها الديانات فسنجد عبر تاريخ الكنيسة في أوروبا وما فعلته بعلماء المدرسة التجريبية، وما فعله بولس مع أتباع المسيح، ومع فعله الأرثوذكس مع نصارى الكاثوليك في مصر ونفيهم للأنبأ شنودة والتاريخ الدياني حافل بذلك. أما لو نظرنا إليه كظاهرة اجتماعية فهناك إرهاب الدولة وإرهاب المجتمع وإرهاب الفكر، وما فعله البيض من انتهاكات للأفارقة واستبداد بجنوب أفريقيا حتى ظهور حركات التحرر وقادة التحرر كنيلسون مانديلا وباتريس لومومبا وغوفان مبيكي وغاندي وغيرهم، وما فعلته أمريكا من إبادة 112 مليون نسمة من الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا كذلك ذلك يعد لوناً من الإرهاب وفق التصنيف الحالي. فبالتالي عند دراستنا لمصطلح الإرهاب لابد وأن ندرسه كظاهرة تستحق الدراسة وإيجاد آلية لتفهم وضبط وإعادة تعريف مانع شامل مختصر تتحاكم إليه كل المجتمعات والمؤسسات الدولية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.