شعار قسم مدونات

كيف نصغي إلى لحن الروح؟!

blogs تفكير

هل تعتقد أن ولادتك كانت بالصدفة؟ هل تعتقد أنه من قبيل الصدفة البحتة أن من بين ملايين الحيوانات المنوية التي تكاثفت من أجل إخصاب البويضة، لم يتبق سوى واحدة، لتعطي الحياة في نهاية المطاف لشخص هو أنت ذاتك اليوم؟

    

أنت ثمرة الخلق الإلهي.. لا يوجد أحد مثلك بالضبط على الأرض، لقد ولدت منفردا بخصوصية تمتلكها أنت وحدك في الحياة. أنت مثل اللون على لوحة الحياة. هل تحترم وحدتك وتفردك؟ هل يتلون وجودك بالظل الخاص بك؟ أم أنك تعيش في ظلالك دون وهج؟ هل تشعر أنك مشوه، لطيف أو ما سوى ذلك؟ هل نسيت من أنت حقا؟ لقد خلقت لتكون بذاتك هذه التجربة الفريدة للحياة على الأرض. مع اللحظات الصعبة، اللحظات السعيدة، الحياة، الموت، دورات الفصول.

   

في الأوركسترا، يلعب كل موسيقي دوره في أداء المقطوعة بحيث يكون الانسجام مثاليًا. لكن تخيل أن العديد منهم يقررون الخروج عن عمل الملحن للعب أي شيء. كيف ستكون النتيجة بالنسبة للأوركسترا، وكيف سيكون وقعها على مسمعك؟ بالتأكيد ستغادر قاعة الحفلة الموسيقية في أقرب وقت ممكن، إن هذا ما سيحدث لنا عندما نحيد عن لحن روحنا، عندما نبتعد عن طبيعتنا الحقيقية التي هي وئام ووفاق، فإن ذلك سيُسمَع لحنا نشازا في جميع أنحاء الكون.

 

هل هذا قبس من جنون أم عبقرية؟ الأمر كله وجهة نظر.. ففي لحظة من اللحظات يبدو اللحن الذي نعزفه مزيفًا لدرجة أن كياننا كله يصبح غير قادر على تحمله إلى حد نشعر فيه بالاشمئزاز

إذا كنت تجهد أذنيك وقلبك، فستعرف بالتأكيد ذلك النشاز الذي يطبع كل حياتك. إذا كنت صادقًا مع نفسك، فستعلم أن هناك جزءًا من حياتك يحيد عن اللحن الصحيح، أنت تلعب اللحن الخطأ عندما تجهل بدقة من أنت حقا، وأنت تشعر به، أليس كذلك؟ بالطبع، لا يمكنك أن تكذب على نفسك. إن البعض يعيشون يعيدا عن الانسجام طوال حياتهم. إن التنافر كبير لدرجة أنه لم يعد لديهم فكرة حول الوئام.

 

هل من المفترض أن تكون الحياة متناغمة؟ حسنا؟ بصراحة هذا سؤال أراه جديدا! أنا الذي أشاهد الأخبار كل يوم، يمكنني أن أخبرك أن الحياة على الأرض أبعد ما تكون عن التناغم، نعم هي كذلك بالفعل حينما يُنظر إليها من هذه الزاوية، لذلك هناك من لا يطرح السؤال لأنهم يعتقدون أن الحياة مثل هذا وأن هذا طبيعي. ثم هناك من يسألون أنفسهم: "ولكن بعد كل شيء، ما نراه على شاشة التلفزيون، ليست هي تلك الحياة؟ فهل هناك شيء آخر؟".

 

لقد بدأ هؤلاء الأشخاص يسألون أنفسهم بجدية وينظرون إلى مكان آخر، ويتخيلون شيئًا آخر، بل والأسوأ من ذلك أنهم يريدون العيش فيه..!

– ألديك علم بآخر خبر؟ لقد ترك ابن الحاج محسن زوجته وعمله ليذهب للعيش في أعماق "بيروفيا" !

– بيرو؟ أين موقعها؟

– في أمريكا الجنوبية، بالطبع..! حيث التقى بامرأة من البيرو..

"أوه..؟! يا لتعاسة والديه..!

– أجل سيدتي..! لا علم لهما بما حدث..! هما اللذان عانيا طيلة حياتهما من أجل تربية هذا الابن الوحيد.

 

هل هذا قبس من جنون أم عبقرية؟ الأمر كله وجهة نظر.. ففي لحظة من اللحظات يبدو اللحن الذي نعزفه مزيفًا لدرجة أن كياننا كله يصبح غير قادر على تحمله إلى حد نشعر فيه بالاشمئزاز. لذا فإن الإجراء الذي نتخذه بعد ذلك يصبح بعيدًا عن الحياة التي كانت لدينا حتى الآن والتي قد تبدو غير مفهومة للناس من حولنا، ومن ثمة تدعونا الحياة إلى اتخاذ مسارات لا يمكن أن نتخيلها أبدًا. في هذه الأوركسترا العظيمة التي هي الكون، لدينا جميعًا نصنا الموسيقي المكتوب للأداء. فما الأداة الأنسب لك؟ (ما الشكل الذي نستخدمه..؟) ما هو اللحن الذي ستؤديه من كل قلبك؟ (ما الذي يلهمك؟) أيهما أكثر استحسانا بالنسبة لك؟

 

في أعماق نفسك الاستماع إلى لحن روحك ..ذاك اللحن الذي يملؤك بالبهجة، الذي يجعلك واثقًا وهادئًا.. الحاضر دوما هنا الى جانبك، والذي ينتظرك حتى تصبح جاهزًا في النهاية لأدائه من أجل سعادتك الكبرى وسعادة الكون بأكمله..!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.