شعار قسم مدونات

إندونيسيا وجهة السياح الحلال

blogs إندونيسيا

السياحة تعد واحدة من أهم القطاعات التي تساهم بشكل مباشر في تحسين اقتصاد البلدان المسلمة حاليا، أصبحت غالبية الدول العربية والمسلمة تبحث عن وجهات سياحية تتميز بملامح الشريعة الإسلامية نسبة للضغوط التي يتعرضون لها السياح في الوجهات السياحية التي تتميز بمظهر الانفتاح والتبرج، وبالتأكيد وجود قطاع جديد من السياحة الشرعية من المتوقع أن يكون له تأثير كبير على زيادة الدخل ورفاهية المجتمع في البلد المستضيف، وقد يصبح مصدر اهتمام وفضول بالنسبة للكثيرين من جميع أنحاء العالم لاكتشاف ما يميزه عن بقية قطاعات السياحة الأخرى.

   

تعد السياحة الحلال جزءًا من صناعة السياحة التي تستهدف السياح المسلمين بصورة مباشرة، وتشير بعض الدراسات إلى أن السياحة الحلال هي السياحة التي تتماشى مع قيم ومفاهيم الإسلام ولا تخرج عن سياق القواعد الإسلامية العامة وتوفير خدمات يغلب عليها الطابع الشرعي. أحد الأمثلة على هذا النوع من الخدمات هو أن تعمل الفنادق على تقديم الطعام والمشروبات التي لا تحتوي على الكحول وأن يكون حمام السباحة وبقية المرافق الأخرى منفصلة للرجال والنساء.

    

إلى جانب الفنادق، يجب أن يساهم العاملين في صناعة السياح الحلال على توفير وسائل نقل فيها تسهيلات للسياح المسلمين لأداء العبادة أثناء رحلاتهم وتنقلاتهم حول اماكن الانشطة السياحية، مثل توفير مكان للصلاة على متن الطائرة، أو إخطار في شكل إعلانات أو دعوة للصلاة عندما يدخل وقت الصلاة بخلاف عدم تشغيل الموسيقى الصاخبة والفيديوهات التي تخدش الحياء العام.

  

تعتبر مقاطعتي آتشيه وغرب نوسا تينجارا (لومبوك) هما المقاطعتان الاكثر تطورا في تطبيق برنامج السياحة الحلال للسياح المسلمين والأجانب بشكل ملحوظ

إندونيسيا بلد به غالبية مسلمة. وفقًا لوكالة الإحصاء المركزية في عام 2019، كانت نسبة المسلمون في إندونيسيا حوالي 87.18٪، بينما الذين يعتنقون المسيحية (6.96٪) والكاثوليك (2.91٪) والهندوس (1.69) والبوذيين (0.72) والبقية يتبعون إلى ديانات اخرى (BPS، 2019 ). تستخدم اندونيسيا هذه النسبة العالية والإمكانية الضخمة لمواصلة السعي لتطوير حملتها التي اسمتها (السياحة الحلال)، وسيلعب الموقع الجغرافي الاستراتيجي لإندونيسيا بحكم وقوعها في جنوب شرق اسيا وامتلاكها لأكبر قوة بشرية مسلمة دورا محوريا في نجاح حملتها الترويجية للسياحة الحلال.

 

كما نعلم أيضا أن إندونيسيا تتمتع بمناخ استوائي يجعلها من اروع الدول من حيث الطقس المعتدل، لذلك يحتوي هذا البلد على مجموعة متنوعة من ثروات النباتات والحيوانات، بالإضافة إلى التنوع الثقافي الذي يميزها عن الدول الاخرى وطيبة الشعب الاندونيسي الذي يتميز بالابتسامة الترحيبية المشهورة. فكل هذا التنوع سوف يجعل إندونيسيا لديها فرص وإمكانيات كبيرة لكي تصبح الوجهة السياحية المفضلة للسياح العرب والمسلمين. ويمكنا تقسيم المنتجات السياحية المقدمة من اندونيسيا إلى ثلاثة فئات هي السياحة الطبيعية والسياحة الثقافية والسياحة الاصطناعية.

 

وفي محاولة جادة منها لتطوير السياحة الحلال، عملت إندونيسيا على زيادة وجود الفنادق الإسلامية حول الوجهات السياحية. وفي إطار محاولتها لتنفيذ هذا المشروع القيم، قامت الحكومة من خلال لائحة وزير السياحة والاقتصاد الإبداعي في إندونيسيا بنشر وتوزيع مبادئ توجيهية في شكل بيان وملصقات للفنادق الإسلامية من أجل تنفيذ برنامج الحكومة في نشر حملة السياحة الحلال، فتم وضع الدباجة التي استخرجها مجلس علماء اندونيسيا والتي كتب عليها عبارة (حلال) على واجهة المشروبات، المأكولات، وبقية الأدوات الأخرى، وبذلك أصبحت تتوفر الأطعمة والمشروبات التي تتضمن كلمة حلال للسياح المسلمين. في حين يمكن للسياح غير المسلمين أيضا أن يتنولوا هذه الأطعمة والمشروبات لا نها لا تحتوي على مواد ضارة بالجسم. في عام 2018، كان هنالك حوالي 57 فندق شريعة معتمد دباجة حلال و150 فندق نحو عملية التطبيق، هناك 2916 مطعم حلال حول الوجهات السياحية و303 منهم معتمد دباجة حلال، و1800 يستعدون للحصول عليها.

  

تعتبر مقاطعتي آتشيه وغرب نوسا تينجارا (لومبوك) هما المقاطعتان الاكثر تطورا في تطبيق برنامج السياحة الحلال للسياح المسلمين والأجانب بشكل ملحوظ. اتشيه، التي يطلق عليها اسم شرفة مكة، لديها ثقافة إسلامية متماسكة وقوية جدا مقارنة مع المناطق الأخرى في اندونيسيا. يمكن ملاحظة ذلك من خلال تطبيق الأنظمة القائمة على الشريعة والتي أصبحت جزءًا من نمط الحياة اليومية للناس هناك. تستهدفها وزارة السياحة الإندونيسية اتشيه ولومبوك كوجهتان رئيسيتان لترويج السياح الحلال في إندونيسيا.

  

وفي إطار مساعيها الحثيثة لترويج السياحة الحلال عالميا شاركت إندونيسيا في برنامج World Halal Tourism والذي عقد في أبو ظبي عام 2016. فازت إندونيسيا بـ 12 جائزة من إجمالي 16 جائزة. ووجدت إندونيسيا اشادة ودعم معنوي ومادي من جيع المكونات والجهات التي تعمل في مجال ترويج وتوفير السياحة الحلال. ومع ذلك، هناك حاجة إلى بذل الكثير من الجهود لتطوير السياحة الحلال في إندونيسيا، نظرًا لاستمرار انتشار ظاهرة لعب الميسر وأماكن الدعارة والمراقص والمبيعات الكحولية والأنشطة التي لا تتماشى مع الشريعة حول الوجهات السياحية الرئيسية بالبلد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.