شعار قسم مدونات

الاقراض الدولي فايروس يهدد العراق!

blogs العراق

تستغل الدول الكبرى ذات السيادة الاقتصادية والعسكرية في استغلال الأزمات والكوارث الطبيعية والبيولوجية من خلال فرض سيطرتها على الدول النامية ذات الدخل القومي المنخفض بتقديم القروض والمساعدات بفوائد وشروط مقيتة تجعل من الدول الفقيرة أسيرة بالديون المتراكمة للدول الكبرى والشركات العملاقة والبنوك المملوكة للأسر الثرية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، تلك الحجج الواهية التي تستخدمها من أجل خداع الشعوب بالتنمية والقضاء على الفقر كما هو شعار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي The World Bank الذي يعتمد الاقراض للدول التي يعاني شعبها من أجل البقاء كما هي دول قارة أفريقيا وقسم من دول آسيا التي تعتاش على المنح والمساعدات مقابل سكوتها على الهيمنة الامبريالية الاقتصادية على العالم من خلال سيطرتها على السياسات المالية والنقدية لتلك الدول.

  

الحرب العراقية الإيرانية وفخ الديون

لم يسلم بلدي العراق من الوقوع بفخ الديون والمؤامرات الدولية ضده منذ توريطه من خلال الحكم الهمجي لدكتاتورية الحكم الصدامي بالحرب ضد ايران من سبتمبر1980م حتى أغسطس 1988م والتي راح ضحيتها نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، دامت الحرب ثماني سنوات لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، حيث بلغ ديون العراق الخارجية بعد الحرب تقدر بـ72 مليار دولار وكانت بداية الانهيار الاقتصادي للعراق!

 

إشعال حرب الكويت للسيطرة على النفط

لم تنتهي الديون ولم تنتهي صنع الازمات والحروب من قبل الدول والشركات المستفيدة من تجارة الحروب حتى اوقعت العراق بحرب ثانية بتخطيط أمريكي – إسرائيلي الغرض منه السيطرة على المواقع الإستراتيجية للنفط في الخليج العرابي مما أوقعت العراق في حصار دموي ومجاعة شعب أنهكته الحروب وكان ضحية للسياسات الاقتصادية لتلك الدول الاستعمارية، بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 986، لعام 1995؛ جاءت الأمم المتحدة – الأخطبوط الاستعماري للقروض حول العالم – المسمى برنامج النفط مقابل الغذاء Oil for Food Program. وهو برنامج يسمح للعراق بتصدير جزء محدد من نفطه، ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية لشعبه ليس كرماً لهذا الشعب بل طمعاً بذهبة الاسود ونتيجة هذا الحرب ظل العراق بعد عام 2003م يدفع 52 مليار كتعويضات للكويت.

 

الاحتلال الاقتصادي للعراق!

لم تنتهي تلك الدول الاستعمارية من تحطيم العراق بزجه في الحروب واثقاله بالديون حتى اتفقت على تدميره بشكل كامل ولكن هذه المرة بعنوان "تحرير العراق من الدكتاتورية" فغزت العراق في 19 آذار/مارس 2003م بقيادة أمريكية – بريطانية لتفرض سيطرتها الاقتصادية من خلال التدخل العسكري وهو "عامل القوة" التي تستخدمه من أجل الهيمنة الاقتصادية على العالم، وراحت الشركات الأجنبية التابعة لتلك الدول بحجة الاستثمار بالسيطرة على كل المواقع الاستراتيجية والآبار النفطية ونهب خيرات هذا الشعب المسكين.

   undefined

    

فايروس الديون بحجة "إعادة إعمار العراق"

لم يغيب كابوس الديون عن العراق بل تم صياغته بعنوان "إعادة إعمار العراق" من خلال النهوض بالقطاعات الحيوية وإنشاء محطات الكهرباء وكل البنى التحتية للبلاد بعدما دمرته بشكل كامل وكل ذلك كان كذب وافتراء على العراق وشعبه فلم يشهد ولم يلمس ذلك الاعمار حتى يومنا هذا، حيث قاموا في عام 2006م باقتراض 4.7 مليار دولار لأغراض تجارية ومشاريع بنى تحتية وهمية كانت حبراً على ورق في وقت كان هناك 5 مليون مواطن عراقي تحت خط الفقر!

 

فساد الساسة وأزمة داعش "غطاء الديون الجديد"..

ابتلى العراق بطغمة سياسية فاسدة كانت تعتاش على المساعدات خارج البلاد قبل احتلال العراق فلم يصدقوا بسقوط صدام حتى جاءوا ليكملوا ما بدأ به ويحققوا "المشروع الاستعماري الاقتصادي" وراحوا كالكلاب الجائعة بلعق "العظام المتبقية من جسد العراق بعدما أكل لحمه دول الاستعمار" ونسوا شعبه المسكين، لم يتعافى العراق وما زال يصارع شعب الجوع والالم ونقص الخدمات حتى خلقوا ازمة داعش بعنوان جديد وبراق "محاربة الإرهاب وحماية الامن القومي" هنا جاء دور تجار الأسلحة ومن يعتاش على الحروب من الشركات الاجنبية التابعة للدول الاستعمارية بإدخال هذا البلد بدوامة جديدة من الديون وبحسب صندوق "النهب" الدولي فإن ديون العراق وصلت إلى 73.1 مليار دولار، وارتفعت في العام 2014 إلى 75.2 مليار دولار، وفي العام 2015 أصبحت 98.0 مليار دولار، فيما كانت قبل عامين 114.6 مليار دولار، لترتفع في العام 2017 إلى 122.9 مليار دولار!

 

أزمة كورونا والكساد العالمي ودور أصحاب البنوك !

صناع الأزمات وتجار الحروب في استغلال الشعوب بالقروض ذات الفوائد الربحية هو الهدف الوحيد الذي يخططون له فلا مفر للعراق بالهروب من انخفاض أسعار النفط وبسوء إداري وفساد "صبيان السلطة" وعدم استغلال خيرات البلاد والنهوض بالقطاع الصناعي والزراعي واستغلال واردات القطاع النفطي الذي أوقعهم بفخ ديون البنك الدولي وشروطه التي تصر على حرية التجارة وتخفيض التعريف الجمركي الذي جعل العراق سوق للسلع والخدمات الرخيصة للدول الصناعية الكبرى، وبعد كل ما ذكرناه هل سيقوم العراق بالاقتراض مرة أخرى وهو يمر بالأزمات (كورونا او انخفاض اسعار النفط عجز الميزانية الديون الداخلية الخارجية الفراغ الحكومي تظاهرات وساحات اعتصام) أم سيتبع سياسة أخرى تحل دون الوقوع بالفايروس الاقراض الدولي المقيت المسبب الرئيسي الأول بانهيار الاقتصاد العراقي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.