شعار قسم مدونات

في زمن الكورونا.. كيف يبدو التعليم الإلكتروني في العالم العربي؟

blogs التعليم الإلكتروني

التعليم الإلكتروني أو التعليم عن بعد باستخدام الإنترنت لا يبدو أمراً حديثاً. فمنذ نشأت الإنترنت وتطورها السريع في تسعينيات القرن المنصرم بدأت الكثير من المحاولات الحثيثة من أجل استخدام الشبكة العنكبوتية الجديدة لتحديث أساليب التعليم. فقد بدأت المؤسسات البحثية والمجلات العلمية بنشر الأبحاث والكتب والدراسات وغيرها عبر الإنترنت لتصبح سهلة الوصول للباحثين والطلاب.

وبعد الانتقال إلى عصر الأجهزة الذكية واللوحية وشبكات الجيل الثالث والرابع وتحسن شبكة الإنترنت وازدياد السرعات بدأت الرغبة في الانتقال إلى طور جديد من التعليم الإلكتروني حيث بدأ الكثيرون بنشر دروس عبر اليوتيوب إما مجاناً أو من أجل التربح من الإعلانات، ومن ثم بدأ عقد الكثير من المؤتمرات العالمية إلكترونياً دون الحاجة للسفر عبر تقنية الفيديو عن بُعد. كما انتشرت مؤخراً أكاديميات للتعليم عن بعد مثل أكاديمية خان ويوديمي ويوداسيتي وكورسيرا وغيرها. بعض هذه المواقع تقدم خدمات مدفوعة والبعض الآخر يتربح عبر الإعلانات أو يقدم خدمة مجانية ويعتمد على التبرعات من المستفيدين.

تمثل خدمات الإنترنت في عالمنا العربي عنق الزجاجة في تقديم خدمات التعليم الإلكتروني خاصة في هذه الفترة التي يجب علينا فيها البقاء في منازلنا لمنع انتشار وباء كوفيد-19. فسرعات الإنترنت ليست عالية وربما الخدمات ليست متوفرة في بعض المناطق

وهناك الكثير من التطبيقات لغرف الصف الدراسي عن بعد لمنتسبي المدارس والجامعات ومنها غرفة الصف لغوغل (Google Classrooms) وخدمة فِرق مايكروسوفت (Microsoft Teams) وهناك تطبيقات أخرى يمكن استخدامها لمجموعات من الطلاب مثل غوتوميتنغ (gotomeeting) وويبيكس (webex). بعض هذه التطبيقات مجاني وبعضها خدمة مدفوعة وبهذا يبدو أنه من الناحية التقنية يمكن استخدام الكثير من التطبيقات من أجل نجاح خدمات التعليم الإلكتروني في عالمنا العربي. ولكن هل سرعات وخدمات الإنترنت المتوفرة تستطيع حمل هذا الكم الهائل من عمليات نقل الصوت والفيديو والمشاركات التفاعلية الآنية؟

الكثير من الجامعات العربية بدأت منذ فترة في تقديم خدمات التعليم الإلكتروني مثل بوابة التعلم الإلكتروني لجامعة اﻷمير سطام بن عبدالعزيز، كما يقدم معهد الجزيرة للإعلام خدمات التعليم الإلكتروني والالتحاق بالعديد من الدورات عن بعد. لكن تبدو هذه المبادرات العربية خجولة أمام التطور الهائل في التعليم الإلكتروني خاصةً لطلبة المدارس. فثقافة الدراسة عن بعد أو حضور الدورات التدريبية أو التعليمية عن بعد ليست منتشرة بالمستوى المطلوب في عالمنا العربي.

تمثل خدمات الإنترنت في عالمنا العربي عنق الزجاجة في تقديم خدمات التعليم الإلكتروني خاصة في هذه الفترة التي يجب علينا فيها البقاء في منازلنا لمنع انتشار وباء كوفيد-19. فسرعات الإنترنت ليست عالية وربما الخدمات ليست متوفرة في بعض المناطق بسرعات مقبولة. وربما مزودي خدمات الإنترنت في الكثير من البلدان العربية لا يقدمون بنية تحتية محلية لتوفير خدمات التعليم الإلكتروني التي تقلل من استخدام العمود الفقري الدولي للإنترنت. ومع الزيادة الكبيرة في استخدام شبكة الإنترنت خاصة وأننا في المنازل فلربما قام أو سيقوم مزودو خدمات الإنترنت في عالمنا العربي بالتالي:
– إعطاء الأولوية في السرعة وإعطاء مساحة خاصة لخدمات التعليم الإلكتروني على الشبكات المحلية لتحفيز التعليم الإلكتروني وتقديم خدمة أفضل بدون تقطيع أو رداءة في الأداء.
– إنشاء بنية تحتية محلية من أجل التوفير في استهلاك العمود الفقري الدولي للإنترنت.

كما أن هناك واجب يجب أن تقوم به وزارات التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية لخلق بيئة قادرة على التعلّم إلكترونياً عبر:
– تقديم إرشادات للمؤسسات التعليمة في كيفية القيام بالعملية التعليمية عن بعد إلكترونياً.
– القيام بحملات إعلامية للطلاب في كيفية التَّعلم الإلكتروني والاستجابة للواجبات المدرسية.

معظم المحتوى في الأكاديميات الموجودة على الإنترنت هو باللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية ولا يوجد الكثير من المحتوى التعليمي العربي متاح حالياً عبر الإنترنت. الكثير من أبناءنا في عالمنا العربي خسر أشهُراً وربما سنوات من التعليم بسبب الحروب وفقر الخدمات التعليمية، ربما كان هذا الوباء محفزاً لتحسين خدمات التعليم الإلكتروني والمحتوى التعليمي العربي على الشبكة العنكبوتية حيث أن المحتوى إذا تم تسجيله في فيديوهات ونشره على يوتيوب أو غيرها ربما يستفيد منه الطلاب الناطقين بالعربية في أماكن مختلفة من العالم. لا يبدو الموضوع سهلاً فتحويل محتوى المحاضرات المدرسية إلى صيغة إلكترونية يحتاج إلى عقد بعض الدورات الإرشادية والتدريبية. ولكم ما أن تنتشر ثقافة التعليم الإلكتروني ستصبح مفتاح غزارة الإنتاجية التعليمية بلغتنا العربية على الإنترنت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.